عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي بُكَائِهِ وَذَكَرَ خَطِيئَتَهُ : " وَيْحِي بِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ أَعْصِ رَبِّي ، وَيْحِي إِنَّمَا عَصَيْتُهُ بِنِعْمَتِهِ عِنْدِي ، وَيْحِي مِنْ خَطِيئَةٍ ذَهَبَتْ شَهْوَتُهَا ، وَبَقِيَتْ تَبِعَتُهَا عِنْدِي ، فِي كِتَابٍ كَتَبَهُ كُتَّابٌ لَمْ يَغِيبُوا عَنِّي ، وَاسَوْأَتَاهُ لَمْ أَسْتَحْيِهِمْ ، وَلَمْ أُرَاقِبْ رَبِّي ، وَيْحِي نَسِيتُ مَا لَمْ يَنْسَوْا مِنِّي ، وَيْحِي غَفَلْتُ وَلَمْ يَغْفُلُوا عَنِّي ، وَلَمْ أَسْتَحْيِهِمْ ، وَلَمْ أُرَاقِبْ ، وَاسَوْأَتَاهُ ، وَيْحِي ، حَفِظُوا مَا ضَيَّعْتُ مِنِّي ، وَيْحِي طَاوَعْتُ نَفْسِي وَهِيَ لَا تُطَاوِعْنِي ، وَيْحِي ، طَاوَعْتُهَا فِيمَا يَضُرُّهَا وَيَضُرُّنِي ، وَيْحَهَا أَلَا تُطَاوِعُنِي فِيمَا يَنْفَعُهَا وَيَنْفَعُنِي ، أُرِيدُ إِصْلَاحَهَا وَتُرِيدُ أَنْ تُفْسِدَنِي ، وَيْحَهَا إِنِّي لَأُنْصِفُهَا وَمَا تُنْصِفُنِي ، أَدْعُوهَا لِأُرْشِدَهَا وَتَدْعُونِي لِتُغْوِيَنِي ، وَيْحَهَا إِنَّهَا لَعَدُوٌّ لَوْ أَنْزَلْتُهُ تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ مِنِّي ، وَيْحَهَا تُرِيدُ الْيَوْمَ أَنْ تُرْدِيَنِي وَغَدًا تُخَاصِمَنِي . رَبِّ لَا تُسَلِّطْهَا عَلَى ذَلِكَ مِنِّي ، رَبِّ إِنَّ نَفْسِيَ لَمْ تَرْحَمْنِي فَارْحَمْنِي ، رَبِّ إِنِّي أَعْذُرُهَا وَلَا تَعْذُرُنِي ، إِنَّهُ إِنْ يَكُ خَيْرًا أَخْذُلْهَا وَتَخْذُلْنِي ، وَإِنْ يَكُ شَرًّا أُحِبُّهَا وَتُحِبُّنِي ، رَبِّ فَعَافِنِي مِنْهَا وَعَافِهَا مِنِّي حَتَّى لَا أَظْلِمَهَا وَلَا تَظْلِمَنِي ، وَأَصْلِحْنِي لَهَا وَأَصْلِحْهَا لِي ، فَلَا أُهْلِكُهَا وَلَا تُهْلِكُنِي ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَيْهَا وَلَا تَكِلْهَا إِلَيَّ . وَيْحِي كَيْفَ أَفِرُّ مِنَ الْمَوْتِ وَقَدْ وُكِّلَ بِي ؟ وَيْحِي كَيْفَ أَنْسَاهُ وَلَا يَنْسَانِي ؟ وَيْحِي إِنَّهُ يَقُصُّ أَثَرِي ، فَإِنْ فَرَرْتُ لَقِيَنِي ، وَإِنْ أَقَمْتُ أَدْرَكَنِي . وَيْحِي هَلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ أَظَلَّنِي فَمَسَّانِي وَصَبَّحَنِي أَوْ طَرَقَنِي فَبَغَتَنِي ، وَيْحِي أَزْعُمُ أَنَّ خَطِيئَتِيَ قَدِ أَقْرَحَتْ قَلْبِي وَلَا يَتَجَافَى جَنْبِي ، وَلَا تَدْمَعُ عَيْنِي ، وَلَا تَسْهَرُ لِي ، وَيْحِي كَيْفَ أَنَامُ عَلَى مِثْلِهَا لِيَلِي ، وَيْحِي هَلْ يَنَامُ عَلَى مِثْلِهَا مِثْلِي ؟ وَيْحِي لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا الصِّدْقُ مِنِّي ، بَلْ وَيْلِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي . وَيْحِي كَيْفَ لَا تُوهَنُ قُوَّتِي ، وَلَا تَعْطَشُ هَامَتِي ؟ بَلْ وَيْلِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي ، وَيْحِي كَيْفَ لَا أَنْشَطُ فِيمَا يُطْفِئُهَا عَنِّي ، بَلْ وَيْلِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي ، وَيْحِي كَيْفَ لَا يُذْهِبُ ذِكْرُ خَطِيئَتِي كَسَلِي ، وَلَا يَبْعَثُنِي إِلَى مَا يُذْهِبُهَا عَنِّي ؟ بَلْ وَيْلِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي ، وَيْحِي كَيْفَ تَنْكَأَ قَرْحَتِي مَا تَكْسِبُ يَدِي ، وَيْحَ نَفْسِي ، بَلْ وَيْلِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي ، وَيْحِي أَلَا تَنْهَانِي الْأُولَى مِنْ خَطِيئَتِي عَنِ الْآخِرَةِ ، وَلَا تُذَكِّرُنِي الْآخِرَةُ مِنْ خَطِيئَتِي بِسُوءِ مَا رَكِبْتُ مِنَ الْأُولَى فَوَيْلِي ثُمَّ وَيْلِي إِنْ لَمْ يتِمَّ عَفُوُّ رَبِّي ، وَيْحِي لَقَدْ كَانَ لِي فِيمَا اسْتَوْعَبْتُ مِنْ لِسَانِي وَسَمْعِي وَقَلْبِي وَبَصَرِي اشْتِغَالٌ ، فَوَيْلٌ لِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي ، وَيْحِي إِنْ حُجِبْتُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ رَبِّي لَمْ يُزَكِّنِي ، وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيَّ ، وَلَمْ يُكَلِّمْنِي ، فَأَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِ رَبِّي مِنْ خَطِيئَتِي ، وَأَعُوذُ بِهِ أَنْ أُعْطَى كِتَابِي بِشِمَالِي ، أَوْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي ، فَيَسَوَّدَ بِهِ وَجْهِي ، وَتَزَرَّقَ بِهِ مَعَ الْعَمَى عَيْنِي . بَلْ وَيْلِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي . وَيْحِي بِأَيِّ شَيْءٍ أسْتَقْبِلُ رَبِّي ؟ بِلِسَانِي ، أَمْ بِيَدِي ، أَمْ بِسَمْعِي ، أَمْ بِقَلْبِي ، أَمْ بِبَصَرِي ؟ . فَفِي كُلِّ هَذَا لَهُ الْحُجَّةُ وَالطُّلْبَةُ عِنْدِي ، وَيْلٌ لِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي ، كَيْفَ لَا يَشْغَلُنِي ذِكْرُ خَطِيئَتِي عَمَّا لَا يَعْنِينِي ؟ وَيْحَكِ يَا نَفْسُ ، مَالَكِ تَنْسِينَ مَا لَا يُنْسَى ، وَقَدْ أَتَيْتِ مَا لَا يُؤْتَى ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدَ رَبِّكِ يُحْصَى ، كِتَابٌ لَا يَبِيدُ وَلَا يَبْلَى ، وَيْحَكِ لَا تَخَافِينَ أَنْ أُجْزَى فِيمَنْ يُجْزَى يَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ، وَقَدْ آثَرْتِ مَا يَفْنِي عَلَى مَا يَبْقَى ؟ . يَا نَفْسُ وَيْحَكِ أَلَا تَسْتَفِيقِينَ مِمَّا أَنْتِ فِيهِ ، إِنْ سَقِمْتِ تَنْدَمِينَ ، وَإِنْ صَحِحْتِ تَأْثَمِينَ ، مَالَكِ إِنِ افْتَقَرْتِ تَحْزَنِينَ ، وَإِنِ اسْتَغْنَيْتِ تُفْتَنِينَ . مَالَكِ إِنْ نَشَطْتِ تَزْهَدِينَ ، فَلِمَ إِنْ دُعِيتِ تَكْسَلِينَ ؟ أَرَاكِ تَرْغَبِينَ قَبْلَ أَنْ تَنْصَبِي ، وَلِمَ لَا تَنْصَبِينَ فِيمَا تَرْغَبِينَ ؟ . يَا نَفْسُ وَيْحَكِ لِمَ تُخَالِفِينَ ؟ تَقُولِينَ فِي الدُّنْيَا قَوْلَ الزَّاهِدِينَ ، وَتَعْمَلِينَ فِيهَا عَمَلَ الرَّاغِبِينَ . وَيْحَكِ لِمَ تَكْرَهِينَ الْمَوْتَ ؟ لِمَ لَا تُذْعِنِينَ وَتُحِبِّينَ الْحَيَاةَ ؟ لِمَ لَا تَصْنَعِينَ ؟ . يَا نَفْسُ وَيْحَكِ أَتَرْجِينَ أَنْ تَرْضَيْ وَلَا تُراضِينَ ، وَتُجَانِبِينَ ، وَتَعْصِينَ ؟ مَالَكِ إِنْ سَأَلْتِ تُكْثِرِينَ ، فَلِمَ إِنْ أَنْفَقْتِ تُقَتِّرِينَ ؟ أَتُرِيدِينَ الْحَيَاةَ ، وَلِمَ تَحْذَرِينَ بِتَغَيُّرِ الزِّيَادَةِ ، وَلِمَ تَشْكُرِينَ تُعَظِّمِينَ فِي الرَّهْبَةِ حِينَ تُسْأَلِينَ ، وَتُقَصِّرِينَ فِي الرَّغْبَةِ حِينَ تَعْمَلِينَ ؟ تُرِيدِينَ الْآخِرَةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ ، وَتُؤَخِّرِينَ التَّوْبَةَ لِطُولِ الْأَمَلِ . لَا تَكُونِي كَمَنْ يُقَالُ هُوَ فِي الْقَوْلِ مُدِلٌّ ، وَيُسْتَصْعَبُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ ، بَعْضُ بَنِي آدَمَ إِنْ سَقِمَ نَدِمَ ، وَإِنْ صَحَّ أَمِنَ ، وَإِنِ افْتَقَرَ حَزِنَ ، وَإِنِ اسْتَغْنَى فُتِنَ ، وَإِنْ نَشَطَ زَهِدَ ، وَإِنْ رَغِبَ كَسِلَ ، يَرْغَبُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَبَ ، وَلَا يَنْصَبُ فِيمَا يَرْغَبُ ، يَقُولُ قَوْلَ الزَّاهِدِ ، وَلَا يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّاغِبِ ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ لِمَا لَا يَدَعُ ، وَيُحِبُّ الْحَيَاةَ مَا لَا يَصْنَعُ . إِنْ سَأَلَ أَكْثَرَ ، وَإِنْ أَنْفَقَ قَتَّرَ ، يَرْجُو الْحَيَاةَ وَلَمْ يَحْذَرْ ، وَيَبْغِي الزِّيَادَةَ وَلَمْ يَشْكُرْ ، يَبْلُغُ الرَّغْبَةَ حِينَ يَسْأَلُ ، وَيُقَصِّرُ فِي الرَّغْبَةِ حِينَ يَعْمَلُ ، يَرْجُو الْأَجْرَ بِغَيْرِ عَمَلٍ . وَيْحٌ لَنَا ، مَا أَغَرَّنَا ، وَيْحٌ لَنَا ، مَا أَغْفَلَنَا ، وَيْحٌ لَنَا ، مَا أَجْهَلَنَا ، وَيْحٌ لَنَا ، لِأَيِّ شَيْءٍ خُلِقْنَا ، لِلْجَنَّةِ أَمْ لِلنَّارِ ؟ وَيْحٌ لَنَا ، أَيُّ خَطَرٍ خَطَرُنَا ؟ وَيْحٌ لَنَا مِنْ أَعْمَالٍ قَدْ أَخْطَرَتْنَا ، وَيْحٌ لَنَا مِمَّا يُرَادُ بِنَا ، وَيْحٌ لَنَا ، كَأَنَّمَا يَعْنِي غَيْرَنَا ، وَيْحٌ لَنَا إِنْ خُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِنَا ، وَتَكَلَّمَتْ أَيْدِينَا ، وَشَهِدَتْ أَرْجُلُنَا . وَيْحٌ لَنَا حِينَ تُفَتَّشُ سَرَائِرُنَا ، وَيْحٌ لَنَا حِينَ تَشْهَدُ أَجْسَادُنَا ، وَيْحٌ لَنَا مِمَّا قَصَّرْنَا ، لَا بَرَاءَةَ لَنَا ، وَلَا عُذْرَ عِنْدَنَا ، وَيْحٌ لَنَا ، مَا أَطْوَلَ أَمَلَنَا ، وَيْحٌ لَنَا حَيْثُ نَمْضِي إِلَى خَالِقِنَا . وَيْحٌ لَنَا الْوَيْلُ الطَّوِيلُ إِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا ، فَارْحَمْنَا يَا رَبَّنَا . رَبِّ مَا أَحْكَمَكَ ، وَأَمْجَدَكَ ، وَأَجْوَدَكَ ، وَأَرْأَفَكَ ، وَأَرْحَمَكَ ، وَأَعْلَاكَ ، وَأَقْرَبَكَ ، وَأَقْدَرَكَ ، وَأَقْهَرَكَ ، وَأَوْسَعَكَ ، وَأَقْضَاكَ ، وَأَبْيَنَكَ ، وَأَنْوَرَكَ ، وَأَلْطَفَكَ ، وَأَخْبَرَكَ ، وَأَعْلَمَكَ ، وَأَشْكَرَكَ ، وَأَرْحَمَكَ ، وَأَحْكَمَكَ ، وَأَعْطَفَكَ ، وَأَكْرَمَكَ . رَبِّ مَا أَرْفَعَ حُجَّتَكَ ، وَأَكْثَرَ مِدْحَتَكَ ، رَبِّ مَا أَبْيَنَ كِتَابَكَ ، وَأَشَدَّ عِقَابَكَ ، رَبِّ مَا أَكْرَمَ مَآبَكَ ، وَأَحْسَنَ ثَوَابَكَ ، رَبِّ مَا أَجْزَلَ عَطَاءَكَ ، وَأَجَلَّ ثَنَاءَكَ ، رَبِّ مَا أَحْسَنَ بَلَاءَكَ ، وَأَسْبَغَ نَعْمَاءَكَ ، رَبِّ مَا أَعْلَى مَكَانَكَ ، وَأَعْظَمَ سُلْطَانَكَ ، رَبِّ مَا أَعْظَمَ عَرْشَكَ ، وَأَشَدَّ بَطْشَكَ ، رَبِّ مَا أَوْسَعَ كُرْسِيَّكَ ، وَأَهْدَى مَهْدِيَّكَ ، رَبِّ مَا أَوْسَعَ رَحْمَتَكَ ، وَأَعْرَضَ جَنَّتَكَ ، رَبِّ مَا أَعَزَّ نَصْرَكَ ، وَأَقْرَبَ فَتْحَكَ ، رَبِّ مَا أَعْمَرَ بِلَادَكَ ، وَأَكْثَرَ عِبَادَكَ ، رَبِّ مَا أَوْسَعَ رِزْقَكَ ، وَأَزِيدَ شُكْرَكَ ، رَبِّ مَا أَسْرَعَ فَرَجَكَ ، وَأَحكَمَ صُنْعَكَ ، رَبِّ مَا أَلْطَفَ خَيْرَكَ ، وَأَقْوَى أَمْرَكَ ، رَبِّ مَا أَنْوَرَ عَفْوَكَ ، وَأَجَلَّ ذِكْرَكَ ، رَبِّ مَا أَعْدَلَ حُكْمَكَ ، وَأَصْدَقَ قَوْلَكَ ، رَبِّ مَا أَوْفَى عَهْدَكَ ، وَأَنْجَزَ وَعَدَكَ ، رَبِّ مَا أَحْضَرَ نَفْعَكَ ، وَأَتْقَنَ صُنْعَكَ . وَيْحِي ، كَيْفَ أَغْفَلُ وَلَا يُغْفَلُ عَنِّي ، أَمْ كَيْفَ تَهْنَؤُنِي مَعِيشَتِي وَالْيَوْمُ الثَّقِيلُ وَرَائِي ، أَمْ كَيْفَ لَا يَطُولُ حُزْنِي وَلَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي ، أَمْ كَيْفَ تَهْنَؤُنِي الْحَيَاةُ وَلَا أَدْرِي مَا أَجَلِي ، أَمْ كَيْفَ تَعْظُمُ فِيهَا رَغْبَتِي وَالْقَلِيلُ فِيهَا يَكْفِينِي ، أَمْ كَيْفَ آمَنُ وَلَا يَدُومُ بِهَا حَالِي ، أَمْ كَيْفَ يَشْتَدُّ حُبِّي لِدَارٍ لَيْسَتْ بِدَارِي ، أَمْ كَيْفَ أَجْمَعُ لَهَا وَفِي غَيْرِهَا قَرَارِي ، أَمْ كَيْفَ يَشْتَدُّ عَلَيْهَا حِرْصِي وَلَا يَنْفَعُنِي مَا تَرَكْتُ فِيهَا بَعْدِي ، أَمْ كَيْفَ أُوثِرُهَا وَقَدْ أَضَرَّتْ بِمَنْ آثَرَهَا قَبْلِي ، أَمْ كَيْفَ لَا أُبَادِرُ بِعَمَلِي قَبْلَ أَنْ يُغْلَقَ بَابُ تَوْبَتِي ، أَمْ كَيْفَ يَشْتَدُّ إِعْجَابِي بِمَا يُزَايِلُنِي وَيَنْقَطِعُ عَنِّي ، أَمْ كَيْفَ أَغْفَلُ عَنْ أَمْرِ حِسَابِي وَقَدْ أَظَلَّنِي وَاقْتَرَبَ مِنِّي ، أَمْ كَيْفَ أَجْعَلُ شُغْلِي بِمَا قَدْ تَكَفَّلَ بِهِ لِي ، أَمْ كَيْفَ أُعَاوِدُ ذُنُوبِي وَأَنَا مَعْرُوضٌ عَلَى عَمَلِي ، أَمْ كَيْفَ لَا أَعْمَلُ بِطَاعَةِ رَبِّي وَفِيهَا النَّجَاةُ مِمَّا أَحْذَرُ عَلَى نَفْسِي ، أَمْ كَيْفَ لَا يَكْثُرُ بُكَائِي وَلَا أَدْرِي مَا يُرَادُ بِي ، أَمْ كَيْفَ تَقَرُّ عَيْنِي مَعَ ذِكْرِ مَا سَلَفَ مِنِّي ، أَمْ كَيْفَ أُعَرِّضُ نَفْسِي لِمَا لَا يَقْوَى لَهُ هَوَائِي ، أَمْ كَيْفَ لَا يَشْتَدُّ هَوْلِي مِمَّا يَشْتَدُّ مِنْهُ جَزَعِي ، أَمْ كَيْفَ تَطِيبُ نَفْسِي مَعَ ذِكْرِهَا مَا هُوَ أَمَامِي ، أَمْ كَيْفَ يَطُولُ أَمَلِي وَالْمَوْتُ أَثَرِي ، أَمْ كَيْفَ لَا أُرَاقِبُ رَبِّي وَقَدْ أَحْسَنَ طَلَبِي ؟ . وَيْحِي فَهَلْ ضَرَّتْ غَفْلَتِي أَحَدًا سِوَائِي ، أَمْ هَلْ يَعْمَلُ لِي غَيْرِي إِنْ ضَيَّعْتُ حَظِّي ، أَمْ هَلْ يَكُونُ عَمَلِي إِلَّا لِنَفْسِي ؟ فَبِمَ أَدَّخِرُ عَنْ نَفْسِي مَا يَكُونُ نَفْعُهُ لِي ؟ وَيْحِي كَأَنَّهُ قَدْ تَصَرَّمَ أَجَلِي ، ثُمَّ أَعَادَ رَبِّي خَلْقِي كَمَا بَدَأَنِي ، ثُمَّ أَوْقَفَنِي وَسَأَلَنِي وَسَأَلَ عَنِّي وَهُوَ أَعْلَمُ بِي ، ثُمَّ أُشْهِدْتُ الْأَمْرَ الَّذِي أَذْهَلَنِي عَنْ أَحْبَابِي وَأَهْلِي ، وَشُغِلْتُ بِنَفْسِي عَنْ غَيْرِي ، وَبُدِّلَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَكَانَتَا تُطِيعَانِ وَكُنْتُ أَعْصِي ، وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ وَلَيْسَ لَهَا مِثْلُ خَطِيئَتِي ، وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَلَيْسَ عَلَيْهِمَا مِثْلُ حِسَابِي ، وَانْكَدَرَتِ النُّجُومُ وَلَيْسَتْ تُطْلَبُ بِمَا عِنْدِي ، وَحُشِرَتِ الْوحُوشُ وَلَمْ تَعْمَلْ بِمِثْلِ عَمَلِي . وَيْحِي مَا أَشَدَّ حَالِي ، وَأَعْظَمَ خَطَرِي ، فَاغْفِرْ لِي ، وَاجْعَلْ طَاعَتَكَ هَمِّي ، وَقَوِّ عَلَيْهَا جَسَدِي ، وَسَخِّ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا ، وَاشْغَلْنِي فِيمَا يَعْنِينِي ، وَبَارِكْ لِي فِي قُوَاهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ مِنِّي حَالِي ، وَامْنُنْ عَلَيَّ وَارْحَمْنِي حِينَ تُعِيدُ بَعْدَ اللِّقَاءِ خَلْقِي ، وَمِنْ سُوءِ الْحِسَابِ فَعَافِنِي يَوْمَ تَبْعَثُنِي فَتُحَاسِبُنِي ، وَلَا تُعْرِضْ عَنِّي يَوْمَ تَعْرِضُنِي بِمَا سَلَفَ مِنْ ظُلْمِي وَجُرْمِي ، وَآمِنِّي يَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ ، يَوْمَ لَا تُهِمِّنِي إِلَّا نَفْسِي ، وَارْزُقْنِي نَفْعَ عَمَلِي يَوْمَ لَا يَنْفَعُنِي عَمَلُ غَيْرِي . إِلَهِي أَنْتَ الَّذِي خَلَقْتَنِي ، وَفِي الرَّحِمِ صَوَّرْتَنِي ، وَمِنْ أَصْلَابِ الْمُشْرِكِينَ نَقَلْتَنِي قَرْنًا فَقَرْنًا حَتَّى أَخْرَجْتَنِي فِي الْأُمَّةِ الْمَرْحُومَةِ ، إِلَهِي فَارْحَمْنِي ، إِلَهِي فَكَمَا مَنَنْتَ عَلَيَّ بِالْإِسْلَامِ فَامْنُنْ عَلَيَّ بِطَاعَتِكَ وَبِتَرْكِ مَعَاصِيكَ أَبَدًا مَا أَبْقَيْتَنِي ، وَلَا تَفْضَحْنِي بِسَرَائِرِي ، وَلَا تَخْذُلْنِي بِكَثْرَةِ فَضَائِحِي . سُبْحَانَكَ خَالِقِي ، أَنَا الَّذِي لَمْ أَزَلْ لَكَ عَاصِيًا ، فَمِنْ أَجْلِ خَطِيئَتِي لَا تَقَرُّ عَيْنِي ، وَهَلَكْتُ إِنْ لَمْ تَعْفُ عَنِّي ، سُبْحَانَكَ خَالِقِي ، بِأَيِّ وَجْهٍ أَلْقَاكَ ، وَبِأَيِّ قَدَمٍ أَقِفُ بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَبِأَيِّ لِسَانٍ أُنَاطِقُكَ ، وَبِأَيِّ عَيْنٍ أَنْظُرُ إِلَيْكَ وَأَنْتَ قَدْ عَلِمْتَ سَرَائِرَ أَمْرِي ، وَكَيْفَ أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ إِذَا خَتَمْتَ عَلَى لِسَانِي وَنَطَقَتْ جَوَارِحِي بِكُلِّ الَّذِي قَدْ كَانَ مِنِّي ؟ . سُبْحَانَكَ خَالِقِي فَأَنَا تَائِبٌ إِلَيْكَ مُتَبَصْبِصٌ ، فَاقْبَلْ تَوْبَتِي ، وَاسْتَجِبْ دُعَائِي ، وَارْحَمْ شَبَابِي ، وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي ، وَارْحَمْ طُولَ عَبْرَتِي ، وَلَا تَفْضَحْنِي بِالَّذِي قَدْ كَانَ مِنِّي . سُبْحَانَكَ خَالِقِي أَنْتَ غَيَّاثُ الْمُسْتَغِيثِينَ ، وَقُرَّةُ أَعْيُنِ الْعَابِدِينَ ، وَحَبِيبُ قُلُوبِ الزَّاهِدِينَ ، فَإِلَيْكَ مُسْتَغَاثِي وَمُنْقَطَعِي ، فَارْحَمْ شَبَابِي ، وَاقْبَلْ تَوْبَتِي ، وَاسْتَجِبْ دَعْوَتِي ، وَلَا تَخْذُلْنِي بِالْمَعَاصِي الَّتِي كَانَتْ مِنِّي . إِلَهِي عَلَّمْتَنِي كِتَابَكَ الَّذِي أَنْزَلْتَهُ عَلَى رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ وَقَعْتُ عَلَى مَعَاصِيكَ وَأَنْتَ تَرَانِي ، فَمَنْ أَشْقَى مِنِّي إِذَا عَصَيْتُكَ وَأَنْتَ تَرَانِي ، وَفِي كِتَابِكَ الْمُنَزَّلِ قَدْ نَهَيْتَنِي ، إِلَهِي أَنَا إِذَا ذَكَرْتُ ذُنُوبِي وَمَعَاصِيَّ لَمْ تَقَرَّ عَيْنِي لِلَّذِي كَانَ مِنِّي ، فَأَنَا تَائِبٌ إِلَيْكَ فَاقْبَلْ ذَلِكَ مِنِّي ، وَلَا تَجْعَلْنِي لِنَارِ جَهَنَّمَ وَقُودًا بَعْدَ تَوْحِيدِي وَإِيمَانِي بِكَ . فَاغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ، ثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي بُكَائِهِ وَذَكَرَ خَطِيئَتَهُ : وَيْحِي بِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ أَعْصِ رَبِّي ، وَيْحِي إِنَّمَا عَصَيْتُهُ بِنِعْمَتِهِ عِنْدِي ، وَيْحِي مِنْ خَطِيئَةٍ ذَهَبَتْ شَهْوَتُهَا ، وَبَقِيَتْ تَبِعَتُهَا عِنْدِي ، فِي كِتَابٍ كَتَبَهُ كُتَّابٌ لَمْ يَغِيبُوا عَنِّي ، وَاسَوْأَتَاهُ لَمْ أَسْتَحْيِهِمْ ، وَلَمْ أُرَاقِبْ رَبِّي ، وَيْحِي نَسِيتُ مَا لَمْ يَنْسَوْا مِنِّي ، وَيْحِي غَفَلْتُ وَلَمْ يَغْفُلُوا عَنِّي ، وَلَمْ أَسْتَحْيِهِمْ ، وَلَمْ أُرَاقِبْ ، وَاسَوْأَتَاهُ ، وَيْحِي ، حَفِظُوا مَا ضَيَّعْتُ مِنِّي ، وَيْحِي طَاوَعْتُ نَفْسِي وَهِيَ لَا تُطَاوِعْنِي ، وَيْحِي ، طَاوَعْتُهَا فِيمَا يَضُرُّهَا وَيَضُرُّنِي ، وَيْحَهَا أَلَا تُطَاوِعُنِي فِيمَا يَنْفَعُهَا وَيَنْفَعُنِي ، أُرِيدُ إِصْلَاحَهَا وَتُرِيدُ أَنْ تُفْسِدَنِي ، وَيْحَهَا إِنِّي لَأُنْصِفُهَا وَمَا تُنْصِفُنِي ، أَدْعُوهَا لِأُرْشِدَهَا وَتَدْعُونِي لِتُغْوِيَنِي ، وَيْحَهَا إِنَّهَا لَعَدُوٌّ لَوْ أَنْزَلْتُهُ تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ مِنِّي ، وَيْحَهَا تُرِيدُ الْيَوْمَ أَنْ تُرْدِيَنِي وَغَدًا تُخَاصِمَنِي . رَبِّ لَا تُسَلِّطْهَا عَلَى ذَلِكَ مِنِّي ، رَبِّ إِنَّ نَفْسِيَ لَمْ تَرْحَمْنِي فَارْحَمْنِي ، رَبِّ إِنِّي أَعْذُرُهَا وَلَا تَعْذُرُنِي ، إِنَّهُ إِنْ يَكُ خَيْرًا أَخْذُلْهَا وَتَخْذُلْنِي ، وَإِنْ يَكُ شَرًّا أُحِبُّهَا وَتُحِبُّنِي ، رَبِّ فَعَافِنِي مِنْهَا وَعَافِهَا مِنِّي حَتَّى لَا أَظْلِمَهَا وَلَا تَظْلِمَنِي ، وَأَصْلِحْنِي لَهَا وَأَصْلِحْهَا لِي ، فَلَا أُهْلِكُهَا وَلَا تُهْلِكُنِي ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَيْهَا وَلَا تَكِلْهَا إِلَيَّ . وَيْحِي كَيْفَ أَفِرُّ مِنَ الْمَوْتِ وَقَدْ وُكِّلَ بِي ؟ وَيْحِي كَيْفَ أَنْسَاهُ وَلَا يَنْسَانِي ؟ وَيْحِي إِنَّهُ يَقُصُّ أَثَرِي ، فَإِنْ فَرَرْتُ لَقِيَنِي ، وَإِنْ أَقَمْتُ أَدْرَكَنِي . وَيْحِي هَلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ أَظَلَّنِي فَمَسَّانِي وَصَبَّحَنِي أَوْ طَرَقَنِي فَبَغَتَنِي ، وَيْحِي أَزْعُمُ أَنَّ خَطِيئَتِيَ قَدِ أَقْرَحَتْ قَلْبِي وَلَا يَتَجَافَى جَنْبِي ، وَلَا تَدْمَعُ عَيْنِي ، وَلَا تَسْهَرُ لِي ، وَيْحِي كَيْفَ أَنَامُ عَلَى مِثْلِهَا لِيَلِي ، وَيْحِي هَلْ يَنَامُ عَلَى مِثْلِهَا مِثْلِي ؟ وَيْحِي لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا الصِّدْقُ مِنِّي ، بَلْ وَيْلِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي . وَيْحِي كَيْفَ لَا تُوهَنُ قُوَّتِي ، وَلَا تَعْطَشُ هَامَتِي ؟ بَلْ وَيْلِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي ، وَيْحِي كَيْفَ لَا أَنْشَطُ فِيمَا يُطْفِئُهَا عَنِّي ، بَلْ وَيْلِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي ، وَيْحِي كَيْفَ لَا يُذْهِبُ ذِكْرُ خَطِيئَتِي كَسَلِي ، وَلَا يَبْعَثُنِي إِلَى مَا يُذْهِبُهَا عَنِّي ؟ بَلْ وَيْلِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي ، وَيْحِي كَيْفَ تَنْكَأَ قَرْحَتِي مَا تَكْسِبُ يَدِي ، وَيْحَ نَفْسِي ، بَلْ وَيْلِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي ، وَيْحِي أَلَا تَنْهَانِي الْأُولَى مِنْ خَطِيئَتِي عَنِ الْآخِرَةِ ، وَلَا تُذَكِّرُنِي الْآخِرَةُ مِنْ خَطِيئَتِي بِسُوءِ مَا رَكِبْتُ مِنَ الْأُولَى فَوَيْلِي ثُمَّ وَيْلِي إِنْ لَمْ يتِمَّ عَفُوُّ رَبِّي ، وَيْحِي لَقَدْ كَانَ لِي فِيمَا اسْتَوْعَبْتُ مِنْ لِسَانِي وَسَمْعِي وَقَلْبِي وَبَصَرِي اشْتِغَالٌ ، فَوَيْلٌ لِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي ، وَيْحِي إِنْ حُجِبْتُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ رَبِّي لَمْ يُزَكِّنِي ، وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيَّ ، وَلَمْ يُكَلِّمْنِي ، فَأَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِ رَبِّي مِنْ خَطِيئَتِي ، وَأَعُوذُ بِهِ أَنْ أُعْطَى كِتَابِي بِشِمَالِي ، أَوْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي ، فَيَسَوَّدَ بِهِ وَجْهِي ، وَتَزَرَّقَ بِهِ مَعَ الْعَمَى عَيْنِي . بَلْ وَيْلِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي . وَيْحِي بِأَيِّ شَيْءٍ أسْتَقْبِلُ رَبِّي ؟ بِلِسَانِي ، أَمْ بِيَدِي ، أَمْ بِسَمْعِي ، أَمْ بِقَلْبِي ، أَمْ بِبَصَرِي ؟ . فَفِي كُلِّ هَذَا لَهُ الْحُجَّةُ وَالطُّلْبَةُ عِنْدِي ، وَيْلٌ لِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي ، كَيْفَ لَا يَشْغَلُنِي ذِكْرُ خَطِيئَتِي عَمَّا لَا يَعْنِينِي ؟ وَيْحَكِ يَا نَفْسُ ، مَالَكِ تَنْسِينَ مَا لَا يُنْسَى ، وَقَدْ أَتَيْتِ مَا لَا يُؤْتَى ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدَ رَبِّكِ يُحْصَى ، كِتَابٌ لَا يَبِيدُ وَلَا يَبْلَى ، وَيْحَكِ لَا تَخَافِينَ أَنْ أُجْزَى فِيمَنْ يُجْزَى يَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ، وَقَدْ آثَرْتِ مَا يَفْنِي عَلَى مَا يَبْقَى ؟ . يَا نَفْسُ وَيْحَكِ أَلَا تَسْتَفِيقِينَ مِمَّا أَنْتِ فِيهِ ، إِنْ سَقِمْتِ تَنْدَمِينَ ، وَإِنْ صَحِحْتِ تَأْثَمِينَ ، مَالَكِ إِنِ افْتَقَرْتِ تَحْزَنِينَ ، وَإِنِ اسْتَغْنَيْتِ تُفْتَنِينَ . مَالَكِ إِنْ نَشَطْتِ تَزْهَدِينَ ، فَلِمَ إِنْ دُعِيتِ تَكْسَلِينَ ؟ أَرَاكِ تَرْغَبِينَ قَبْلَ أَنْ تَنْصَبِي ، وَلِمَ لَا تَنْصَبِينَ فِيمَا تَرْغَبِينَ ؟ . يَا نَفْسُ وَيْحَكِ لِمَ تُخَالِفِينَ ؟ تَقُولِينَ فِي الدُّنْيَا قَوْلَ الزَّاهِدِينَ ، وَتَعْمَلِينَ فِيهَا عَمَلَ الرَّاغِبِينَ . وَيْحَكِ لِمَ تَكْرَهِينَ الْمَوْتَ ؟ لِمَ لَا تُذْعِنِينَ وَتُحِبِّينَ الْحَيَاةَ ؟ لِمَ لَا تَصْنَعِينَ ؟ . يَا نَفْسُ وَيْحَكِ أَتَرْجِينَ أَنْ تَرْضَيْ وَلَا تُراضِينَ ، وَتُجَانِبِينَ ، وَتَعْصِينَ ؟ مَالَكِ إِنْ سَأَلْتِ تُكْثِرِينَ ، فَلِمَ إِنْ أَنْفَقْتِ تُقَتِّرِينَ ؟ أَتُرِيدِينَ الْحَيَاةَ ، وَلِمَ تَحْذَرِينَ بِتَغَيُّرِ الزِّيَادَةِ ، وَلِمَ تَشْكُرِينَ تُعَظِّمِينَ فِي الرَّهْبَةِ حِينَ تُسْأَلِينَ ، وَتُقَصِّرِينَ فِي الرَّغْبَةِ حِينَ تَعْمَلِينَ ؟ تُرِيدِينَ الْآخِرَةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ ، وَتُؤَخِّرِينَ التَّوْبَةَ لِطُولِ الْأَمَلِ . لَا تَكُونِي كَمَنْ يُقَالُ هُوَ فِي الْقَوْلِ مُدِلٌّ ، وَيُسْتَصْعَبُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ ، بَعْضُ بَنِي آدَمَ إِنْ سَقِمَ نَدِمَ ، وَإِنْ صَحَّ أَمِنَ ، وَإِنِ افْتَقَرَ حَزِنَ ، وَإِنِ اسْتَغْنَى فُتِنَ ، وَإِنْ نَشَطَ زَهِدَ ، وَإِنْ رَغِبَ كَسِلَ ، يَرْغَبُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَبَ ، وَلَا يَنْصَبُ فِيمَا يَرْغَبُ ، يَقُولُ قَوْلَ الزَّاهِدِ ، وَلَا يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّاغِبِ ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ لِمَا لَا يَدَعُ ، وَيُحِبُّ الْحَيَاةَ مَا لَا يَصْنَعُ . إِنْ سَأَلَ أَكْثَرَ ، وَإِنْ أَنْفَقَ قَتَّرَ ، يَرْجُو الْحَيَاةَ وَلَمْ يَحْذَرْ ، وَيَبْغِي الزِّيَادَةَ وَلَمْ يَشْكُرْ ، يَبْلُغُ الرَّغْبَةَ حِينَ يَسْأَلُ ، وَيُقَصِّرُ فِي الرَّغْبَةِ حِينَ يَعْمَلُ ، يَرْجُو الْأَجْرَ بِغَيْرِ عَمَلٍ . وَيْحٌ لَنَا ، مَا أَغَرَّنَا ، وَيْحٌ لَنَا ، مَا أَغْفَلَنَا ، وَيْحٌ لَنَا ، مَا أَجْهَلَنَا ، وَيْحٌ لَنَا ، لِأَيِّ شَيْءٍ خُلِقْنَا ، لِلْجَنَّةِ أَمْ لِلنَّارِ ؟ وَيْحٌ لَنَا ، أَيُّ خَطَرٍ خَطَرُنَا ؟ وَيْحٌ لَنَا مِنْ أَعْمَالٍ قَدْ أَخْطَرَتْنَا ، وَيْحٌ لَنَا مِمَّا يُرَادُ بِنَا ، وَيْحٌ لَنَا ، كَأَنَّمَا يَعْنِي غَيْرَنَا ، وَيْحٌ لَنَا إِنْ خُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِنَا ، وَتَكَلَّمَتْ أَيْدِينَا ، وَشَهِدَتْ أَرْجُلُنَا . وَيْحٌ لَنَا حِينَ تُفَتَّشُ سَرَائِرُنَا ، وَيْحٌ لَنَا حِينَ تَشْهَدُ أَجْسَادُنَا ، وَيْحٌ لَنَا مِمَّا قَصَّرْنَا ، لَا بَرَاءَةَ لَنَا ، وَلَا عُذْرَ عِنْدَنَا ، وَيْحٌ لَنَا ، مَا أَطْوَلَ أَمَلَنَا ، وَيْحٌ لَنَا حَيْثُ نَمْضِي إِلَى خَالِقِنَا . وَيْحٌ لَنَا الْوَيْلُ الطَّوِيلُ إِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا ، فَارْحَمْنَا يَا رَبَّنَا . رَبِّ مَا أَحْكَمَكَ ، وَأَمْجَدَكَ ، وَأَجْوَدَكَ ، وَأَرْأَفَكَ ، وَأَرْحَمَكَ ، وَأَعْلَاكَ ، وَأَقْرَبَكَ ، وَأَقْدَرَكَ ، وَأَقْهَرَكَ ، وَأَوْسَعَكَ ، وَأَقْضَاكَ ، وَأَبْيَنَكَ ، وَأَنْوَرَكَ ، وَأَلْطَفَكَ ، وَأَخْبَرَكَ ، وَأَعْلَمَكَ ، وَأَشْكَرَكَ ، وَأَرْحَمَكَ ، وَأَحْكَمَكَ ، وَأَعْطَفَكَ ، وَأَكْرَمَكَ . رَبِّ مَا أَرْفَعَ حُجَّتَكَ ، وَأَكْثَرَ مِدْحَتَكَ ، رَبِّ مَا أَبْيَنَ كِتَابَكَ ، وَأَشَدَّ عِقَابَكَ ، رَبِّ مَا أَكْرَمَ مَآبَكَ ، وَأَحْسَنَ ثَوَابَكَ ، رَبِّ مَا أَجْزَلَ عَطَاءَكَ ، وَأَجَلَّ ثَنَاءَكَ ، رَبِّ مَا أَحْسَنَ بَلَاءَكَ ، وَأَسْبَغَ نَعْمَاءَكَ ، رَبِّ مَا أَعْلَى مَكَانَكَ ، وَأَعْظَمَ سُلْطَانَكَ ، رَبِّ مَا أَعْظَمَ عَرْشَكَ ، وَأَشَدَّ بَطْشَكَ ، رَبِّ مَا أَوْسَعَ كُرْسِيَّكَ ، وَأَهْدَى مَهْدِيَّكَ ، رَبِّ مَا أَوْسَعَ رَحْمَتَكَ ، وَأَعْرَضَ جَنَّتَكَ ، رَبِّ مَا أَعَزَّ نَصْرَكَ ، وَأَقْرَبَ فَتْحَكَ ، رَبِّ مَا أَعْمَرَ بِلَادَكَ ، وَأَكْثَرَ عِبَادَكَ ، رَبِّ مَا أَوْسَعَ رِزْقَكَ ، وَأَزِيدَ شُكْرَكَ ، رَبِّ مَا أَسْرَعَ فَرَجَكَ ، وَأَحكَمَ صُنْعَكَ ، رَبِّ مَا أَلْطَفَ خَيْرَكَ ، وَأَقْوَى أَمْرَكَ ، رَبِّ مَا أَنْوَرَ عَفْوَكَ ، وَأَجَلَّ ذِكْرَكَ ، رَبِّ مَا أَعْدَلَ حُكْمَكَ ، وَأَصْدَقَ قَوْلَكَ ، رَبِّ مَا أَوْفَى عَهْدَكَ ، وَأَنْجَزَ وَعَدَكَ ، رَبِّ مَا أَحْضَرَ نَفْعَكَ ، وَأَتْقَنَ صُنْعَكَ . وَيْحِي ، كَيْفَ أَغْفَلُ وَلَا يُغْفَلُ عَنِّي ، أَمْ كَيْفَ تَهْنَؤُنِي مَعِيشَتِي وَالْيَوْمُ الثَّقِيلُ وَرَائِي ، أَمْ كَيْفَ لَا يَطُولُ حُزْنِي وَلَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي ، أَمْ كَيْفَ تَهْنَؤُنِي الْحَيَاةُ وَلَا أَدْرِي مَا أَجَلِي ، أَمْ كَيْفَ تَعْظُمُ فِيهَا رَغْبَتِي وَالْقَلِيلُ فِيهَا يَكْفِينِي ، أَمْ كَيْفَ آمَنُ وَلَا يَدُومُ بِهَا حَالِي ، أَمْ كَيْفَ يَشْتَدُّ حُبِّي لِدَارٍ لَيْسَتْ بِدَارِي ، أَمْ كَيْفَ أَجْمَعُ لَهَا وَفِي غَيْرِهَا قَرَارِي ، أَمْ كَيْفَ يَشْتَدُّ عَلَيْهَا حِرْصِي وَلَا يَنْفَعُنِي مَا تَرَكْتُ فِيهَا بَعْدِي ، أَمْ كَيْفَ أُوثِرُهَا وَقَدْ أَضَرَّتْ بِمَنْ آثَرَهَا قَبْلِي ، أَمْ كَيْفَ لَا أُبَادِرُ بِعَمَلِي قَبْلَ أَنْ يُغْلَقَ بَابُ تَوْبَتِي ، أَمْ كَيْفَ يَشْتَدُّ إِعْجَابِي بِمَا يُزَايِلُنِي وَيَنْقَطِعُ عَنِّي ، أَمْ كَيْفَ أَغْفَلُ عَنْ أَمْرِ حِسَابِي وَقَدْ أَظَلَّنِي وَاقْتَرَبَ مِنِّي ، أَمْ كَيْفَ أَجْعَلُ شُغْلِي بِمَا قَدْ تَكَفَّلَ بِهِ لِي ، أَمْ كَيْفَ أُعَاوِدُ ذُنُوبِي وَأَنَا مَعْرُوضٌ عَلَى عَمَلِي ، أَمْ كَيْفَ لَا أَعْمَلُ بِطَاعَةِ رَبِّي وَفِيهَا النَّجَاةُ مِمَّا أَحْذَرُ عَلَى نَفْسِي ، أَمْ كَيْفَ لَا يَكْثُرُ بُكَائِي وَلَا أَدْرِي مَا يُرَادُ بِي ، أَمْ كَيْفَ تَقَرُّ عَيْنِي مَعَ ذِكْرِ مَا سَلَفَ مِنِّي ، أَمْ كَيْفَ أُعَرِّضُ نَفْسِي لِمَا لَا يَقْوَى لَهُ هَوَائِي ، أَمْ كَيْفَ لَا يَشْتَدُّ هَوْلِي مِمَّا يَشْتَدُّ مِنْهُ جَزَعِي ، أَمْ كَيْفَ تَطِيبُ نَفْسِي مَعَ ذِكْرِهَا مَا هُوَ أَمَامِي ، أَمْ كَيْفَ يَطُولُ أَمَلِي وَالْمَوْتُ أَثَرِي ، أَمْ كَيْفَ لَا أُرَاقِبُ رَبِّي وَقَدْ أَحْسَنَ طَلَبِي ؟ . وَيْحِي فَهَلْ ضَرَّتْ غَفْلَتِي أَحَدًا سِوَائِي ، أَمْ هَلْ يَعْمَلُ لِي غَيْرِي إِنْ ضَيَّعْتُ حَظِّي ، أَمْ هَلْ يَكُونُ عَمَلِي إِلَّا لِنَفْسِي ؟ فَبِمَ أَدَّخِرُ عَنْ نَفْسِي مَا يَكُونُ نَفْعُهُ لِي ؟ وَيْحِي كَأَنَّهُ قَدْ تَصَرَّمَ أَجَلِي ، ثُمَّ أَعَادَ رَبِّي خَلْقِي كَمَا بَدَأَنِي ، ثُمَّ أَوْقَفَنِي وَسَأَلَنِي وَسَأَلَ عَنِّي وَهُوَ أَعْلَمُ بِي ، ثُمَّ أُشْهِدْتُ الْأَمْرَ الَّذِي أَذْهَلَنِي عَنْ أَحْبَابِي وَأَهْلِي ، وَشُغِلْتُ بِنَفْسِي عَنْ غَيْرِي ، وَبُدِّلَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَكَانَتَا تُطِيعَانِ وَكُنْتُ أَعْصِي ، وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ وَلَيْسَ لَهَا مِثْلُ خَطِيئَتِي ، وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَلَيْسَ عَلَيْهِمَا مِثْلُ حِسَابِي ، وَانْكَدَرَتِ النُّجُومُ وَلَيْسَتْ تُطْلَبُ بِمَا عِنْدِي ، وَحُشِرَتِ الْوحُوشُ وَلَمْ تَعْمَلْ بِمِثْلِ عَمَلِي . وَيْحِي مَا أَشَدَّ حَالِي ، وَأَعْظَمَ خَطَرِي ، فَاغْفِرْ لِي ، وَاجْعَلْ طَاعَتَكَ هَمِّي ، وَقَوِّ عَلَيْهَا جَسَدِي ، وَسَخِّ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا ، وَاشْغَلْنِي فِيمَا يَعْنِينِي ، وَبَارِكْ لِي فِي قُوَاهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ مِنِّي حَالِي ، وَامْنُنْ عَلَيَّ وَارْحَمْنِي حِينَ تُعِيدُ بَعْدَ اللِّقَاءِ خَلْقِي ، وَمِنْ سُوءِ الْحِسَابِ فَعَافِنِي يَوْمَ تَبْعَثُنِي فَتُحَاسِبُنِي ، وَلَا تُعْرِضْ عَنِّي يَوْمَ تَعْرِضُنِي بِمَا سَلَفَ مِنْ ظُلْمِي وَجُرْمِي ، وَآمِنِّي يَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ ، يَوْمَ لَا تُهِمِّنِي إِلَّا نَفْسِي ، وَارْزُقْنِي نَفْعَ عَمَلِي يَوْمَ لَا يَنْفَعُنِي عَمَلُ غَيْرِي . إِلَهِي أَنْتَ الَّذِي خَلَقْتَنِي ، وَفِي الرَّحِمِ صَوَّرْتَنِي ، وَمِنْ أَصْلَابِ الْمُشْرِكِينَ نَقَلْتَنِي قَرْنًا فَقَرْنًا حَتَّى أَخْرَجْتَنِي فِي الْأُمَّةِ الْمَرْحُومَةِ ، إِلَهِي فَارْحَمْنِي ، إِلَهِي فَكَمَا مَنَنْتَ عَلَيَّ بِالْإِسْلَامِ فَامْنُنْ عَلَيَّ بِطَاعَتِكَ وَبِتَرْكِ مَعَاصِيكَ أَبَدًا مَا أَبْقَيْتَنِي ، وَلَا تَفْضَحْنِي بِسَرَائِرِي ، وَلَا تَخْذُلْنِي بِكَثْرَةِ فَضَائِحِي . سُبْحَانَكَ خَالِقِي ، أَنَا الَّذِي لَمْ أَزَلْ لَكَ عَاصِيًا ، فَمِنْ أَجْلِ خَطِيئَتِي لَا تَقَرُّ عَيْنِي ، وَهَلَكْتُ إِنْ لَمْ تَعْفُ عَنِّي ، سُبْحَانَكَ خَالِقِي ، بِأَيِّ وَجْهٍ أَلْقَاكَ ، وَبِأَيِّ قَدَمٍ أَقِفُ بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَبِأَيِّ لِسَانٍ أُنَاطِقُكَ ، وَبِأَيِّ عَيْنٍ أَنْظُرُ إِلَيْكَ وَأَنْتَ قَدْ عَلِمْتَ سَرَائِرَ أَمْرِي ، وَكَيْفَ أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ إِذَا خَتَمْتَ عَلَى لِسَانِي وَنَطَقَتْ جَوَارِحِي بِكُلِّ الَّذِي قَدْ كَانَ مِنِّي ؟ . سُبْحَانَكَ خَالِقِي فَأَنَا تَائِبٌ إِلَيْكَ مُتَبَصْبِصٌ ، فَاقْبَلْ تَوْبَتِي ، وَاسْتَجِبْ دُعَائِي ، وَارْحَمْ شَبَابِي ، وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي ، وَارْحَمْ طُولَ عَبْرَتِي ، وَلَا تَفْضَحْنِي بِالَّذِي قَدْ كَانَ مِنِّي . سُبْحَانَكَ خَالِقِي أَنْتَ غَيَّاثُ الْمُسْتَغِيثِينَ ، وَقُرَّةُ أَعْيُنِ الْعَابِدِينَ ، وَحَبِيبُ قُلُوبِ الزَّاهِدِينَ ، فَإِلَيْكَ مُسْتَغَاثِي وَمُنْقَطَعِي ، فَارْحَمْ شَبَابِي ، وَاقْبَلْ تَوْبَتِي ، وَاسْتَجِبْ دَعْوَتِي ، وَلَا تَخْذُلْنِي بِالْمَعَاصِي الَّتِي كَانَتْ مِنِّي . إِلَهِي عَلَّمْتَنِي كِتَابَكَ الَّذِي أَنْزَلْتَهُ عَلَى رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ثُمَّ وَقَعْتُ عَلَى مَعَاصِيكَ وَأَنْتَ تَرَانِي ، فَمَنْ أَشْقَى مِنِّي إِذَا عَصَيْتُكَ وَأَنْتَ تَرَانِي ، وَفِي كِتَابِكَ الْمُنَزَّلِ قَدْ نَهَيْتَنِي ، إِلَهِي أَنَا إِذَا ذَكَرْتُ ذُنُوبِي وَمَعَاصِيَّ لَمْ تَقَرَّ عَيْنِي لِلَّذِي كَانَ مِنِّي ، فَأَنَا تَائِبٌ إِلَيْكَ فَاقْبَلْ ذَلِكَ مِنِّي ، وَلَا تَجْعَلْنِي لِنَارِ جَهَنَّمَ وَقُودًا بَعْدَ تَوْحِيدِي وَإِيمَانِي بِكَ . فَاغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ