Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchive/public_html/production/pages/hadith.php on line 215

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchive/public_html/production/pages/hadith.php on line 215
أرشيف الإسلام - موسوعة الحديث - حديث () - شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي حديث رقم: 2387
  • 2707
  • عَنْ هَرِمِ بْنِ حَيَّانَ الْعَبْدِيِّ ، قَالَ : قَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَلَمْ يَكُنْ لِي هَمٌّ إِلَّا أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ أَطْلُبُهُ وَأَسْأَلُ عَنْهُ ؛ حَتَّى سَقَطْتُ عَلَيْهِ جَالِسًا وَحْدَهُ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ نِصْفَ النَّهَارِ يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ ثَوْبَهُ ، فَعَرَفْتُهُ بِالنَّعْتِ الَّذِي نُعِتَ لِي ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ لَحِيمٌ شَدِيدُ الْأَدَمَةِ أَشْعَرُ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ كَثُّ اللِّحْيَةِ عَلَيْهِ إِزَارٌ مِنْ صُوفٍ وَرِدَاءٌ مِنْ صُوفٍ بِغَيْرِ حِذَاءٍ كَرِيهُ الْوَجْهِ مَهِيبُ الْمَنْظَرِ جِدًّا ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ وَنَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ : حَيَّاكَ اللَّهُ مِنْ رَجُلٍ ، وَمَدَدْتُ يَدِي إِلَيْهِ لِأُصَافِحَهُ فَأَبَى أَنْ يُصَافِحَنِي فَقَالَ هَكَذَا : وَأَنْتَ فَحَيَّاكَ اللَّهُ ، فَقُلْتُ : رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أُوَيْسُ وَغَفَرَ لَكَ ، كَيْفَ أَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ ؟ ثُمَّ خَنَقَتْنِي الْعَبْرَةُ مِنْ حُبِّي إِيَّاهُ وَرِقَّتِي إِذْ رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِ مَا رَأَيْتُ حَتَّى بَكَيْتُ ، فَبَكَى ثُمَّ قَالَ : وَأَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ يَا هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ وَغَفَرَ لَكَ ، كَيْفَ أَنْتَ يَا أَخِي ؟ مَنْ دَلَّكَ عَلَيَّ ؟ قَالَ : قُلْتُ : اللَّهُ ، قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا حِينَ سَمَّانِي وَعَرَّفَنِي ، قَالَ : لَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ وَلَا رَآنِي ، قُلْتُ : مِنْ أَيْنَ عَرَفْتَنِي وَعَرَفْتَ اسْمِي وَاسْمَ أَبِي ؟ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُكَ قَطُّ قَبْلَ الْيَوْمِ ، قَالَ : نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ، عَرَفَتْ رُوحِي رُوحَكَ حَيْثُ كَلَّمَتْ نَفْسِي نَفْسَكَ ، إِنَّ الْأَرْوَاحَ لَهَا أَنْفُسٌ كَأَنْفُسِ الْأَحْيَاءِ ، إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَيَتَحَابُّونَ بِرُوحِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ لَمْ يَلْتَقُوا وَيَتَعَارَفُوا وَيَتَكَلَّمُوا وَإِنْ نَأَتْ بِهِمُ الدِّيَارُ وَتَفَرَّقَتْ بِهِمُ الْمَنَازِلُ ، قَالَ : قُلْتُ : حَدِّثْنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثٍ أَحْفَظُهُ عَنْكَ ، قَالَ : إِنِّي لَمْ أُدْرِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ لِي مَعَهُ صُحْبَةٌ ، وَلَكِنْ قَدْ رَأَيْتُ رِجَالًا قَدْ رَأَوْهُ ، وَقَدْ بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِهِ كَبَعْضِ مَا بَلَغَكُمْ وَلَمْ أُحِبَّ أَنْ أَفْتَحَ هَذَا الْبَابَ عَلَى نَفْسِي وَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مُحَدِّثًا أَوْ قَاضِيًا أَوْ مُفْتِيًا ، فِي النَّفْسِ شُغُلٌ عَنِ النَّاسِ يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا أَخِي اقْرَأْ عَلَيَّ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَسْمَعُهُنَّ مِنْكَ ، فَإِنِّي أُحِبَّكَ فِي اللَّهِ حُبًّا شَدِيدًا ، وَادْعُ لِي بِدَعَوَاتٍ ، وَأَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ أَحْفَظُهَا عَنْكَ ، قَالَ : فَقَامَ فَأَخَذَ بِيَدِي عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ ثُمَّ قَالَ : أَعُوذُ بِالسَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، قَالَ : ثُمَّ شَهِقَ شَهْقَةً ثُمَّ بَكَى مَكَانَهُ ثُمَّ قَالَ : قَالَ رَبِّي وَأَحَقُّ الْقَوْلِ قَوْلُ رَبِّي ، وَأَصْدَقُ الْحَدِيثِ حَدِيثُهُ ، وَأَحْسَنُ الْكَلَامِ كَلَامُهُ : {{ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ، مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ }} حَتَّى بَلَغَ {{ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ }} ثُمَّ شَهِقَ شَهْقَةً ثُمَّ سَكَتَ ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَأَنَا أَحْسَبُهُ قَدْ غُشِيَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ مَاتَ أَبُوكَ وَيُوشِكُ أَنْ تَمُوتَ ، وَمَاتَ أَبُو حَيَّانَ ، فَإِمَّا إِلَى جَنَّةٍ ، وَإِمَّا إِلَى نَارٍ ، وَمَاتَ آدَمُ وَمَاتَتْ حَوَّاءُ ، يَا ابْنَ حَيَّانَ وَمَاتَ نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ ، يَا ابْنَ حَيَّانَ وَمَاتَ مُوسَى نَجِيُّ الرَّحْمَنِ ، يَا ابْنَ حَيَّانَ وَمَاتَ دَاوُدُ خَلِيفَةُ الرَّحْمَنِ ، وَمَاتَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولُ الرَّحْمَنِ ، وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةُ الْمُسْلِمِينَ ، يَا ابْنَ حَيَّانَ وَمَاتَ أَخِي وَصَدِيقِي وَصَفِيِّي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، ثُمَّ قَالَ : وَاعُمَرَاهُ رَحِمَكَ اللَّهُ يَا عُمَرُ ، وَعُمَرُ يَوْمَئِذٍ حَيٌّ ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ خِلَافَتِهِ ، قَالَ : قُلْتُ : رَحِمَكَ اللَّهُ إِنَّ عُمَرَ لَمْ يَمُتْ بَعْدُ ، قَالَ : بَلَى ، إِنَّ رَبِّي قَدْ نَعَاهُ إِلَيَّ إِنْ كُنْتَ تَفْهَمُ فَقَدْ عَلِمْتَ مَا قُلْتُ ، وَأَنَا وَأَنْتَ فِي الْمَوْتَى ، وَقَدْ كَانَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا بِدَعَوَاتٍ خِفَافٍ ثُمَّ قَالَ : هَذِهِ وَصِيَّتِي إِيَّاكَ ، يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاللِّقَاءُ بِالصَّالِحِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ نَعَيْتُ إِلَيَّ نَفْسِي وَنَفْسَكَ ، فَعَلَيْكَ بِذِكْرِ الْمَوْتِ لَا يُفَارِقَنَّ قَلْبَكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، وَأَنْذِرْ قَوْمَكَ إِذَا رَجَعْتَ إِلَيْهِمْ ، وَانْصَحْ لِأَهْلِ مِلَّتِكَ جَمِيعًا ، وَاكْدَحْ لِنَفْسِكَ ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُفَارِقَ الْجَمَاعَةَ فَتُفَارِقَ دِينَكَ وَأَنْتَ لَا تَعْلَمُ فَتَدْخُلَ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ يُحِبُّنِي فِيكَ وَزَارَنِي مِنْ أَجَلِكَ ، اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي وَجْهَهُ فِي الْجَنَّةِ ، وَأَدْخِلْهُ عَلَيَّ زَائِرًا فِي دَارِكَ دَارِ السَّلَامِ ، وَاحْفَظْهُ مَا دَامَتِ الدُّنْيَا حَيْثُمَا كَانَ ، وَضُمَّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ ، وَارْضِهِ مِنَ الدُّنْيَا بِالْيَسِيرِ ، وَمَا أَعْطَيْتَهُ مِنَ الدُّنْيَا فَيَسِّرْهُ لَهُ ، وَاجْعَلْهُ لِمَا تُعْطِيهِ مِنْ عَمَلٍ مِنَ الشَّاكِرِينَ ، وَاجْزِهِ خَيْرَ الْجَزَاءِ ، أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، ثُمَّ قَالَ : لَا أَرَاكَ بَعْدَ الْيَوْمِ رَحِمَكَ اللَّهُ فَإِنِّي أَكْرَهُ الشُّهْرَةَ ، وَالْوَحْدَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنِّي شَدِيدُ الْغَمِّ كَثِيرُ الْهَمِّ مَا دُمْتُ مَعَ هَؤُلَاءِ النَّاسِ حَيًّا فِي الدُّنْيَا ، وَلَا تَسْأَلْ عَنِّي ، وَلَا تَطْلُبْنِي ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ مِنِّي عَلَى بَالٍ ، وَإِنْ لَمْ تَرَنِ فَاذْكُرْنِي وَادْعُ لِي ، فَإِنِّي سَأَذْكُرُكَ وَأَدْعُو لَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، انْطَلِقْ هَهُنَا حَتَّى آخُذَ هَهُنَا ، قَالَ : فَحَرِصْتُ عَلَيْهِ أَنْ أَمْشِيَ مَعَهُ سَاعَةً فَأَبَى عَلَيَّ فَفَارَقَتْهُ يَبْكِي وَأَبْكِي ، قَالَ : فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي قَفَاهُ حَتَّى دَخَلَ فِي بَعْضِ السِّكَكِ ، فَكَمْ طَلَبَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَأَلْتُ عَنْهُ فَمَا وَجَدْتُ أَحَدًا يُخْبِرُنِي عَنْهُ بِشَيْءٍ فَرَحِمَهُ اللَّهُ ، وَمَا أَتَتْ عَلَيَّ جُمُعَةٌ إِلَّا وَأَنَا أُرَاهُ فِي مَنَامِي مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ، أَوْ كَمَا قَالَ

    أخبرنا مُحَمَّدٌ ، أنا مُحَمَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنِي جَدِّي ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى ، قَالَ : ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ شُمَيْطٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَسْلَمَ الْعِجْلِيِّ ، يَقُولُ : حَدَّثَنِي أَبُو الضَّحَّاكِ الْجَرْمِيُّ ، عَنْ هَرِمِ بْنِ حَيَّانَ الْعَبْدِيِّ ، قَالَ : قَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَلَمْ يَكُنْ لِي هَمٌّ إِلَّا أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ أَطْلُبُهُ وَأَسْأَلُ عَنْهُ ؛ حَتَّى سَقَطْتُ عَلَيْهِ جَالِسًا وَحْدَهُ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ نِصْفَ النَّهَارِ يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ ثَوْبَهُ ، فَعَرَفْتُهُ بِالنَّعْتِ الَّذِي نُعِتَ لِي ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ لَحِيمٌ شَدِيدُ الْأَدَمَةِ أَشْعَرُ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ كَثُّ اللِّحْيَةِ عَلَيْهِ إِزَارٌ مِنْ صُوفٍ وَرِدَاءٌ مِنْ صُوفٍ بِغَيْرِ حِذَاءٍ كَرِيهُ الْوَجْهِ مَهِيبُ الْمَنْظَرِ جِدًّا ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ وَنَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ : حَيَّاكَ اللَّهُ مِنْ رَجُلٍ ، وَمَدَدْتُ يَدِي إِلَيْهِ لِأُصَافِحَهُ فَأَبَى أَنْ يُصَافِحَنِي فَقَالَ هَكَذَا : وَأَنْتَ فَحَيَّاكَ اللَّهُ ، فَقُلْتُ : رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أُوَيْسُ وَغَفَرَ لَكَ ، كَيْفَ أَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ ؟ ثُمَّ خَنَقَتْنِي الْعَبْرَةُ مِنْ حُبِّي إِيَّاهُ وَرِقَّتِي إِذْ رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِ مَا رَأَيْتُ حَتَّى بَكَيْتُ ، فَبَكَى ثُمَّ قَالَ : وَأَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ يَا هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ وَغَفَرَ لَكَ ، كَيْفَ أَنْتَ يَا أَخِي ؟ مَنْ دَلَّكَ عَلَيَّ ؟ قَالَ : قُلْتُ : اللَّهُ ، قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا حِينَ سَمَّانِي وَعَرَّفَنِي ، قَالَ : لَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ وَلَا رَآنِي ، قُلْتُ : مِنْ أَيْنَ عَرَفْتَنِي وَعَرَفْتَ اسْمِي وَاسْمَ أَبِي ؟ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُكَ قَطُّ قَبْلَ الْيَوْمِ ، قَالَ : نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ، عَرَفَتْ رُوحِي رُوحَكَ حَيْثُ كَلَّمَتْ نَفْسِي نَفْسَكَ ، إِنَّ الْأَرْوَاحَ لَهَا أَنْفُسٌ كَأَنْفُسِ الْأَحْيَاءِ ، إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَيَتَحَابُّونَ بِرُوحِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ لَمْ يَلْتَقُوا وَيَتَعَارَفُوا وَيَتَكَلَّمُوا وَإِنْ نَأَتْ بِهِمُ الدِّيَارُ وَتَفَرَّقَتْ بِهِمُ الْمَنَازِلُ ، قَالَ : قُلْتُ : حَدِّثْنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِحَدِيثٍ أَحْفَظُهُ عَنْكَ ، قَالَ : إِنِّي لَمْ أُدْرِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ لِي مَعَهُ صُحْبَةٌ ، وَلَكِنْ قَدْ رَأَيْتُ رِجَالًا قَدْ رَأَوْهُ ، وَقَدْ بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِهِ كَبَعْضِ مَا بَلَغَكُمْ وَلَمْ أُحِبَّ أَنْ أَفْتَحَ هَذَا الْبَابَ عَلَى نَفْسِي وَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مُحَدِّثًا أَوْ قَاضِيًا أَوْ مُفْتِيًا ، فِي النَّفْسِ شُغُلٌ عَنِ النَّاسِ يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا أَخِي اقْرَأْ عَلَيَّ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَسْمَعُهُنَّ مِنْكَ ، فَإِنِّي أُحِبَّكَ فِي اللَّهِ حُبًّا شَدِيدًا ، وَادْعُ لِي بِدَعَوَاتٍ ، وَأَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ أَحْفَظُهَا عَنْكَ ، قَالَ : فَقَامَ فَأَخَذَ بِيَدِي عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ ثُمَّ قَالَ : أَعُوذُ بِالسَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، قَالَ : ثُمَّ شَهِقَ شَهْقَةً ثُمَّ بَكَى مَكَانَهُ ثُمَّ قَالَ : قَالَ رَبِّي وَأَحَقُّ الْقَوْلِ قَوْلُ رَبِّي ، وَأَصْدَقُ الْحَدِيثِ حَدِيثُهُ ، وَأَحْسَنُ الْكَلَامِ كَلَامُهُ : {{ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ، مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ }} حَتَّى بَلَغَ {{ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ }} ثُمَّ شَهِقَ شَهْقَةً ثُمَّ سَكَتَ ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَأَنَا أَحْسَبُهُ قَدْ غُشِيَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ مَاتَ أَبُوكَ وَيُوشِكُ أَنْ تَمُوتَ ، وَمَاتَ أَبُو حَيَّانَ ، فَإِمَّا إِلَى جَنَّةٍ ، وَإِمَّا إِلَى نَارٍ ، وَمَاتَ آدَمُ وَمَاتَتْ حَوَّاءُ ، يَا ابْنَ حَيَّانَ وَمَاتَ نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ ، يَا ابْنَ حَيَّانَ وَمَاتَ مُوسَى نَجِيُّ الرَّحْمَنِ ، يَا ابْنَ حَيَّانَ وَمَاتَ دَاوُدُ خَلِيفَةُ الرَّحْمَنِ ، وَمَاتَ مُحَمَّدٌ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَسُولُ الرَّحْمَنِ ، وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةُ الْمُسْلِمِينَ ، يَا ابْنَ حَيَّانَ وَمَاتَ أَخِي وَصَدِيقِي وَصَفِيِّي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، ثُمَّ قَالَ : وَاعُمَرَاهُ رَحِمَكَ اللَّهُ يَا عُمَرُ ، وَعُمَرُ يَوْمَئِذٍ حَيٌّ ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ خِلَافَتِهِ ، قَالَ : قُلْتُ : رَحِمَكَ اللَّهُ إِنَّ عُمَرَ لَمْ يَمُتْ بَعْدُ ، قَالَ : بَلَى ، إِنَّ رَبِّي قَدْ نَعَاهُ إِلَيَّ إِنْ كُنْتَ تَفْهَمُ فَقَدْ عَلِمْتَ مَا قُلْتُ ، وَأَنَا وَأَنْتَ فِي الْمَوْتَى ، وَقَدْ كَانَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَدَعَا بِدَعَوَاتٍ خِفَافٍ ثُمَّ قَالَ : هَذِهِ وَصِيَّتِي إِيَّاكَ ، يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاللِّقَاءُ بِالصَّالِحِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ نَعَيْتُ إِلَيَّ نَفْسِي وَنَفْسَكَ ، فَعَلَيْكَ بِذِكْرِ الْمَوْتِ لَا يُفَارِقَنَّ قَلْبَكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، وَأَنْذِرْ قَوْمَكَ إِذَا رَجَعْتَ إِلَيْهِمْ ، وَانْصَحْ لِأَهْلِ مِلَّتِكَ جَمِيعًا ، وَاكْدَحْ لِنَفْسِكَ ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُفَارِقَ الْجَمَاعَةَ فَتُفَارِقَ دِينَكَ وَأَنْتَ لَا تَعْلَمُ فَتَدْخُلَ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ يُحِبُّنِي فِيكَ وَزَارَنِي مِنْ أَجَلِكَ ، اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي وَجْهَهُ فِي الْجَنَّةِ ، وَأَدْخِلْهُ عَلَيَّ زَائِرًا فِي دَارِكَ دَارِ السَّلَامِ ، وَاحْفَظْهُ مَا دَامَتِ الدُّنْيَا حَيْثُمَا كَانَ ، وَضُمَّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ ، وَارْضِهِ مِنَ الدُّنْيَا بِالْيَسِيرِ ، وَمَا أَعْطَيْتَهُ مِنَ الدُّنْيَا فَيَسِّرْهُ لَهُ ، وَاجْعَلْهُ لِمَا تُعْطِيهِ مِنْ عَمَلٍ مِنَ الشَّاكِرِينَ ، وَاجْزِهِ خَيْرَ الْجَزَاءِ ، أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، ثُمَّ قَالَ : لَا أَرَاكَ بَعْدَ الْيَوْمِ رَحِمَكَ اللَّهُ فَإِنِّي أَكْرَهُ الشُّهْرَةَ ، وَالْوَحْدَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنِّي شَدِيدُ الْغَمِّ كَثِيرُ الْهَمِّ مَا دُمْتُ مَعَ هَؤُلَاءِ النَّاسِ حَيًّا فِي الدُّنْيَا ، وَلَا تَسْأَلْ عَنِّي ، وَلَا تَطْلُبْنِي ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ مِنِّي عَلَى بَالٍ ، وَإِنْ لَمْ تَرَنِ فَاذْكُرْنِي وَادْعُ لِي ، فَإِنِّي سَأَذْكُرُكَ وَأَدْعُو لَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، انْطَلِقْ هَهُنَا حَتَّى آخُذَ هَهُنَا ، قَالَ : فَحَرِصْتُ عَلَيْهِ أَنْ أَمْشِيَ مَعَهُ سَاعَةً فَأَبَى عَلَيَّ فَفَارَقَتْهُ يَبْكِي وَأَبْكِي ، قَالَ : فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي قَفَاهُ حَتَّى دَخَلَ فِي بَعْضِ السِّكَكِ ، فَكَمْ طَلَبَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَأَلْتُ عَنْهُ فَمَا وَجَدْتُ أَحَدًا يُخْبِرُنِي عَنْهُ بِشَيْءٍ فَرَحِمَهُ اللَّهُ ، وَمَا أَتَتْ عَلَيَّ جُمُعَةٌ إِلَّا وَأَنَا أُرَاهُ فِي مَنَامِي مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ، أَوْ كَمَا قَالَ