عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ ، قَالَ : لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ اسْتَخْفَى عَلِيٌّ فِي دَارٍ لِأَبِي عُمَرَ بْنِ مِحْصَنٍ الْأَنْصَارِيِّ ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ الدَّارَ ، فَتَدَاكُّوا عَلَى يَدِهِ لِيُبَايِعُوهُ تَدَاكَّ الْإِبِلِ الْهِيمِ عَلَى حِيَاضِهَا ، وَقَالُوا : نُبَايِعُكَ . قَالَ : لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ ، عَلَيْكُمْ بِطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ . قَالَ : فَانْطَلِقْ إِذًا مَعَنَا . قَالَ لِي أَبُو أَرْوَى السَّدُوسِيُّ : لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا رَأَتْ عَيْنَايَ وَسَمِعَتْ أُذُنَايَ . فَخَرَجَ عَلِيٌّ وَأَنَا مَعَهُ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى أَتَيْنَا طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ ، فَقَالَ لَهُ : إِنَّ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا لِيُبَايِعُونِي ، وَلَا حَاجَةَ لِي فِي بَيْعَتِهِمْ ، فَابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ : أَنْتَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنِّي وَأَحَقُّ ؛ لِسَابِقَتِكَ وَقَرَابَتِكَ ، وَقَدِ اجْتَمَعَ لَكَ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّاسِ مَنْ قَدْ تَفَرَّقَ عَنِّي . فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : أَخَافُ أَنْ تَنْكُثَ بَيْعَتِي وَتَغْدِرَ بِي . قَالَ : لَا تَخَافَنَّ ذَلِكَ ، فَوَاللَّهِ لَا تَرَى مِنْ قِبَلِي أَبَدًا شَيْئًا تَكْرَهُهُ . قَالَ : اللَّهُ عَلَيْكَ بِذَلِكَ كَفِيلٌ . قَالَ : اللَّهُ عَلَيَّ بِذَلِكَ كَفِيلٌ . قَالَ : ثُمَّ أَتَى الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ ، وَنَحْنُ مَعَهُ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِطَلْحَةَ ، وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ طَلْحَةُ ، وَكَانَ طَلْحَةُ قَدْ أَخَذَ لِقَاحًا لِعُثْمَانَ ، وَمَفَاتِيحَ بَيْتِ الْمَالِ ، وَكَانَ النَّاسُ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ لِيُبَايِعُوهُ ، وَلَمْ يَفْعَلُوا ، فَضَرَبَتِ الرُّكْبَانُ بِخَبَرِهِ إِلَى عَائِشَةَ وَهِيَ بِسَرِفَ ، فَقَالَتْ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى إِصْبَعِهِ تُبَايِعُ بِخِبٍّ وَغَرَرٍ . قَالَ سَالِمٌ : وَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ : لَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَلِيٍّ قَالُوا لَهُ : إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ قُتِلَ ، وَلَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ إِمَامٍ ، وَلَا نَجِدُ لِهَذَا الْأَمْرِ أَحَقَّ مِنْكَ ، وَلَا أَقْدَمَ سَابِقَةً ، وَلَا أَقْرَبَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِمًا مِنْكَ . قَالَ : لَا تَفْعَلُوا ، فَإِنِّي وَزِيرٌ خَيْرٌ مِنِّي لَكُمْ أَمِيرًا . قَالُوا : وَاللَّهِ مَا نَحْنُ بِفَاعِلِينَ أَبَدًا حَتَّى نُبَايِعَكَ . وَتَدَاكُّوا عَلَى يَدِهِ ، فَلَّمَا رَأَى ذَلَكَ قَالَ : إِنَّ بَيْعَتِي لَا تَكُونُ فِي خَلْوَةٍ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ ظَاهِرًا . وَأَمَرَ مُنَادِيًا ، فَنَادَى : الْمَسْجِدَ الْمَسْجِدَ ، فَخَرَجَ ، وَخَرَجَ النَّاسُ مَعَهُ ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : حَقٌّ وَبَاطِلٌ ، وَلِكُلٍّ أَهْلٌ ، فَلَئِنْ كَثُرَ الْبَاطِلُ لَقَدْ نَمَا بِمَا فُعِلَ ، وَلَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ ، وَلَرُبَّمَا وَلَقَلَّمَا أَدْبَرَ شَيْءٌ فَأَقْبَلَ ، وَلَئِنْ رُدَّ عَلَيْكُمْ أَمْرُكُمْ إِنَّكُمْ لَسُعَدَاءُ ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ تَكُونُوا فِي فَتْرَةٍ ، وَمَا عَلَيَّ إِلَّا الْجَهْدُ ، سَبَقَ الرَّجُلَانِ ، وَقَامَ الثَّالِثُ ثَلَاثَةٍ ، وَاثْنَانِ لَيْسَ مَعَهُمَا سَادِسٌ ، مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، وَمَنْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَهُ ، وَصِدِّيقٌ نَجَا ، وَسَاعٍ مُجْتَهِدٌ ، وَطَالِبٌ يَرْجُو أَثَرَ السَّادِسِ ، هَلَكَ مَنِ ادَّعَى ، وَخَابَ مَنِ افْتَرَى ، الْيَمِينُ وَالشِّمَالُ مَضَلَّةٌ ، وَالْوُسْطَى الْجَادَّةُ مَنْهَجٌ عَلَيْهِ بِمَا فِي الْكِتَابِ وَآثَارِ النُّبُوَّةِ ، فَإِنَّ اللَّهَ أَدَّبَ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّوْطِ وَالسَّيْفِ ، لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِمَا عِنْدَنَا هَوَادَةٌ ، فَاسْتَتِرُوا بِسَوْآتِكُمْ ، وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ، وَتَعَاطَوُا الْحَقَّ فِيمَا بَيْنَكُمْ ، فَمَنْ أَبْرَزَ صَفْحَتَهُ مُعَانِدًا لِلْحَقِّ هَلَكَ ، وَالتَّوْبَةُ مِنْ وَرَائِكُمْ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ . فَهِيَ أَوَّلُ خِطْبَةٍ خَطَبَهَا بَعْدَمَا اسْتُخْلِفَ
أنا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُقْرِي ، قَالَ : نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : نا الْقَاسِمُ بْنُ الْحَكَمِ ، قَالَ : نا أَبُو حَمْزَةَ ثَابِتُ بْنُ أَبِي صَفِيَّةَ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ ، قَالَ : لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ اسْتَخْفَى عَلِيٌّ فِي دَارٍ لِأَبِي عُمَرَ بْنِ مِحْصَنٍ الْأَنْصَارِيِّ ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ الدَّارَ ، فَتَدَاكُّوا عَلَى يَدِهِ لِيُبَايِعُوهُ تَدَاكَّ الْإِبِلِ الْهِيمِ عَلَى حِيَاضِهَا ، وَقَالُوا : نُبَايِعُكَ . قَالَ : لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ ، عَلَيْكُمْ بِطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ . قَالَ : فَانْطَلِقْ إِذًا مَعَنَا . قَالَ لِي أَبُو أَرْوَى السَّدُوسِيُّ : لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا رَأَتْ عَيْنَايَ وَسَمِعَتْ أُذُنَايَ . فَخَرَجَ عَلِيٌّ وَأَنَا مَعَهُ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى أَتَيْنَا طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ ، فَقَالَ لَهُ : إِنَّ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا لِيُبَايِعُونِي ، وَلَا حَاجَةَ لِي فِي بَيْعَتِهِمْ ، فَابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ : أَنْتَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنِّي وَأَحَقُّ ؛ لِسَابِقَتِكَ وَقَرَابَتِكَ ، وَقَدِ اجْتَمَعَ لَكَ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّاسِ مَنْ قَدْ تَفَرَّقَ عَنِّي . فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : أَخَافُ أَنْ تَنْكُثَ بَيْعَتِي وَتَغْدِرَ بِي . قَالَ : لَا تَخَافَنَّ ذَلِكَ ، فَوَاللَّهِ لَا تَرَى مِنْ قِبَلِي أَبَدًا شَيْئًا تَكْرَهُهُ . قَالَ : اللَّهُ عَلَيْكَ بِذَلِكَ كَفِيلٌ . قَالَ : اللَّهُ عَلَيَّ بِذَلِكَ كَفِيلٌ . قَالَ : ثُمَّ أَتَى الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ ، وَنَحْنُ مَعَهُ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِطَلْحَةَ ، وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ طَلْحَةُ ، وَكَانَ طَلْحَةُ قَدْ أَخَذَ لِقَاحًا لِعُثْمَانَ ، وَمَفَاتِيحَ بَيْتِ الْمَالِ ، وَكَانَ النَّاسُ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ لِيُبَايِعُوهُ ، وَلَمْ يَفْعَلُوا ، فَضَرَبَتِ الرُّكْبَانُ بِخَبَرِهِ إِلَى عَائِشَةَ وَهِيَ بِسَرِفَ ، فَقَالَتْ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى إِصْبَعِهِ تُبَايِعُ بِخِبٍّ وَغَرَرٍ . قَالَ سَالِمٌ : وَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ : لَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَلِيٍّ قَالُوا لَهُ : إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ قُتِلَ ، وَلَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ إِمَامٍ ، وَلَا نَجِدُ لِهَذَا الْأَمْرِ أَحَقَّ مِنْكَ ، وَلَا أَقْدَمَ سَابِقَةً ، وَلَا أَقْرَبَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَحِمًا مِنْكَ . قَالَ : لَا تَفْعَلُوا ، فَإِنِّي وَزِيرٌ خَيْرٌ مِنِّي لَكُمْ أَمِيرًا . قَالُوا : وَاللَّهِ مَا نَحْنُ بِفَاعِلِينَ أَبَدًا حَتَّى نُبَايِعَكَ . وَتَدَاكُّوا عَلَى يَدِهِ ، فَلَّمَا رَأَى ذَلَكَ قَالَ : إِنَّ بَيْعَتِي لَا تَكُونُ فِي خَلْوَةٍ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ ظَاهِرًا . وَأَمَرَ مُنَادِيًا ، فَنَادَى : الْمَسْجِدَ الْمَسْجِدَ ، فَخَرَجَ ، وَخَرَجَ النَّاسُ مَعَهُ ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : حَقٌّ وَبَاطِلٌ ، وَلِكُلٍّ أَهْلٌ ، فَلَئِنْ كَثُرَ الْبَاطِلُ لَقَدْ نَمَا بِمَا فُعِلَ ، وَلَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ ، وَلَرُبَّمَا وَلَقَلَّمَا أَدْبَرَ شَيْءٌ فَأَقْبَلَ ، وَلَئِنْ رُدَّ عَلَيْكُمْ أَمْرُكُمْ إِنَّكُمْ لَسُعَدَاءُ ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ تَكُونُوا فِي فَتْرَةٍ ، وَمَا عَلَيَّ إِلَّا الْجَهْدُ ، سَبَقَ الرَّجُلَانِ ، وَقَامَ الثَّالِثُ ثَلَاثَةٍ ، وَاثْنَانِ لَيْسَ مَعَهُمَا سَادِسٌ ، مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، وَمَنْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَهُ ، وَصِدِّيقٌ نَجَا ، وَسَاعٍ مُجْتَهِدٌ ، وَطَالِبٌ يَرْجُو أَثَرَ السَّادِسِ ، هَلَكَ مَنِ ادَّعَى ، وَخَابَ مَنِ افْتَرَى ، الْيَمِينُ وَالشِّمَالُ مَضَلَّةٌ ، وَالْوُسْطَى الْجَادَّةُ مَنْهَجٌ عَلَيْهِ بِمَا فِي الْكِتَابِ وَآثَارِ النُّبُوَّةِ ، فَإِنَّ اللَّهَ أَدَّبَ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّوْطِ وَالسَّيْفِ ، لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِمَا عِنْدَنَا هَوَادَةٌ ، فَاسْتَتِرُوا بِسَوْآتِكُمْ ، وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ، وَتَعَاطَوُا الْحَقَّ فِيمَا بَيْنَكُمْ ، فَمَنْ أَبْرَزَ صَفْحَتَهُ مُعَانِدًا لِلْحَقِّ هَلَكَ ، وَالتَّوْبَةُ مِنْ وَرَائِكُمْ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ . فَهِيَ أَوَّلُ خِطْبَةٍ خَطَبَهَا بَعْدَمَا اسْتُخْلِفَ