• 267
  • ثنا إِدْرِيسُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْمُقْرِئُ ، قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ أَبَا ثَوْرٍ عَنِ الْإِيمَانِ ، وَمَا هُوَ ؟ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ ؟ ، وَقَوْلٌ هُوَ أَوْ قَوْلٌ وَعَمَلٌ ؟ وَتَصْدِيقٌ وَعَمَلٌ ؟ فَأَجَابَهُ أَبُو ثَوْرٍ بِهَذَا ، فَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ : " سَأَلْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ وَعَفَا عَنَّا وَعَنْكَ عَنِ الْإِيمَانِ مَا هُوَ ؟ ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ ؟ وَقَوْلٌ هُوَ أَوْ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَتَصْدِيقٌ وَعَمَلٌ ؟ فَأُخْبِرُكَ بِقَوْلِ الطَّوَائِفِ وَاخْتِلَافِهِمْ : فَاعْلَمْ يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ أَنَّ الْإِيمَانَ تَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ ، وَقَوْلٌ بِاللِّسَانِ ، وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافٌ فِي رَجُلٍ لَوْ قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَاحِدٌ ، وَأَنَّ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ حَقٌّ ، وَأَقَرَّ بِجَمِيعِ الشَّرَائِعِ ثُمَّ قَالَ : مَا عَقَدَ قَلْبِي عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا ، وَلَا أُصَدِّقُ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ ، وَلَوْ قَالَ : الْمَسِيحُ هُوَ اللَّهُ ، وَجَحَدَ أَمْرَ الْإِسْلَامِ قَالَ : لَمْ يَعْتَقِدْ قَلْبِي عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ كَافِرٌ بِإِظْهَارِ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ بِالْإِقْرَارِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ التَّصْدِيقُ مُؤْمِنًا ، وَلَا بِالتَّصْدِيقِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْإِقْرَارُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَكُونَ مُصَدِّقًا بِقَلْبِهِ مُقِرًّا بِلِسَانِهِ ، فَإِذَا كَانَ تَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ وَإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ كَانَ عِنْدَهُمْ مُؤْمِنًا ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لَا يَكُونُ حَتَّى يَكُونَ مَعَ التَّصْدِيقِ عَمَلٌ ؛ فَيَكُونَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ إِذَا اجْتَمَعَتْ مُؤْمِنًا ، فَلَمَّا نَفَوْا أَنَّ الْإِيمَانَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَقَالُوا : يَكُونُ بِشَيْئَيْنِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ ، وَثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فِي قَوْلِ غَيْرِهِمْ ، لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا إِلَّا بِمَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَشْيَاءِ ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا جَاءَ بِالثَّلَاثَةِ أَشْيَاءَ فَكُلُّهُمْ يَشْهَدُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ ، فَقُلْنَا بِمَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ مِنَ التَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ ، وَالْإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ ، وَعَمَلٍ بِالْجَوَارِحِ ، فَأَمَّا الطَّائِفَةُ الَّتِي زَعَمَتْ أَنَّ الْعَمَلَ لَيْسَ مِنَ الْإِيمَانِ ، فَيُقَالُ لَهُمْ : مَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْعِبَادِ إِذْ قَالَ لَهُمْ : أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ إِلَّا إِقَرَارًا بِذَلِكَ أَوِ الْإِقْرَارَ وَالْعَمَلَ ، فَإِنْ قَالَتْ : إِنَّ اللَّهَ أَرَادَ الْإِقْرَارَ وَلَمْ يُرِدِ الْعَمَلَ ، فَقَدْ كَفَرَتْ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، مَنْ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ مِنَ الْعِبَادِ أَنْ يُصَلُّوا وَلَا يُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، فَإِنْ قَالَتْ أَرَادَ مِنْهُمُ الْإِقْرَارَ وَالْعَمَلَ قِيلَ : فَإِذَا أَرَادَ مِنْهُمُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا لِمَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُ يَكُونُ مُؤْمِنًا بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَقَدْ أَرَادَهُمَا جَمِيعًا ؟ أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : أَعْمَلُ جَمِيعَ مَا أَمَرَ اللَّهُ وَلَا أُقِرُّ بِهِ أَيَكُونُ مُؤْمِنًا ؟ فَإِنْ قَالُوا : لَا ، قِيلَ لَهُمْ : فَإِنْ قَالَ : أُقِرُّ بِجَمِيعِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَلَا أَعْمَلُ مِنْهُ شَيْئًا أَيَكُونُ مُؤْمِنًا ؟ فَإِنْ قَالُوا : نَعَمْ ، قِيلَ لَهُمْ : مَا الْفَرْقُ وَقَدْ زَعَمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرَادَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا ، فَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ بِأَحَدِهِمَا مُؤْمِنًا إِذَا تَرَكَ الْآخَرَ جَازَ أَنْ يَكُونَ بِالْآخَرِ إِذَا عَمِلَ وَلَمْ يُقِرَّ مُؤْمِنًا ، لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ ، فَإِنِ احْتَجَّ فَقَالَ : لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَسْلَمَ فَأَقَرَّ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَكُونُ مُؤْمِنًا بِهَذَا الْإِقْرَارِ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ وَقْتُ عَمَلٍ ؟ قِيلَ لَهُ : إِنَّمَا نُطْلِقُ لَهُ الِاسْمَ بِتَصْدِيقِهِ أَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَنْ يَعْمَلَهُ فِي وَقْتِهِ إِذَا جَاءَ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ الْإِقْرَارُ بِجَمِيعِ مَا يَكُونُ بِهِ مُؤْمِنًا ، وَقَالَ : أُقِرُّ وَلَا أَعْمَلُ لَمْ نُطْلِقْ لَهُ اسْمَ الْإِيمَانِ ، وَفِيمَا بَيَّنَّا مِنْ هَذَا مَا يُكْتَفَى بِهِ ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ "

    وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَصِيرُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : ثنا إِدْرِيسُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْمُقْرِئُ ، قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ أَبَا ثَوْرٍ عَنِ الْإِيمَانِ ، وَمَا هُوَ ؟ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ ؟ ، وَقَوْلٌ هُوَ أَوْ قَوْلٌ وَعَمَلٌ ؟ وَتَصْدِيقٌ وَعَمَلٌ ؟ فَأَجَابَهُ أَبُو ثَوْرٍ بِهَذَا ، فَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ : سَأَلْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ وَعَفَا عَنَّا وَعَنْكَ عَنِ الْإِيمَانِ مَا هُوَ ؟ ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ ؟ وَقَوْلٌ هُوَ أَوْ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَتَصْدِيقٌ وَعَمَلٌ ؟ فَأُخْبِرُكَ بِقَوْلِ الطَّوَائِفِ وَاخْتِلَافِهِمْ : فَاعْلَمْ يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ أَنَّ الْإِيمَانَ تَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ ، وَقَوْلٌ بِاللِّسَانِ ، وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافٌ فِي رَجُلٍ لَوْ قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَاحِدٌ ، وَأَنَّ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ حَقٌّ ، وَأَقَرَّ بِجَمِيعِ الشَّرَائِعِ ثُمَّ قَالَ : مَا عَقَدَ قَلْبِي عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا ، وَلَا أُصَدِّقُ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ ، وَلَوْ قَالَ : الْمَسِيحُ هُوَ اللَّهُ ، وَجَحَدَ أَمْرَ الْإِسْلَامِ قَالَ : لَمْ يَعْتَقِدْ قَلْبِي عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ كَافِرٌ بِإِظْهَارِ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ بِالْإِقْرَارِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ التَّصْدِيقُ مُؤْمِنًا ، وَلَا بِالتَّصْدِيقِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْإِقْرَارُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَكُونَ مُصَدِّقًا بِقَلْبِهِ مُقِرًّا بِلِسَانِهِ ، فَإِذَا كَانَ تَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ وَإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ كَانَ عِنْدَهُمْ مُؤْمِنًا ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لَا يَكُونُ حَتَّى يَكُونَ مَعَ التَّصْدِيقِ عَمَلٌ ؛ فَيَكُونَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ إِذَا اجْتَمَعَتْ مُؤْمِنًا ، فَلَمَّا نَفَوْا أَنَّ الْإِيمَانَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَقَالُوا : يَكُونُ بِشَيْئَيْنِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ ، وَثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فِي قَوْلِ غَيْرِهِمْ ، لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا إِلَّا بِمَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَشْيَاءِ ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا جَاءَ بِالثَّلَاثَةِ أَشْيَاءَ فَكُلُّهُمْ يَشْهَدُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ ، فَقُلْنَا بِمَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ مِنَ التَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ ، وَالْإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ ، وَعَمَلٍ بِالْجَوَارِحِ ، فَأَمَّا الطَّائِفَةُ الَّتِي زَعَمَتْ أَنَّ الْعَمَلَ لَيْسَ مِنَ الْإِيمَانِ ، فَيُقَالُ لَهُمْ : مَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْعِبَادِ إِذْ قَالَ لَهُمْ : أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ إِلَّا إِقَرَارًا بِذَلِكَ أَوِ الْإِقْرَارَ وَالْعَمَلَ ، فَإِنْ قَالَتْ : إِنَّ اللَّهَ أَرَادَ الْإِقْرَارَ وَلَمْ يُرِدِ الْعَمَلَ ، فَقَدْ كَفَرَتْ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، مَنْ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ مِنَ الْعِبَادِ أَنْ يُصَلُّوا وَلَا يُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، فَإِنْ قَالَتْ أَرَادَ مِنْهُمُ الْإِقْرَارَ وَالْعَمَلَ قِيلَ : فَإِذَا أَرَادَ مِنْهُمُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا لِمَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُ يَكُونُ مُؤْمِنًا بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَقَدْ أَرَادَهُمَا جَمِيعًا ؟ أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : أَعْمَلُ جَمِيعَ مَا أَمَرَ اللَّهُ وَلَا أُقِرُّ بِهِ أَيَكُونُ مُؤْمِنًا ؟ فَإِنْ قَالُوا : لَا ، قِيلَ لَهُمْ : فَإِنْ قَالَ : أُقِرُّ بِجَمِيعِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَلَا أَعْمَلُ مِنْهُ شَيْئًا أَيَكُونُ مُؤْمِنًا ؟ فَإِنْ قَالُوا : نَعَمْ ، قِيلَ لَهُمْ : مَا الْفَرْقُ وَقَدْ زَعَمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرَادَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا ، فَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ بِأَحَدِهِمَا مُؤْمِنًا إِذَا تَرَكَ الْآخَرَ جَازَ أَنْ يَكُونَ بِالْآخَرِ إِذَا عَمِلَ وَلَمْ يُقِرَّ مُؤْمِنًا ، لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ ، فَإِنِ احْتَجَّ فَقَالَ : لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَسْلَمَ فَأَقَرَّ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَكُونُ مُؤْمِنًا بِهَذَا الْإِقْرَارِ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ وَقْتُ عَمَلٍ ؟ قِيلَ لَهُ : إِنَّمَا نُطْلِقُ لَهُ الِاسْمَ بِتَصْدِيقِهِ أَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَنْ يَعْمَلَهُ فِي وَقْتِهِ إِذَا جَاءَ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ الْإِقْرَارُ بِجَمِيعِ مَا يَكُونُ بِهِ مُؤْمِنًا ، وَقَالَ : أُقِرُّ وَلَا أَعْمَلُ لَمْ نُطْلِقْ لَهُ اسْمَ الْإِيمَانِ ، وَفِيمَا بَيَّنَّا مِنْ هَذَا مَا يُكْتَفَى بِهِ ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ