عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : وَلَمَّا رَجَعَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى مَكَّةَ وَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ ، أَقْبَلَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ حَتَّى جَلَسَ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فِي الْحِجْرِ فَقَالَ : قَبَّحَ اللَّهُ الْعَيْشَ بَعْدَ قَتْلَى بَدْرٍ قَالَ : أَجَلْ وَاللَّهِ مَا فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ بَعْدَهُمْ وَلَوْلَا دَيْنٌ عَلَيَّ لَا أَجِدُ لَهُ قَضَاءً وَعِيَالًا لَا أَدَعُ لَهُمْ شَيْئًا لَرَحَلْتُ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقَتَلْتُهُ إنْ مَلَأْتُ عَيْنِي مِنْهُ ، فَإِنَّ لِي عِنْدَهُ عِلَّةً أَعْتَلُّ بِهَا لَهُ ، أَقُولُ قَدِمْتُ عَلَى ابْنِي هَذَا الْأَسِيرِ ، فَفَرِحَ صَفْوَانُ بِقَوْلِهِ وَقَالَ : عَلَيَّ دَيْنُكَ وَعِيَالُكَ أُسْوَةُ عِيَالِي فِي النَّفَقَةِ لَا يَسَعُنِي شَيْءٌ وَأَعْجَزُ عَنْهُ ، فَحَمَلَهُ صَفْوَانُ وَجَهَّزَهُ ، وَأَمَرَ بِسَيْفِ عُمَيْرٍ فَصَقَلَهُ وَسُمَّ ، وَقَالَ عُمَيْرٌ لِصَفْوَانَ : أَنِ اكْتُمْنِي أَيَّامًا ، فَأَقْبَلَ عُمَيْرٌ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ وَعَقَلَ رَاحِلَتَهُ وَأَخَذَ السَّيْفَ فَعَمَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ وَيَذْكُرُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ فِيهَا ، فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ مَعَهُ السَّيْفُ فَزِعَ وَقَالَ عُمَرُ : هَذَا الْكَلْبُ ، هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ الَّذِي حَرَّشَ بَيْنَنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَحَزَرَنَا لِلْقَوْمِ ، ثُمَّ قَامَ عُمَرُ وَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : هَذَا عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مُتَقَلِّدًا سَيْفَهُ وَهُوَ الْغَادِرُ الْفَاجِرُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَا تَأْمَنْهُ ، قَالَ : " أَدْخِلْهُ " فَخَرَجَ عُمَرُ فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَحْتَرِسُونَ مِنْ عُمَيْرٍ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ وَعُمَيْرٌ حَتَّى دَخَلَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ عُمَيْرٍ سَيْفُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ : " تَأَخَّرْ عَنْهُ " فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ عُمَيْرٌ قَالَ : أنْعِمُوا صَبَاحًا - وَهِيَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَدْ أكْرَمَنَا اللَّهُ عَنْ تَحِيَّتِكَ وَجَعَلَ تَحِيَّتَنَا تَحِيَّةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَهِيَ السَّلَامُ " فَقَالَ عُمَيْرٌ : إِنَّ عَهْدَكَ بِهَا لِحَدِيثٌ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَدْ أَبْدَلَنَا اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا ، فَمَا أَقْدَمَكَ يَا عُمَيْرُ " : قَالَ : قَدِمْتُ فِي أَسْرَانَا فَإِنَّكُمُ الْعَشِيرَةُ وَالْأَهْلُ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَمَا بَالُ السَّيْفِ فِي رَقَبَتِكَ ؟ " قَالَ عُمَيْرٌ : قَبَّحَها اللَّهُ مِنْ سُيُوفٍ وَهَلْ أَغْنَتْ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ ، إِنَّمَا نَسِيتُهُ فِي رَقَبَتِي حِينَ نَزَلْتُ ، وَلَعَمْرِي إِنَّ لِي بِهَا غَيْرَةً ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اصْدُقْنِي مَا أَقْدَمَكَ ؟ " قَالَ : مَا قَدِمْتُ إِلَّا فِي أَسِيرِي قَالَ : " فَمَا الَّذِي شَرَطْتَ لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فِي الْحِجْرِ " فَفَزِعَ عُمَيْرٌ وَقَالَ : مَاذَا شَرَطْتُ لَهُ ؟ قَالَ : " تَحَمَّلْتَ لَهُ بِقَتْلِي عَلَى أَنْ يَعُولَ بَنِيكَ وَيَقْضِي دَيْنَكَ ، وَاللَّهُ حَائِلٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ ذَاكَ " ، قَالَ عُمَيْرٌ : أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، كُنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نُكَذِّبُكَ بِالْوَحْيِ وَبِمَا يَأْتِيكَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَفْوَانَ بِالْحِجْرِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ وغَيْرِي ، فَأَخْبَرَكَ اللَّهُ بِهِ فَآمَنْتُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَاقَنِي لِهَذَا الْمَسَاقِ فَفَرِحَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ حِينَ هَدَاهُ اللَّهُ وَقَالَ عُمَرُ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، الْخِنْزِيرُ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عُمَيْرٍ حِينَ طَلَعَ ، وَلَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَعْضِ بَنِيَّ ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اجْلِسْ يَا عُمَيْرُ نُوَاسِيكَ " وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : " عَلِّمُوا أَخَاكُمْ الْقُرْآنَ وَأَطْلِقُوا لَهُ أَسِيرَهُ " ، فَقَالَ عُمَيْرٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ كُنْتُ جَاهِدًا فِيمَا اسْتَطَعْتُ عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَاقَنِي وَهَدَانِي ، فَأْذَنْ لِي فَلَأَلْحَقَ بِقُرَيْشٍ فَأَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ وَإلَى الْإِسْلَامِ لَعَلَّ اللَّهَ يَهْدِيهِمْ وَيَسْتَنْقِذُهُمْ مِنَ الْهَلَكَةِ ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ ، وَجَعَلَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ يَقُولُ لِقُرَيْشٍ فِي مَجَالِسِهِمْ : أَبْشِرُوا بِفَتْحٍ يُنْسِيكُمْ وَقْعَةَ بَدْرٍ وَجَعَلَ يَسْأَلُ كُلَّ رَاكِبٍ قَدِمَ مِنَ الْمَدِينَةِ ، هَلْ كَانَ بِهَا مِنْ حَدَثٍ ؟ وَكَانَ يَرْجُو مَا قَالَ : حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ ، فَسَأَلَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْهُ فَقَالَ : قَدْ أَسْلَمَ فَلَعَنَهُ الْمُشْرِكُونَ وَقَالُوا : صَبَأَ وَقَالَ صَفْوَانُ : إِنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أنْفَعَهُ بِنَفَقَةٍ أَبَدًا ، وَلَا أُكَلِّمَهُ مِنْ رَأْسِي كَلَامًا أَبَدًا ، وَقَدِمَ عَلَيْهِمْ عُمَيْرٌ فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَنَصَحَهُمْ جُهْدَهُمْ وَأَسْلَمَ بَشَرٌ كَثِيرٌ
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ هَارُونَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : وَلَمَّا رَجَعَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى مَكَّةَ وَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ ، أَقْبَلَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ حَتَّى جَلَسَ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فِي الْحِجْرِ فَقَالَ : قَبَّحَ اللَّهُ الْعَيْشَ بَعْدَ قَتْلَى بَدْرٍ قَالَ : أَجَلْ وَاللَّهِ مَا فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ بَعْدَهُمْ وَلَوْلَا دَيْنٌ عَلَيَّ لَا أَجِدُ لَهُ قَضَاءً وَعِيَالًا لَا أَدَعُ لَهُمْ شَيْئًا لَرَحَلْتُ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقَتَلْتُهُ إنْ مَلَأْتُ عَيْنِي مِنْهُ ، فَإِنَّ لِي عِنْدَهُ عِلَّةً أَعْتَلُّ بِهَا لَهُ ، أَقُولُ قَدِمْتُ عَلَى ابْنِي هَذَا الْأَسِيرِ ، فَفَرِحَ صَفْوَانُ بِقَوْلِهِ وَقَالَ : عَلَيَّ دَيْنُكَ وَعِيَالُكَ أُسْوَةُ عِيَالِي فِي النَّفَقَةِ لَا يَسَعُنِي شَيْءٌ وَأَعْجَزُ عَنْهُ ، فَحَمَلَهُ صَفْوَانُ وَجَهَّزَهُ ، وَأَمَرَ بِسَيْفِ عُمَيْرٍ فَصَقَلَهُ وَسُمَّ ، وَقَالَ عُمَيْرٌ لِصَفْوَانَ : أَنِ اكْتُمْنِي أَيَّامًا ، فَأَقْبَلَ عُمَيْرٌ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ وَعَقَلَ رَاحِلَتَهُ وَأَخَذَ السَّيْفَ فَعَمَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ وَيَذْكُرُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ فِيهَا ، فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ مَعَهُ السَّيْفُ فَزِعَ وَقَالَ عُمَرُ : هَذَا الْكَلْبُ ، هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ الَّذِي حَرَّشَ بَيْنَنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَحَزَرَنَا لِلْقَوْمِ ، ثُمَّ قَامَ عُمَرُ وَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : هَذَا عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مُتَقَلِّدًا سَيْفَهُ وَهُوَ الْغَادِرُ الْفَاجِرُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَا تَأْمَنْهُ ، قَالَ : أَدْخِلْهُ فَخَرَجَ عُمَرُ فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ثُمَّ يَحْتَرِسُونَ مِنْ عُمَيْرٍ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ وَعُمَيْرٌ حَتَّى دَخَلَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَمَعَ عُمَيْرٍ سَيْفُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِعُمَرَ : تَأَخَّرْ عَنْهُ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ عُمَيْرٌ قَالَ : أنْعِمُوا صَبَاحًا - وَهِيَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : قَدْ أكْرَمَنَا اللَّهُ عَنْ تَحِيَّتِكَ وَجَعَلَ تَحِيَّتَنَا تَحِيَّةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَهِيَ السَّلَامُ فَقَالَ عُمَيْرٌ : إِنَّ عَهْدَكَ بِهَا لِحَدِيثٌ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : قَدْ أَبْدَلَنَا اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا ، فَمَا أَقْدَمَكَ يَا عُمَيْرُ : قَالَ : قَدِمْتُ فِي أَسْرَانَا فَإِنَّكُمُ الْعَشِيرَةُ وَالْأَهْلُ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : فَمَا بَالُ السَّيْفِ فِي رَقَبَتِكَ ؟ قَالَ عُمَيْرٌ : قَبَّحَها اللَّهُ مِنْ سُيُوفٍ وَهَلْ أَغْنَتْ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ ، إِنَّمَا نَسِيتُهُ فِي رَقَبَتِي حِينَ نَزَلْتُ ، وَلَعَمْرِي إِنَّ لِي بِهَا غَيْرَةً ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اصْدُقْنِي مَا أَقْدَمَكَ ؟ قَالَ : مَا قَدِمْتُ إِلَّا فِي أَسِيرِي قَالَ : فَمَا الَّذِي شَرَطْتَ لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فِي الْحِجْرِ فَفَزِعَ عُمَيْرٌ وَقَالَ : مَاذَا شَرَطْتُ لَهُ ؟ قَالَ : تَحَمَّلْتَ لَهُ بِقَتْلِي عَلَى أَنْ يَعُولَ بَنِيكَ وَيَقْضِي دَيْنَكَ ، وَاللَّهُ حَائِلٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ ذَاكَ ، قَالَ عُمَيْرٌ : أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، كُنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نُكَذِّبُكَ بِالْوَحْيِ وَبِمَا يَأْتِيكَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَفْوَانَ بِالْحِجْرِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ وغَيْرِي ، فَأَخْبَرَكَ اللَّهُ بِهِ فَآمَنْتُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَاقَنِي لِهَذَا الْمَسَاقِ فَفَرِحَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ حِينَ هَدَاهُ اللَّهُ وَقَالَ عُمَرُ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، الْخِنْزِيرُ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عُمَيْرٍ حِينَ طَلَعَ ، وَلَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَعْضِ بَنِيَّ ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اجْلِسْ يَا عُمَيْرُ نُوَاسِيكَ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : عَلِّمُوا أَخَاكُمْ الْقُرْآنَ وَأَطْلِقُوا لَهُ أَسِيرَهُ ، فَقَالَ عُمَيْرٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ كُنْتُ جَاهِدًا فِيمَا اسْتَطَعْتُ عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَاقَنِي وَهَدَانِي ، فَأْذَنْ لِي فَلَأَلْحَقَ بِقُرَيْشٍ فَأَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ وَإلَى الْإِسْلَامِ لَعَلَّ اللَّهَ يَهْدِيهِمْ وَيَسْتَنْقِذُهُمْ مِنَ الْهَلَكَةِ ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ ، وَجَعَلَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ يَقُولُ لِقُرَيْشٍ فِي مَجَالِسِهِمْ : أَبْشِرُوا بِفَتْحٍ يُنْسِيكُمْ وَقْعَةَ بَدْرٍ وَجَعَلَ يَسْأَلُ كُلَّ رَاكِبٍ قَدِمَ مِنَ الْمَدِينَةِ ، هَلْ كَانَ بِهَا مِنْ حَدَثٍ ؟ وَكَانَ يَرْجُو مَا قَالَ : حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ ، فَسَأَلَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْهُ فَقَالَ : قَدْ أَسْلَمَ فَلَعَنَهُ الْمُشْرِكُونَ وَقَالُوا : صَبَأَ وَقَالَ صَفْوَانُ : إِنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أنْفَعَهُ بِنَفَقَةٍ أَبَدًا ، وَلَا أُكَلِّمَهُ مِنْ رَأْسِي كَلَامًا أَبَدًا ، وَقَدِمَ عَلَيْهِمْ عُمَيْرٌ فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَنَصَحَهُمْ جُهْدَهُمْ وَأَسْلَمَ بَشَرٌ كَثِيرٌ