وَحَمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ عَلِيًّا عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ الَّتِي كَانَ أَهْدَاهَا لَهُ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ ، فَانْطَلَقَ عَبَّاسٌ بِأَبِي سُفْيَانَ قَدْ أَرْدَفَهُ ، فَلَمَّا سَارَ عَبَّاسٌ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ فِي أَثَرِهِ فَقَالَ : " أَدْرِكُوا عَبَّاسًا ، فَرُدُّوهُ عَلَيَّ " وَحَدَّثَهُمْ بِالَّذِي خَافَ عَلَيْهِ فَأَدْرَكَهُ الرَّسُولُ ، فَكَرِهَ عَبَّاسٌ الرُّجُوعَ ، وَقَالَ : أَيَرْهَبُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ أَنْ يُرْجِعَ أَبَا سُفْيَانَ رَاغِبًا فِي قِلَّةِ النَّاسِ فَيَكْفُرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ ؟ فَقَالَ : " احْبِسْهُ " ، فَحَبَسَهُ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : أَغَدْرًا يَا بَنِي هَاشِمٍ فَقَالَ عَبَّاسٌ : إِنَّا لَسْنَا نَغْدِرُ ، وَلَكِنْ لِي إِلَيْكَ بَعْضُ الْحَاجَةِ . قَالَ : وَمَا هِي ، فَأَقْضِيَهَا لَكَ ؟ فَقَالَ : يُعادُهَا حِينَ يَقْدَمُ عَلَيْكَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ ، فَوَقَفَ عَبَّاسٌ بِالْمَضِيقِ دُونَ الْأَرَاكِ مِنْ مِنًى ، وَقَدْ وَعَى أَبُو سُفْيَانَ عَنْهُ حَدِيثَهُ ، ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ عُبُورَ الْخَيْلِ بَعْضَهَا عَلَى أَثَرِ بَعْضٍ ، وَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ الْخَيْلَ شَطْرَيْنِ ، فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ وَرِدْفَهُ خَالِدًا بِالْجَيْشِ مِنْ أَسْلَمَ وَغِفَارٍ وَقُضَاعَةَ ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : رَسُولُ اللَّهِ ، هَذَا يَا عَبَّاسُ ؟ قَالَ : لَا وَلَكِنْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي كَتِيبَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ : الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ ، الْيَوْمُ تُسْتَحَلُّ الْحُرْمَةُ ، ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ فِي كَتِيبَةِ الْإِيمَانِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَانَ وُجُوهًا كَثِيرَةً لَا يَعْرِفُهَا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْثَرْتَ إِذًا ، أَوِ اخْتَرْتَ هَذِهِ الْوُجُوهَ عَلَى قَوْمِكَ ؟ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ : " أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ وَقَوْمُكَ ، إِنَّ هَؤُلَاءِ صَدَّقُونِي إِذْ كَذَّبْتُمُونِي ، وَنَصَرُونِي إِذْ أَخْرَجْتُونِي " . وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ يَوْمَئِذٍ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ وَعُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُمْ حَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ ، قَالَ : مَنْ هَؤُلَاءِ يَا عَبَّاسُ ؟ قَالَ : هَذِهِ كَتِيبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ ، وَمَعَ هَذِهِ الْمَوْتُ الْأَحْمَرُ ، هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ ، قَالَ : امْضِ يَا عَبَّاسُ ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ جُنُودًا قَطُّ ، وَلَا جَمَاعَةً ، فَسَارَ الزُّبَيْرُ بِالنَّاسِ حَتَّى وَقَفَ بِالْحَجُونِ ، وانْدَفَعَ خَالِدٌ حَتَّى دَخَلَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ ، فَلَقِيَتْهُ أَوْبَاشُ بَنِي بَكْرٍ ، فَقَاتَلُوهُمْ ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ ، وَقُتِلُوا بِالْحَزْوَرَةِ حَتَّى دَخَلُوا الدُّورَ ، وَارْتَفَعَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَلَى الْخَيْلِ عَلَى الْخَنْدَمَةِ ، وَاتَّبَعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ ، وَنَادَى مُنَادٍ : مَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ دَارَهُ وَكَفَّ يَدَهُ فَإِنَّهُ آمِنٌ ، وَنَادَى أَبُو سُفْيَانَ بِمَكَّةَ : أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا ، وَكَفَّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ عَبَّاسٍ ، وَأَقْبَلَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ ، فَأَخَذَتْ بِلِحْيَةِ أَبِي سُفْيَانَ ، ثُمَّ نَادَتْ : يَا غَالِبُ ، اقْتُلُوا هَذَا الشَّيْخَ الْأَحْمَقَ ، قَالَ : فَأَرْسِلِي لِحْيَتِي فَأُقْسِمُ لَكِ لَئِنْ أَنْتِ لَمْ تُسْلِمِي لَيُضْرَبَنَّ عُنُقُكِ ، وَيْلَكِ جَاءَنَا بِالْحَقِّ فَادْخُلِي أَرِيكَتِكِ - أَحْسَبُهُ قَالَ : وَاسْكُتِي
وَحَمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ عَلِيًّا عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ الَّتِي كَانَ أَهْدَاهَا لَهُ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ ، فَانْطَلَقَ عَبَّاسٌ بِأَبِي سُفْيَانَ قَدْ أَرْدَفَهُ ، فَلَمَّا سَارَ عَبَّاسٌ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ فِي أَثَرِهِ فَقَالَ : أَدْرِكُوا عَبَّاسًا ، فَرُدُّوهُ عَلَيَّ وَحَدَّثَهُمْ بِالَّذِي خَافَ عَلَيْهِ فَأَدْرَكَهُ الرَّسُولُ ، فَكَرِهَ عَبَّاسٌ الرُّجُوعَ ، وَقَالَ : أَيَرْهَبُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ أَنْ يُرْجِعَ أَبَا سُفْيَانَ رَاغِبًا فِي قِلَّةِ النَّاسِ فَيَكْفُرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ ؟ فَقَالَ : احْبِسْهُ ، فَحَبَسَهُ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : أَغَدْرًا يَا بَنِي هَاشِمٍ فَقَالَ عَبَّاسٌ : إِنَّا لَسْنَا نَغْدِرُ ، وَلَكِنْ لِي إِلَيْكَ بَعْضُ الْحَاجَةِ . قَالَ : وَمَا هِي ، فَأَقْضِيَهَا لَكَ ؟ فَقَالَ : يُعادُهَا حِينَ يَقْدَمُ عَلَيْكَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ ، فَوَقَفَ عَبَّاسٌ بِالْمَضِيقِ دُونَ الْأَرَاكِ مِنْ مِنًى ، وَقَدْ وَعَى أَبُو سُفْيَانَ عَنْهُ حَدِيثَهُ ، ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ عُبُورَ الْخَيْلِ بَعْضَهَا عَلَى أَثَرِ بَعْضٍ ، وَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ الْخَيْلَ شَطْرَيْنِ ، فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ وَرِدْفَهُ خَالِدًا بِالْجَيْشِ مِنْ أَسْلَمَ وَغِفَارٍ وَقُضَاعَةَ ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : رَسُولُ اللَّهِ ، هَذَا يَا عَبَّاسُ ؟ قَالَ : لَا وَلَكِنْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي كَتِيبَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ : الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ ، الْيَوْمُ تُسْتَحَلُّ الْحُرْمَةُ ، ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ فِي كَتِيبَةِ الْإِيمَانِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَانَ وُجُوهًا كَثِيرَةً لَا يَعْرِفُهَا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْثَرْتَ إِذًا ، أَوِ اخْتَرْتَ هَذِهِ الْوُجُوهَ عَلَى قَوْمِكَ ؟ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ : أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ وَقَوْمُكَ ، إِنَّ هَؤُلَاءِ صَدَّقُونِي إِذْ كَذَّبْتُمُونِي ، وَنَصَرُونِي إِذْ أَخْرَجْتُونِي . وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ يَوْمَئِذٍ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ وَعُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُمْ حَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ ، قَالَ : مَنْ هَؤُلَاءِ يَا عَبَّاسُ ؟ قَالَ : هَذِهِ كَتِيبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ ، وَمَعَ هَذِهِ الْمَوْتُ الْأَحْمَرُ ، هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ ، قَالَ : امْضِ يَا عَبَّاسُ ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ جُنُودًا قَطُّ ، وَلَا جَمَاعَةً ، فَسَارَ الزُّبَيْرُ بِالنَّاسِ حَتَّى وَقَفَ بِالْحَجُونِ ، وانْدَفَعَ خَالِدٌ حَتَّى دَخَلَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ ، فَلَقِيَتْهُ أَوْبَاشُ بَنِي بَكْرٍ ، فَقَاتَلُوهُمْ ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ ، وَقُتِلُوا بِالْحَزْوَرَةِ حَتَّى دَخَلُوا الدُّورَ ، وَارْتَفَعَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَلَى الْخَيْلِ عَلَى الْخَنْدَمَةِ ، وَاتَّبَعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ ، وَنَادَى مُنَادٍ : مَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ دَارَهُ وَكَفَّ يَدَهُ فَإِنَّهُ آمِنٌ ، وَنَادَى أَبُو سُفْيَانَ بِمَكَّةَ : أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا ، وَكَفَّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ عَبَّاسٍ ، وَأَقْبَلَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ ، فَأَخَذَتْ بِلِحْيَةِ أَبِي سُفْيَانَ ، ثُمَّ نَادَتْ : يَا غَالِبُ ، اقْتُلُوا هَذَا الشَّيْخَ الْأَحْمَقَ ، قَالَ : فَأَرْسِلِي لِحْيَتِي فَأُقْسِمُ لَكِ لَئِنْ أَنْتِ لَمْ تُسْلِمِي لَيُضْرَبَنَّ عُنُقُكِ ، وَيْلَكِ جَاءَنَا بِالْحَقِّ فَادْخُلِي أَرِيكَتِكِ - أَحْسَبُهُ قَالَ : وَاسْكُتِي