• 1274
  • عَنْ أَبِيهِ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ ، وَخَرَجَ مِنْهَا مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، ودَلِيلُهُمَا اللَّيْثِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الْأُرَيْقِطِ مَرُّوا عَلَى خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ ، وَكَانَتْ بَرْزَةً جَلْدَةً تَحْتَبِي بِفِنَاءِ الْقُبَّةِ ، ثُمَّ تَسْقِي وَتُطْعِمُ ، فَسَأَلُوهَا لَحْمًا وَتَمْرًا لِيَشْتَرُوهُ مِنْهَا ، فَلَمْ يُصِيبُوا عِنْدَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، وَكَانَ الْقَوْمُ مُرْمِلِينَ مُسْنِتِينَ ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شَاةٍ فِي كِسْرِ الْخَيْمَةِ ، فَقَالَ : " مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ ؟ " قَالَتْ : خَلَّفَهَا الْجَهْدُ عَنِ الْغَنَمِ ، قَالَ : " فَهَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ ؟ " ، قَالَتْ : هِي أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : " أَتَأْذَنِينَ أَنْ أَحْلُبَهَا ؟ " ، قَالَتْ : بَلَى بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، نَعَمْ إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلْبًا فَاحْلُبْهَا ، فَدَعَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَسَحَ بِيَدِهِ ضَرْعَهَا وَسَمَّى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَدَعَا لَهَا فِي شَاتِها ، فَتَفَاحَتْ عَلَيْهِ وَدَرَّتْ واجْتَرَّتْ وَدَعَا بِإِنَاءٍ يُرْبِضُ الرَّهْطَ فَحَلَبَ فِيهَا ثَجًّا حَتَّى عَلَاهُ الْبَهَاءُ ، ثُمَّ سَقَاهَا حَتَّى رُوِيَتْ ، وَسَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى رَوَوْا ، وَشَرِبَ آخِرَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ أَرَاضُوا ثُمَّ حَلَبَ فِيهَا ثَانِيًا بَعْدَ بَدْءٍ حَتَّى مَلَأَ الْإِنَاءَ ، ثُمَّ غَادَرَهُ عِنْدَهَا ثُمَّ بَايَعَهَا وارْتَحَلُوا عَنْهَا ، فَقَلَّمَا لَبِثَتْ حَتَّى جَاءَ زَوْجُهَا أَبُو مَعْبَدٍ يَسُوقُ أَعْنُزًا عِجَافًا يَتَسَاوَكْنَ هُزْلًا ضُحًى ، مُخُّهُنَّ قَلِيلٌ ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو مَعْبَدٍ اللَّبَنَ عَجِبَ ، وَقَالَ : مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا اللَّبَنُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ ؟ وَالشَّاةُ عَازِبٌ حِيَالٌ ، وَلَا حَلُوبةَ فِي الْبَيْتِ ؟ ، قَالَتْ : لَا وَاللَّهِ إِلَّا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ مِنْ حَالِهِ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ : صِفِيهِ لِي يَا أُمَّ مَعْبَدٍ ، قَالَتْ : رَأَيْتُ رَجُلًا ظَاهَرَ الْوَضَاءَةِ أَبْلَجَ الْوَجْهِ حَسَنَ الْخَلْقِ لَمْ تَعِبْهُ ثُحْلَةٌ ، وَلَمْ تُزْرِ بِهِ صَعْلَةٌ وَسِيمٌ فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ وَفِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ وَفِي صَوْتِهِ صَهَلٌ ، وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ ، وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَاثَةٌ ، أَزَجُّ أَقْرَنُ ، إِنْ صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ ، وَإِنْ تَكَلَّمَ سَمَاهُ وَعَلَاهُ الْبَهَاءُ ، أَجْمَلُ النَّاسِ وَأَبْهَاهُ مِنْ بَعِيدٍ ، وأَحْلَاهُ وَأَحْسَنُهُ مِنْ قَرِيبٍ ، حُلْوُ الْمِنْطَقِ ، فَصْلٌ لَا هَذِرٌ وَلَا تَزِرٌ ، كَأَنَّ مَنْطِقَهُ خَرَزَاتٌ نَظْمٌ يَتَحَدَّرْنَ ، رَبْعٌ لَا يَأْسَ مِنْ طُولٍ ، وَلَا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ فَهُوَ أَنْضَرُ الثَّلَاثَةِ مَنْظَرًا ، وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا ، لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَ بِهِ ، إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا لِقَوْلِهِ ، وَإِنْ أَمَرَ تَبَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ ، مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ لَا عَابِسٌ وَلَا مُفَنَّدٌ ، قَالَ أَبُو مَعْبَدٍ : هُوَ وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ الَّذِي ذُكِرَ لَنَا أَمْرُهُ مَا ذُكِرُ بِمَكَّةَ وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ وَلَأَفْعَلَنَّ إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا فَأَصْبَحَ صَوْتٌ بِمَكَّةَ عَلِيًّا يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَلَا يَدْرُونَ مَنْ صَاحِبُهُ وَهُوَ يَقُولُ : {
    }
    جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ {
    }
    رَفِيقَيْنِ قَالَا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ {
    }
    {
    }
    هُمَا نَزَلَاها بِالْهُدَى وَاهْتَدَتْ بِهِ {
    }
    فَقَدْ فَازَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ {
    }
    {
    }
    فَيَالَقُصَيٍّ مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمُ {
    }
    بِهِ مِنْ فَعَالٍ لَا تُجَارَى وَسُؤْدَدِ {
    }
    {
    }
    لِيَهِنْ بَنِي كَعْبٍ مَكَانَ فَتَاتِهِمْ {
    }
    وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ {
    }
    {
    }
    سَلُوا أُخْتَكُمْ ، عَنْ شَاتِهَا وَإِنَائِهَا {
    }
    فَإِنَّكُمْ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ {
    }
    {
    }
    دَعَاهَا بِشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحَلَّبَتْ {
    }
    عَلَيْهِ صَرِيحًا ضَرَّةُ الشَّاةِ مُزْبِدِ {
    }
    {
    }
    فَغَادَرَهَا رَهْنًا لَدَيْهَا لِحَالِبٍ {
    }
    يُرَدِّدُهَا فِي مَصْدَرٍ ثُمَّ مَوْرِدِ {
    }
    . فَلَمَّا سَمِعَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ بِذَلِكَ شَبَّبَ يُجِيبُ الْهاتِفَ وَهُوَ يَقُولُ : {
    }
    لَقَدْ خَابَ قَوْمٌ زَالَ عَنْهُمْ نَبِيِّهِمْ {
    }
    وَقُدِّسَ مَنْ يَسْرِي إِلَيْهِمْ وَيَغْتَدِي {
    }
    {
    }
    تَرَحَّلَ عَنْ قَوْمٍ فَضَلَّتْ عُقُولُهُمْ {
    }
    وَحَلَّ عَلَى قَوْمٍ بِنُورٍ مُجَدَّدِ {
    }
    {
    }
    هَدَاهُمْ بِهِ بَعْدَ الضَّلَالَةِ رَبُّهُمْ {
    }
    وَأَرْشَدَهُمْ مَنْ يَتْبَعِ الْحَقَّ يُرْشَدِ {
    }
    {
    }
    وَهَلْ يَسْتَوِي ضُلَّالُ قَوْمٍ تَسَفَّهُوا {
    }
    عِمَايَتَهُمْ هَادٍ بِهِ كُلَّ مُهْتَدِ {
    }
    {
    }
    وَقَدْ نَزَلَتْ مِنْهُ عَلَى أَهْلِ يَثْرِبَ {
    }
    رِكَابُ هُدًى حَلَّتْ عَلَيْهِمْ بِأَسْعُدِ {
    }
    {
    }
    نَبِيٌّ يَرَى مَا لَا يَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ {
    }
    وَيَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَسْجِدِ {
    }
    {
    }
    وَإِنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبٍ {
    }
    فَتَصْدِيقُهَا فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي ضُحَى الْغَدِ {
    }
    {
    }
    لِيَهْنِ أَبَا بَكْرٍ سَعَادَةُ جَدِّهِ {
    }
    بِصُحْبَتِهِ مَنْ يُسْعِدِ اللَّهُ يَسْعَدِ {
    }
    {
    }
    لِيَهْنِ بَنِي كَعْبٍ مَكَانُ فَتَاتِهِمْ {
    }
    وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ {
    }

    حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ح ، وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْحَمَّالُ ، وَعَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ ، وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ ، قَالُوا : ثنا مُكْرَمُ بْنُ مُحْرِزِ بْنِ مَهْدِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ حَلِيفِ بْنِ مُنْقِذِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مَنْبَشِ بْنِ حَرَامِ بْنِ حَبَشِيَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَارِثَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْأَزْدِ أَبُو الْقَاسِمِ الْخُزَاعِيُّ ، ثُمَّ الرَّبْعِيُّ ، حَدَّثَنِي أَبِي مُحْرِزُ بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ حِزَامِ بْنِ هِشَامِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ هِشَامِ بْنِ حُبَيْشٍ ، عَنْ أَبِيهِ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ ، وَخَرَجَ مِنْهَا مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، ودَلِيلُهُمَا اللَّيْثِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الْأُرَيْقِطِ مَرُّوا عَلَى خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ ، وَكَانَتْ بَرْزَةً جَلْدَةً تَحْتَبِي بِفِنَاءِ الْقُبَّةِ ، ثُمَّ تَسْقِي وَتُطْعِمُ ، فَسَأَلُوهَا لَحْمًا وَتَمْرًا لِيَشْتَرُوهُ مِنْهَا ، فَلَمْ يُصِيبُوا عِنْدَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، وَكَانَ الْقَوْمُ مُرْمِلِينَ مُسْنِتِينَ ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى شَاةٍ فِي كِسْرِ الْخَيْمَةِ ، فَقَالَ : مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ ؟ قَالَتْ : خَلَّفَهَا الْجَهْدُ عَنِ الْغَنَمِ ، قَالَ : فَهَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ ؟ ، قَالَتْ : هِي أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : أَتَأْذَنِينَ أَنْ أَحْلُبَهَا ؟ ، قَالَتْ : بَلَى بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، نَعَمْ إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلْبًا فَاحْلُبْهَا ، فَدَعَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَمَسَحَ بِيَدِهِ ضَرْعَهَا وَسَمَّى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَدَعَا لَهَا فِي شَاتِها ، فَتَفَاحَتْ عَلَيْهِ وَدَرَّتْ واجْتَرَّتْ وَدَعَا بِإِنَاءٍ يُرْبِضُ الرَّهْطَ فَحَلَبَ فِيهَا ثَجًّا حَتَّى عَلَاهُ الْبَهَاءُ ، ثُمَّ سَقَاهَا حَتَّى رُوِيَتْ ، وَسَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى رَوَوْا ، وَشَرِبَ آخِرَهُمْ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ أَرَاضُوا ثُمَّ حَلَبَ فِيهَا ثَانِيًا بَعْدَ بَدْءٍ حَتَّى مَلَأَ الْإِنَاءَ ، ثُمَّ غَادَرَهُ عِنْدَهَا ثُمَّ بَايَعَهَا وارْتَحَلُوا عَنْهَا ، فَقَلَّمَا لَبِثَتْ حَتَّى جَاءَ زَوْجُهَا أَبُو مَعْبَدٍ يَسُوقُ أَعْنُزًا عِجَافًا يَتَسَاوَكْنَ هُزْلًا ضُحًى ، مُخُّهُنَّ قَلِيلٌ ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو مَعْبَدٍ اللَّبَنَ عَجِبَ ، وَقَالَ : مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا اللَّبَنُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ ؟ وَالشَّاةُ عَازِبٌ حِيَالٌ ، وَلَا حَلُوبةَ فِي الْبَيْتِ ؟ ، قَالَتْ : لَا وَاللَّهِ إِلَّا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ مِنْ حَالِهِ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ : صِفِيهِ لِي يَا أُمَّ مَعْبَدٍ ، قَالَتْ : رَأَيْتُ رَجُلًا ظَاهَرَ الْوَضَاءَةِ أَبْلَجَ الْوَجْهِ حَسَنَ الْخَلْقِ لَمْ تَعِبْهُ ثُحْلَةٌ ، وَلَمْ تُزْرِ بِهِ صَعْلَةٌ وَسِيمٌ فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ وَفِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ وَفِي صَوْتِهِ صَهَلٌ ، وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ ، وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَاثَةٌ ، أَزَجُّ أَقْرَنُ ، إِنْ صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ ، وَإِنْ تَكَلَّمَ سَمَاهُ وَعَلَاهُ الْبَهَاءُ ، أَجْمَلُ النَّاسِ وَأَبْهَاهُ مِنْ بَعِيدٍ ، وأَحْلَاهُ وَأَحْسَنُهُ مِنْ قَرِيبٍ ، حُلْوُ الْمِنْطَقِ ، فَصْلٌ لَا هَذِرٌ وَلَا تَزِرٌ ، كَأَنَّ مَنْطِقَهُ خَرَزَاتٌ نَظْمٌ يَتَحَدَّرْنَ ، رَبْعٌ لَا يَأْسَ مِنْ طُولٍ ، وَلَا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ فَهُوَ أَنْضَرُ الثَّلَاثَةِ مَنْظَرًا ، وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا ، لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَ بِهِ ، إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا لِقَوْلِهِ ، وَإِنْ أَمَرَ تَبَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ ، مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ لَا عَابِسٌ وَلَا مُفَنَّدٌ ، قَالَ أَبُو مَعْبَدٍ : هُوَ وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ الَّذِي ذُكِرَ لَنَا أَمْرُهُ مَا ذُكِرُ بِمَكَّةَ وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ وَلَأَفْعَلَنَّ إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا فَأَصْبَحَ صَوْتٌ بِمَكَّةَ عَلِيًّا يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَلَا يَدْرُونَ مَنْ صَاحِبُهُ وَهُوَ يَقُولُ : جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ رَفِيقَيْنِ قَالَا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ هُمَا نَزَلَاها بِالْهُدَى وَاهْتَدَتْ بِهِ فَقَدْ فَازَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ فَيَالَقُصَيٍّ مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمُ بِهِ مِنْ فَعَالٍ لَا تُجَارَى وَسُؤْدَدِ لِيَهِنْ بَنِي كَعْبٍ مَكَانَ فَتَاتِهِمْ وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ سَلُوا أُخْتَكُمْ ، عَنْ شَاتِهَا وَإِنَائِهَا فَإِنَّكُمْ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ دَعَاهَا بِشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحَلَّبَتْ عَلَيْهِ صَرِيحًا ضَرَّةُ الشَّاةِ مُزْبِدِ فَغَادَرَهَا رَهْنًا لَدَيْهَا لِحَالِبٍ يُرَدِّدُهَا فِي مَصْدَرٍ ثُمَّ مَوْرِدِ . فَلَمَّا سَمِعَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ بِذَلِكَ شَبَّبَ يُجِيبُ الْهاتِفَ وَهُوَ يَقُولُ : لَقَدْ خَابَ قَوْمٌ زَالَ عَنْهُمْ نَبِيِّهِمْ وَقُدِّسَ مَنْ يَسْرِي إِلَيْهِمْ وَيَغْتَدِي تَرَحَّلَ عَنْ قَوْمٍ فَضَلَّتْ عُقُولُهُمْ وَحَلَّ عَلَى قَوْمٍ بِنُورٍ مُجَدَّدِ هَدَاهُمْ بِهِ بَعْدَ الضَّلَالَةِ رَبُّهُمْ وَأَرْشَدَهُمْ مَنْ يَتْبَعِ الْحَقَّ يُرْشَدِ وَهَلْ يَسْتَوِي ضُلَّالُ قَوْمٍ تَسَفَّهُوا عِمَايَتَهُمْ هَادٍ بِهِ كُلَّ مُهْتَدِ وَقَدْ نَزَلَتْ مِنْهُ عَلَى أَهْلِ يَثْرِبَ رِكَابُ هُدًى حَلَّتْ عَلَيْهِمْ بِأَسْعُدِ نَبِيٌّ يَرَى مَا لَا يَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ وَيَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَسْجِدِ وَإِنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبٍ فَتَصْدِيقُهَا فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي ضُحَى الْغَدِ لِيَهْنِ أَبَا بَكْرٍ سَعَادَةُ جَدِّهِ بِصُحْبَتِهِ مَنْ يُسْعِدِ اللَّهُ يَسْعَدِ لِيَهْنِ بَنِي كَعْبٍ مَكَانُ فَتَاتِهِمْ وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ زَادَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ فِي حَدِيثِهِ قَالَ : وَحَدَّثَنَاهُ مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى ، عَنْ مُكْرَمٍ فَقَالَ لَنَا : لَمْ تُعِبْهُ ثُحْلَةٌ وَلَمْ تُزْرِ بِهِ صَقَلَةٌ وَالصَّوَابُ ثَجَلَةٌ وَصَعَلَةٌ الثَّجْلَةُ : كِبَرُ الْبَطْنِ ، وَالصَّعْلَةُ : صِغَرُ الرَّأْسِ ، يُرِيدُ أَنَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ كَبِيرَ الْبَطْنِ وَلَا صَغِيرَ الرَّأْسِ . وَقَالَ لَنَا مُكْرَمٌ : فِي أَشْفَارِهِ عَطَفٌ وَفِي صَوْتِهِ صَهَلٌ . وَقَالَ لَنَا مُجَاهِدٌ عَنْ مُكْرَمٍ : فِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ فِي صَوْتِهِ صَحَلٌ . وَالصَّوَابُ وَطَفٌ وَهُوَ الطُّولُ ، وَالصَّوَابُ صَحَلٌ وَهِي الْبَحَّةُ . وَقَالَ لَنَا مُكْرَمٌ : لَا يَأْسَ مِنْ طُولٍ . وَالصَّوَابُ لَا يَتَشَنَّا مِنْ طُولٍ . وَقَالَ لَنَا مُكْرَمٌ : وَلَا عَابِسٌ وَلَا مُعْتَدٍ . وَقَالَ لَنَا مُجَاهِدٌ ، عَنْ مُكْرَمٍ : لَا عَابِسٌ وَلَا مُفَنَّدٌ يَعْنِي : لَا عَابِسٌ وَلَا مُكَذَّبٌ

    جلدة: جلدة : صلبة
    تحتبي: الاحْتبَاء : هو أن يَضُّمّ الإنسان رجْلَيْه إلى بَطْنه بثَوْب يَجْمَعَهُما به مع ظَهْره، ويَشُدُّه عليها. وقد يكون الاحتباء باليَدَيْن عوَض الثَّوب
    القبة: القبة : هي الخيمة الصغيرة أعلاها مستدير أو البناء المستدير المقوس المجوف
    يصيبوا: أصاب : نال
    الجهد: الجُهْد والجَهْد : بالضم هو الوُسْع والطَّاقة، وبالفَتْح : المَشَقَّة. وقيل المُبَالَغة والْغَايَة. وقيل هُمَا لُغتَان في الوُسْع والطَّاقَة، فأمَّا في المشَقَّة والْغَاية فالفتح لا غير
    لبثت: لبثت : مكثت وانتظرت وأقامت
    أبلج: الأبلج : الذي قد وَضَح ما بين حاجبيه فلم يَقْترنا
    كثاثة: الكث : الغزير والكثيف
    الوقار: الوقار : الرزانة والحلم والهيبة
    فصل: الفصل : البَيِّن الظاهر ، الذي يَفْصِل بين الحقّ والباطل
    خرزات: الخرز : حبات تنظم في عقد تضعه المرأة في رقبتها لتتزين به
    يحفون: حف به : استدار حوله وأحدق به
    تبادروا: بادر الشيءَ وله وإليه : عجل إليه واستبق وسارع
    رهنا: رهن الشيء : حبسه بحق ليستوفي منه عند تعذر الوفاء
    رَأَيْتُ رَجُلًا ظَاهَرَ الْوَضَاءَةِ أَبْلَجَ الْوَجْهِ حَسَنَ الْخَلْقِ لَمْ تَعِبْهُ ثُحْلَةٌ
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات