لَمَّا كَانَ يَوْمُ قَتْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْخَوَارِجَ ؛ نَظَرْتُ إِلَى وجُوهِهِمْ وَإِلَى شَمَائِلِهِمْ فَشَكَكْتُ فِي قِتَالِهِمْ , فَتَنَحَّيْتُ عَنِ الْعَسْكَرِ غَيْرَ بَعِيدٍ , فَنَزَلْتُ عَنْ دَابَّتِي وَرَكَزْتُ رُمْحِي , وَوَضَعْتُ دِرْعِي تَحْتِي , وَعَلَّقْتُ تُرْسِي مُسْتَتِرًا بِهِ مِنَ الشَّمْسِ , وَأَنَا مُعْتَزِلٌ عَنِ الْعَسْكَرِ نَاحِيَةً , إِذْ طَلَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : مَالِي وَلَهُ , أَنَا أَفِرُّ مِنْهُ وَهُوَ يَجِيءُ إِلَيَّ , فَقَالَ لِي : يَا جُنْدُبُ , مَا لَكَ فِي هَذَا الْمَكَانِ تَنَحَّيْتَ عَنِ الْعَسْكَرِ ؟ فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , أَصَابَنِي وَعْكٌ فَشَقَّ عَلَيَّ الْغُبَارُ فَلَمْ أَسْتَطِعِ الْوقُوفَ قَالَ : فَقَالَ لِي : أَمَا بَلَغَكَ مَا لِلْعَبْدِ فِي غُبَارِ الْعَسْكَرِ مِنَ الْأَجْرِ , ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ فَنَزَلَ , فَأَخَذْتُ بِرَأْسِ دَابَّتِهِ , وَقَعَدَ فَقَعَدْتُ , فَأَخَذْتُ التُّرْسَ بِيَدِي , فَسَتَرْتُهُ مِنَ الشَّمْسِ قَالَ : فَوَاللَّهِ إِنِّي لَقَاعِدٌ إِذْ جَاءَ فَارِسٌ يَرْكُضُ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّ الْقَوْمَ قَدْ قَطَعُوا الْجِسْرَ ذَاهِبِينَ قَالَ : فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ : إِنَّ مَصَارِعَهُمْ دُونَ النَّهْرِ قَالَ : وَإِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي أَخْبَرَهُ عِنْدَهُ وَاقِفٌ ؛ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , قَدْ وَاللَّهِ عَبَرُوا فَمَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَالَ : وَيْحَكَ إِنَّ مَصَارِعَهُمْ دُونَ النَّهْرِ قَالَ : فَجَاءَ فَارِسٌ آخَرُ يَرْكُضُ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَالَّذِي بَعَثَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ لَقَدْ رَجَعُوا , ثُمَّ جَاءَ النَّاسُ فَقَالُوا : قَدْ رَجَعُوا , حَتَّى إِنَّهُمْ لَيَتَسَاقَطُونَ فِي الْمَاءِ زِحَامًا عَلَى الْعُبُورِ , ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا جَاءَ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الْقَوْمَ قَدْ صَفُّوا الصُّفُوفَ وَرَمُوا فِينَا وَقَدْ جَرَحُوا فُلَانًا , فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : هَذَا حِينَ طَابَ الْقِتَالُ قَالَ : فَوَثَبَ فَقَعَدَ عَلَى بَغْلَتِهِ , فَقُمْتُ إِلَى سِلَاحِي فَلَبِسْتُهُ , ثُمَّ شَدَدْتُهُ عَلَيَّ , ثُمَّ قَعَدْتُ عَلَى فَرَسِي , وَأَخَذْتُ رُمْحِي , ثُمَّ خَرَجْتُ , فَلَا وَاللَّهِ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَرِيكٍ مَا صَلَّيْتُ الْعَصْرَ قَالَ : الظُّهْرَ حَتَّى قَتَلْتُ بِيَدِي سَبْعِينَ
وَأَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْبُخَارِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ لُوَيْنٌ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ الْعَامِرِيِّ , عَنْ جُنْدُبٍ قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ قَتْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْخَوَارِجَ ؛ نَظَرْتُ إِلَى وجُوهِهِمْ وَإِلَى شَمَائِلِهِمْ فَشَكَكْتُ فِي قِتَالِهِمْ , فَتَنَحَّيْتُ عَنِ الْعَسْكَرِ غَيْرَ بَعِيدٍ , فَنَزَلْتُ عَنْ دَابَّتِي وَرَكَزْتُ رُمْحِي , وَوَضَعْتُ دِرْعِي تَحْتِي , وَعَلَّقْتُ تُرْسِي مُسْتَتِرًا بِهِ مِنَ الشَّمْسِ , وَأَنَا مُعْتَزِلٌ عَنِ الْعَسْكَرِ نَاحِيَةً , إِذْ طَلَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : مَالِي وَلَهُ , أَنَا أَفِرُّ مِنْهُ وَهُوَ يَجِيءُ إِلَيَّ , فَقَالَ لِي : يَا جُنْدُبُ , مَا لَكَ فِي هَذَا الْمَكَانِ تَنَحَّيْتَ عَنِ الْعَسْكَرِ ؟ فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , أَصَابَنِي وَعْكٌ فَشَقَّ عَلَيَّ الْغُبَارُ فَلَمْ أَسْتَطِعِ الْوقُوفَ قَالَ : فَقَالَ لِي : أَمَا بَلَغَكَ مَا لِلْعَبْدِ فِي غُبَارِ الْعَسْكَرِ مِنَ الْأَجْرِ , ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ فَنَزَلَ , فَأَخَذْتُ بِرَأْسِ دَابَّتِهِ , وَقَعَدَ فَقَعَدْتُ , فَأَخَذْتُ التُّرْسَ بِيَدِي , فَسَتَرْتُهُ مِنَ الشَّمْسِ قَالَ : فَوَاللَّهِ إِنِّي لَقَاعِدٌ إِذْ جَاءَ فَارِسٌ يَرْكُضُ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّ الْقَوْمَ قَدْ قَطَعُوا الْجِسْرَ ذَاهِبِينَ قَالَ : فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ : إِنَّ مَصَارِعَهُمْ دُونَ النَّهْرِ قَالَ : وَإِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي أَخْبَرَهُ عِنْدَهُ وَاقِفٌ ؛ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , قَدْ وَاللَّهِ عَبَرُوا فَمَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَالَ : وَيْحَكَ إِنَّ مَصَارِعَهُمْ دُونَ النَّهْرِ قَالَ : فَجَاءَ فَارِسٌ آخَرُ يَرْكُضُ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَالَّذِي بَعَثَ نَبِيَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالْحَقِّ لَقَدْ رَجَعُوا , ثُمَّ جَاءَ النَّاسُ فَقَالُوا : قَدْ رَجَعُوا , حَتَّى إِنَّهُمْ لَيَتَسَاقَطُونَ فِي الْمَاءِ زِحَامًا عَلَى الْعُبُورِ , ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا جَاءَ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الْقَوْمَ قَدْ صَفُّوا الصُّفُوفَ وَرَمُوا فِينَا وَقَدْ جَرَحُوا فُلَانًا , فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : هَذَا حِينَ طَابَ الْقِتَالُ قَالَ : فَوَثَبَ فَقَعَدَ عَلَى بَغْلَتِهِ , فَقُمْتُ إِلَى سِلَاحِي فَلَبِسْتُهُ , ثُمَّ شَدَدْتُهُ عَلَيَّ , ثُمَّ قَعَدْتُ عَلَى فَرَسِي , وَأَخَذْتُ رُمْحِي , ثُمَّ خَرَجْتُ , فَلَا وَاللَّهِ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَرِيكٍ مَا صَلَّيْتُ الْعَصْرَ قَالَ : الظُّهْرَ حَتَّى قَتَلْتُ بِيَدِي سَبْعِينَ