سَمِعَ وَهْبًا يَقُولُ : دَعِ الْمِرَاءَ وَالْجِدَالَ عَنْ أَمْرِكَ ، فَإِنَّكَ لَا تُعْجِزُ أَحَدَ رَجُلَيْنِ : رَجُلٍ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ ، فَكَيْفَ تُمَارِي وَتُجَادِلُ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ ؟ وَرَجُلٍ أَنْتَ أَعْلَمُ مِنْهُ ، فَكَيْفَ تُمَارِي وَتُجَادِلُ مَنْ أَنْتَ أَعْلَمُ مِنْهُ ، وَلَا يُطِيعُكَ ، فَاقْطَعْ ذَلِكَ عَلَيْكَ
وَحَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ : حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبًا يَقُولُ : دَعِ الْمِرَاءَ وَالْجِدَالَ عَنْ أَمْرِكَ ، فَإِنَّكَ لَا تُعْجِزُ أَحَدَ رَجُلَيْنِ : رَجُلٍ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ ، فَكَيْفَ تُمَارِي وَتُجَادِلُ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ ؟ وَرَجُلٍ أَنْتَ أَعْلَمُ مِنْهُ ، فَكَيْفَ تُمَارِي وَتُجَادِلُ مَنْ أَنْتَ أَعْلَمُ مِنْهُ ، وَلَا يُطِيعُكَ ، فَاقْطَعْ ذَلِكَ عَلَيْكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : مَنْ كَانَ لَهُ عِلْمٌ وَعَقْلٌ ، فَمَيَّزَ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرِي لَهُ مِنْ أَوَّلِ الْكِتَابِ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ عَلِمَ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى الْعَمَلِ بِهِ ، فَإِنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا لَزِمَ سُنَنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ عَصْرٍ ، وَتَعَلَّمَ الْعِلْمَ لِنَفْسِهِ ، لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ الْجَهْلُ ، وَكَانَ مُرَادُهُ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ ، أَنْ يَتَعَلَّمَهُ لِلْمِرَاءِ وَالْجِدَالِ وَالْخُصُومَاتِ ، وَلَا لِلدُّنْيَا ، وَمَنْ كَانَ هَذَا مُرَادُهُ سَلِمَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَالضَّلَالَةِ ، وَاتَّبَعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَا يُسْتَوْحَشُ مِنْ ذِكْرِهِمْ ، وَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُوفَّقَهُ لِذَلِكَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنْ كَانَ رَجُلٌ قَدْ عَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عِلْمًا ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي الدِّينِ ، يُنَازِعُهُ فِيهَا وَيُخَاصِمُهُ ، تَرَى لَهُ أَنْ يُنَاظِرَهُ ، حَتَّى تَثْبُتَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ ، وَيَرُدَّ عَلَيْهِ قَوْلَهُ ؟ قِيلَ لَهُ : هَذَا الَّذِي نُهِينَا عَنْهُ ، وَهُوَ الَّذِي حَذَّرَنَاهُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَمَاذَا نَصْنَعُ ؟ قِيلَ لَهُ : إِنْ كَانَ الَّذِي يَسْأَلُكُ مَسْأَلَتَهُ مَسْأَلَةَ مُسْتَرْشِدٍ إِلَى طَرِيقِ الْحَقِّ لَا مُنَاظَرَةً ، فَأَرْشِدْهُ بِأَلْطَفِ مَا يَكُونُ مِنَ الْبَيَانِ بِالْعِلْمِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَقَوْلِ الصَّحَابَةِ ، وَقَوْلِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ مُنَاظَرَتَكَ ، وَمُجَادَلَتَكَ ، فَهَذَا الَّذِي كَرِهَ لَكَ الْعُلَمَاءُ ، فَلَا تُنَاظِرْهُ ، وَاحْذَرْهُ عَلَى دِينِكَ ، كَمَا قَالَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ إِنْ كُنْتَ لَهُمْ مُتَّبِعًا فَإِنْ قَالَ : فَنَدَعُهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِالْبَاطِلِ ، وَنَسْكُتُ عَنْهُمْ ؟ قِيلَ لَهُ : سُكُوتُكَ عَنْهُمْ وَهِجْرَتُكَ لِمَا تَكَلَّمُوا بِهِ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ مُنَاظَرَتِكَ لَهُمْ كَذَا قَالَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ