• 1407
  • عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : " إِنَّمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {{ خُذِ الْعَفْوَ }} مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ "

    كَمَا قُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : إِنَّمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {{ خُذِ الْعَفْوَ }} مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ وَهَذَا أَوْلَى مَا قِيلَ فِي الْآيَةِ لِصِحَّةِ إِسْنَادِهِ وَأَنَّهُ عَنْ صَحَابِيٍّ يُخْبِرُ بِنُزُولِ الْآيَةِ وَإِذَا جَاءَ الشَّيْءُ هَذَا الْمَجِيءَ لَمْ يَسَعْ أَحَدًا مُخَالَفَتُهُ وَالْمَعْنَى عَلَيْهِ {{ خُذِ الْعَفْوَ }} أَيِ السَّهْلَ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ وَلَا تَغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَلَا تُعَنِّفْ بِهِمْ ، وَكَذَا كَانَتْ أَخْلَاقُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ مَا لَقِيَ أَحَدًا قَطُّ بِمَكْرُوهٍ فِي وَجْهِهِ وَلَا ضَرَبَ أَحَدًا بِيَدِهِ وَقِيلَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهِ عَنْهَا مَا كَانَ خُلُقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّذِي مَدَحَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ، فَقَالَ : {{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }} فَقَالَتْ : كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ وَزَعَمَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ أَنَّ هَذَا أَمْرُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْكُفَّارِ أَمَرَهُ بِالرِّفْقِ بِهِمْ وَاسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ فِيَ الْمُشْرِكِينَ أَنَّ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ فِيهِمْ قَالَ لِأَنَّ قَبْلَهُ احْتِجَاجًا عَلَيْهِمْ {{ قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ }} وَبَعْدَهُ {{ وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ }} وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالْأَخْلَاقِ السِّهْلَةِ اللِّينَةِ لِجَمِيعِ النَّاسِ ، بَلْ هَذَا لِلْمُسْلِمِينَ أَوْلَى ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ الَّذِي فَسَّرَ الْآيَةَ : وَاللَّهِ لَأَسْتَعْمِلَنَّ الْأَخْلَاقَ السِّهْلَةَ مَا بَقِيتُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْآيَةِ {{ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ }} قَالَ عُرْوَةُ ، وَالسُّدِّيُّ : الْعُرْفُ الْمَعْرُوفُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَالَّذِي قَالَاهُ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةَ يُقَالُ أَوْلَانِي فُلَانٌ مَعْرُوفًا وَعْرُفًا وَعَارِفَةً وَفِي الْحَدِيثِ الْعُرْفُ أَنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ وَتَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ وَهَذَا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ وَمِنِ اخْتِصَارِ الْقُرْآنِ الْمُعْجِزِ لِأَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ هَذِهِ الْخِصَالُ الثَّلَاثُ ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالْقَبُولُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى مَا أَمَرَ بِهِ وَمَا نَدَبَ إِلَيْهِ هَذَا كُلُّهُ مِنَ الْعُرْفِ وَفِيهَا {{ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }} زَعَمَ ابْنُ زَيْدٍ أَنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ بِالْأَمْرِ بِالْقِتَالِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِاحْتِمَالِ مَنْ ظَلَمَ ، وَمَا بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ كَمَا قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَأَنَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أُمِرَ بِالسَّهْلِ مِنَ الْأَخْلَاقِ وَتَرْكِ الْغِلْظَةِ لِأَنَّ بَعْدَهَا {{ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ }} أَيْ وَإِمَّا يُغْضِبَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَسْوَسَةٌ وَتَحْمِيلٌ عَلَى تَرْكِ الِاحْتِمَالِ {{ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ }} أَيْ فَاسْتَجِرْ بِهِ مِمَّا عَرَضَ لَكَ {{ إِنَّهُ سُمَيْعٌ }} لِاسْتِجَارَتِكَ وَغَيْرِهَا {{ عَلِيمٌ }} بِمَا يُزِيلُ عَنْكَ مَا عَرَضَ لَكَ ، وَبَعْدَهَا أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا }} أَيِ اتَّقَوُا اللَّهَ تَعَالَى بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ وَتَرْكِ مَعَاصِيهِ {{ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ }} أَيْ عَارِضٌ وَوِسْوَاسٌ مِنْهُ {{ تَذَكَّرُوا }} وَعْدَ اللَّهِ وَوَعِيدَهُ وَعِقَابَهُ {{ فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ }} الْحَقَّ آخِذُونَ بِمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنَ التَّحَامُلِ عِنْدَ الْغَضَبِ وَالْغِلْظَةِ عَلَى مَنْ قَدْ نُهُوا عَنِ الْغِلْظَةِ عَلَيْهِ

    العفو: العَفْو : هو التَّجاوزُ عن الذَّنْب وتركُ العِقَاب عليه
    أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى خُذِ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ وَهَذَا أَوْلَى
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات