• 305
  • عَنْ يُونُسَ ، قَالَ قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ مَا تَقُولُ فِي لَحْمِ الْفِيلِ ؟ فَقَالَ : " قَالَ اللَّهُ : {{ قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا }} الْآيَةَ "

    وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ ، عَنْ يُونُسَ ، قَالَ قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ مَا تَقُولُ فِي لَحْمِ الْفِيلِ ؟ فَقَالَ : قَالَ اللَّهُ : {{ قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا }} الْآيَةَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا تُعَارِضُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّابِتَةِ عَنْهُ فَأَمَّا مُعَارَضَتُهَا فَإِنَّ الْحَدِيثَ الْمُسْنَدَ الَّذِي فِيهِ قَوْلُ الرَّجُلِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَبْقَ لِي شَيْءٌ أُطْعِمُهُ أَهْلِي إِلَّا حُمُرٌ لِي قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْحُمُرُ وَحْشِيَّةً وَيَكُونُ أَكْلُهَا جَائِزًا وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَلَّهَا لَهُ عَلَى الضَّرُورَةِ كَالْمَيْتَةِ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَنَسٍ الَّذِي فِيهِ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا يُنَادِي بِمَا نَادَى بِهِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ فَإِنَّهَا رِجْسٌ ، فَالرِّجْسُ بِالْحَرَامِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْحَلَالِ وَفِيهِ فَكُفِئَتِ الْقُدُورُ وَالْحَلَالُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْلَبَ وَالَّذِي تَأَوَّلَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يُخَالِفُ فِيهِ وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ يُقَالُ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَجَعَ عَنْهُ لَمَّا قَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّكَ امْرُؤٌ تَائِهٌ قَدْ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتْعَةَ وَلُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ ، وَقَالَ بِتَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ وَأَكْلِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَمَعَ هَذَا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَعَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ حُجَّةٌ وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : لَا يَحِلُّ أَكْلُ لُحُومِ الْخَيْلِ فَقَدْ أَخْرَجَ الْخَيْلَ مِنَ الْآيَةِ وَالْحُمُرُ أَوْلَى وَقَوْلُهُ فِي الْخَيْلِ قَوْلُ مَالِكٍ ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ بِأَنَّ الْآيَةَ مُحْكَمَةٌ وَأَنَّ الْمُحَرَّمَاتِ دَاخِلَةٌ فِيهَا قَوْلٌ نَظَرِيٌّ لِأَنَّ التَّذْكِيَةَ إِنَّمَا تُؤْخَذُ تَوْقِيفًا فَكُلُّ مَا لَمْ تُؤْخَذْ تَذْكِيَتُهُ بِالتَّوْقِيفِ فَهُوَ مَيْتَةٌ دَاخِلٌ فِي الْآيَةِ وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ : أَنْ يُضَمَّ إِلَى الْآيَةِ مَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلٌ حَسَنٌ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي الِاسْتِثْنَاءِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ كَذَا أَوْ كَذَا وَهَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ يَقُولُ بِتَحْلِيلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَتَّى قَدِمَ الشَّامَ فَلَقِيَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ فَحَدَّثَهُ عَنْ ، أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ حَرَّمَ كُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَرَجَعَ إِلَى قَوْلِهِ وَكَذَا قَالَ مَالِكٌ لَمَّا سُئِلَ عَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ فَقَالَ : مَا أَعْلَمُ فِيهِ نَهْيًا وَهُوَ عِنْدِي حَلَالٌ وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمُ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ غَيْرَ أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَقَعْ إِلَى مَالِكٍ فَعُذِرَ بِذَلِكَ وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ : أَنَّ الْآيَةَ جَوَّابُ قَوْلٍ حَسَنٍ صَحِيحٍ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْقَوْلِ الَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ جَوَابًا فَقَدْ أُجِيبُوا عَمَّا سَأَلُوا عَنْهُ وَثَمَّ مُحَرَّمَاتٌ لَمْ يَسْأَلُوا عَنْهَا فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ بِحَالِهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا جَوَّابٌ أَنَّ قَبْلَهَا {{ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ }} وَمَا مَعَهُ مِنَ الِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِمْ وَهَذَا الْقَوْلُ الْخَامِسُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَفِي هَذِهِ السُّورَةِ شَيْءٌ قَدْ ذَكَرَهُ قَوْمٌ هُوَ مِنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ بِمَعْزِلٍ وَلَكِنَّا نَذْكُرُهُ لِيَكُونَ الْكِتَابُ عَامَّ الْفَائِدَةِ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ : {{ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ }} فَفِي هَذِه أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ : هِيَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {{ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمُ }} ، وَهُمْ يَذْكُرُونَ غَيْرَ اسْمِ اللَّهِ عَلَى ذَبَائِحِهِمْ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هِيَ مُحْكَمَةٌ لَا يَحِلُّ أَكْلُ ذَبِيحَةٍ إِلَّا أَنْ يُذْكَرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهَا فَإِنْ تَرَكَهُ تَارِكٌ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا لَمْ تُؤْكَلْ ذَبِيحَتُهُ ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنْ تُؤْكَلَ إِذَا نَسِيَ أَنْ يُسَمِّيَ وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ : أَنْ تُؤْكَلَ ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ قَوْلُ عِكْرِمَةَ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {{ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ }} قَالَ : فَنَسَخَ ذَلِكَ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ فَقَالَ تَعَالَى {{ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ }} وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ لِهَذَا الْقَوْلِ : بِأَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ سُئِلَ عَنْ ذَبِيحَةِ النَّصَارَى ، هَلْ تُؤْكَلُ إِذَا سَمَّوْا عَلَيْهَا بِغَيْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ : نَعَمْ تُؤْكَلُ وَلَوْ قَالُوا عَلَيْهَا بِاسْمِ جِرْجِسَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهُوَ قَوْلُ مَكْحُولٍ ، وَعَطَاءٍ قَالَ : قَدْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ مِنْهُمْ وَأَبَاحَ ذَبَائِحَهُمْ وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ وَهُوَ يُرْوَى عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهَذَا الْقَوْلُ لَوْ كَانَ إِجْمَاعًا لَمَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ الْآيَةِ وَلَكَانَ اسْتِثْنَاءً عَلَى أَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ كَرَاهَةُ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : إِذَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ بِاسْمِ الْمَسِيحِ فَلَا تَأْكُلْهُ فَإِنَّهُ مِمَّا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ، وَإِذَا لَمْ تَسْمَعْ فَكُلْ لِأَنَّهُ قَدْ أُحِلَّ لَكَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَكَرِهَ مَالِكٌ ذَلِكَ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي : إِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُ مَا لَمْ يُذْكَرِ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ قَوْلُ الْحَسَنِ ، وَابْنِ سِيرِينَ ، وَالشَّعْبِيِّ وَعَارَضَهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ ، وَقَالَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ فَسَادِهِ إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ عَلَى غَيْرِهِ وَالْجَمَاعَةَ لَكَانَ ذَلِكَ كَافِيًا مِنْ فَسَادِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ قَالَ بِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ

    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات