عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ }} قَالَ : " بَرِئَ النَّاسُ مِنْهَا غَيْرِي وَغَيْرُ عَدَيِّ بْنِ بَدَّاءٍ وَكَانَا نَصْرَانِيَّيْنِ يَخْتَلِفَانِ إِلَى الشَّامِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَأَتَيَا الشَّامَ لِتِجَارَتِهِمَا وَقَدِمَ عَلَيْهِمَا مَوْلًى لِبَنِي سَهْمٍ يُقَالُ لَهُ بُرَيْرُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ لِتِجَارَةٍ وَمَعَهُ جَامٌ مِنْ فِضَّةٍ يُرِيدُ بِهِ الْمَلِكَ وَهُوَ عُظْمُ تِجَارَتِهِ فَمَرِضَ فَأَوْصَى إِلَيْهِمَا وَأَمَرَهُمَا أَنْ يُبْلِغَا مَا تَرَكَ أَهْلَهُ ، قَالَ تَمِيمٌ : فَلَمَّا مَاتَ أَخَذْنَا ذَلِكَ الْجَامَ فَبِعْنَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اقْتَسَمْنَاهُ أَنَا وَعَدِيُّ بْنُ بَدَّاءٍ فَلَمَّا قَدِمْنَا إِلَى أَهْلِهِ دَفَعْنَا إِلَيْهِمْ مَا كَانَ مَعَنَا ، وَفَقَدُوا الْجَامَ فَسَأَلُوا عَنْهُ فَقُلْنَا مَا تَرَكَ غَيْرَ هَذَا وَمَا دَفَعَ إِلَيْنَا غَيْرَهُ قَالَ : فَلَمَّا أَسْلَمْتُ بَعْدَ قَدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ تَأَثَّمْتُ مِنْ ذَلِكَ فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَأَخْبَرْتُهُمُ الْخَبَرَ وَأَدَّيْتُ إِلَيْهِمْ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَخْبَرْتُهُمْ أَنَّ عِنْدَ صَاحِبِيٍّ مِثْلَهَا فَوَثَبُوا إِلَيْهِ فَأَتَوْا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُمُ الْبَيِّنَةَ فَلَمْ يَجِدُوا فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَحْلِفُوهُ بِمَا يُعَظَّمُ بِهِ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ فَحَلَفَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ }} قَرَأَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى {{ أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ }} فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْهُمْ فَحَلَفَا فَنُزِعَتِ الْخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ عَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ "
وقُرِئَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ ، عَنْ زَاذَانَ ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبَى طَالِبٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ }} قَالَ : بَرِئَ النَّاسُ مِنْهَا غَيْرِي وَغَيْرُ عَدَيِّ بْنِ بَدَّاءٍ وَكَانَا نَصْرَانِيَّيْنِ يَخْتَلِفَانِ إِلَى الشَّامِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَأَتَيَا الشَّامَ لِتِجَارَتِهِمَا وَقَدِمَ عَلَيْهِمَا مَوْلًى لِبَنِي سَهْمٍ يُقَالُ لَهُ بُرَيْرُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ لِتِجَارَةٍ وَمَعَهُ جَامٌ مِنْ فِضَّةٍ يُرِيدُ بِهِ الْمَلِكَ وَهُوَ عُظْمُ تِجَارَتِهِ فَمَرِضَ فَأَوْصَى إِلَيْهِمَا وَأَمَرَهُمَا أَنْ يُبْلِغَا مَا تَرَكَ أَهْلَهُ ، قَالَ تَمِيمٌ : فَلَمَّا مَاتَ أَخَذْنَا ذَلِكَ الْجَامَ فَبِعْنَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اقْتَسَمْنَاهُ أَنَا وَعَدِيُّ بْنُ بَدَّاءٍ فَلَمَّا قَدِمْنَا إِلَى أَهْلِهِ دَفَعْنَا إِلَيْهِمْ مَا كَانَ مَعَنَا ، وَفَقَدُوا الْجَامَ فَسَأَلُوا عَنْهُ فَقُلْنَا مَا تَرَكَ غَيْرَ هَذَا وَمَا دَفَعَ إِلَيْنَا غَيْرَهُ قَالَ : فَلَمَّا أَسْلَمْتُ بَعْدَ قَدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمَدِينَةَ تَأَثَّمْتُ مِنْ ذَلِكَ فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَأَخْبَرْتُهُمُ الْخَبَرَ وَأَدَّيْتُ إِلَيْهِمْ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَخْبَرْتُهُمْ أَنَّ عِنْدَ صَاحِبِيٍّ مِثْلَهَا فَوَثَبُوا إِلَيْهِ فَأَتَوْا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَسَأَلَهُمُ الْبَيِّنَةَ فَلَمْ يَجِدُوا فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَحْلِفُوهُ بِمَا يُعَظَّمُ بِهِ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ فَحَلَفَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ }} قَرَأَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى {{ أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ }} فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْهُمْ فَحَلَفَا فَنُزِعَتِ الْخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ عَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذَا مَا فِي الْآيَةِ وَمَا بَعْدَهَا مِنَ الْقِصَّةِ مِنَ الْآثَارِ وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَالنَّظَرِ ثُمَّ نُبَيِّنُهُمَا عَلَى مَا هُوَ أَصَحُّ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : الْأَبْيَنُ فِي هَذَا أَنْ تَكُونَ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ قَسَمٌ بَيْنَكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ أَنْ يُقْسِمَ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ وَلِلْعُلَمَاءِ فِي أَوْ هُنَا قَوْلَانِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ أَوْ هَاهُنَا لِلتَّعْقِيبِ وَأَنَّهُ إِذَا وَجَدَ اثْنَيْنِ ذَوَيْ عَدْلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ كَافِرَيْنِ وَهَذَا الْقَوْلُ يُرْوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَالشَّعْبِيِّ ، وَإِبْرَاهِيمَ ، وَقَتَادَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ أَوْ هَاهُنَا لِلتَّخْيِيرِ لِأَنَّهَا إِنَّمَا هِيَ وَصِيَّةٌ وَقَدْ يَكُونُ الْمُوصِي يَرَى أَوْ يُسْنِدُ وَصِيَّتَهُ إِلَى كَافِرَيْنِ أَوْ أَجْنَبِيَّيْنِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَنَّ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ هُوَ الْقَوْلُ الْبَيِّنُ الظَّاهِرُ {{ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ }} قَالَ ابْنُ زَيْدٍ : أَيْ سَافَرْتُمْ وَكَذَا هُوَ فِي اللُّغَةِ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ مُسْتَدَلٌّ عَلَيْهِ أَيْ إِنْ أَنْتُمْ سَافَرْتُمْ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ وَقَدْ أَسْنَدْتُمْ وَصِيَّتَكُمْ إِلَى اثْنَيْنِ ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَيْنِ مِنْ غَيْرِكُمْ فَإِنِ ارْتَبْتُمْ أَيِ اتَّهَمْتُمُ الْوَصِيَّيْنِ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ آخَرَيْنَ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ فَقَالَ أَكْثَرَهُمْ هِيَ الْعَصْرُ فَمِمَّنْ قَالَ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيُّ وَاسْتَعْمَلَهُ وَقَضَى بِهِ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَإِبْرَاهِيمَ ، وَقَتَادَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هِيَ صَلَاةٌ مِنْ صَلَوَاتِهِمْ فِي دِينِهِمْ وَهَذَا قَوْلُ السُّدِّيِّ وَهُوَ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَجَاءَتْ مُعَرَّفَةً بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَإِذَا كَانَ بَعْدَ صَلَاةٍ مِنْ صَلَوَاتِهِمْ كَانَتْ نَكْرَةً ، وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ لَاعَنَ بَيْنَ الْعِجْلَانِيِّينَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَخَصَّهَا بِهَذَا وَيُقَالُ إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ أَيْضًا يُعَظِّمُونَ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ وَهُمَا الْوَصِيَّانِ وَلَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا أَيْ لَا نَشْتَرِي بِقَسَمِنَا شَيْئًا نَأْخُذُهُ مِمَّا أَوْصَى بِهِ وَلَا نَدْفَعُهُ إِلَى أَحَدٍ لَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ، وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ أَيْ وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ عِنْدَنَا إِنَّا إِذًا لِمَنِ الْآثِمِينَ أَيْ إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ {{ فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا }} أَصْلُهُ مِنْ عَثُرْتُ بِالشَّيْءِ أَيْ وَقَعْتُ عَلَيْهِ أَيْ فَإِنْ وَقَعَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَوْجَبَا إِثْمًا بِكَذِبِهِمَا فِي أَيْمَانِهِمَا وَأَخْذِهِمَا مَا لَيْسَ لَهُمَا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا أَيْ فِي الْأَيْمَانِ مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ تَقْدِيرُ هَذَا فِي الْعَرَبِيَّةِ مُخْتَلِفٌ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ التَّقْدِيرُ مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ مِنْهُمُ الْأَوْلَيَانِ وَعَلَيْهِمْ بِمَعْنَى مِنْهُمْ مِثْلَ : {{ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ }} وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ عَلَيْهِمْ بِمَعْنَى فِيهِمْ أَيْ مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ فِيهِمْ إِثْمُ الْأَوْلَيَيْنِ ثُمَّ حُذِفَ إِثْمُ مِثْلَ : {{ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ }} وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ التَّقْدِيرُ مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْإِيصَاءُ وَالْأَوْلَيَانِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ : {{ فَآخَرَانِ }} قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَجْعَلُ حَرْفًا بَدَلًا مِنْ حَرْفٍ وَأَيْضًا فَإِنَّ التَّفْسِيرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَعْنَى عِنْدَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ مِنَ الَّذِينَ اسْتُحِقَّتْ عَلَيْهِمُ الْوَصِيَّةُ وَالْأَوْلَيَانِ قِرَاءَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَثِيرٍ مِنَ الْقُرَّاءِ وَقِرَاءَةُ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ ، وَالْأَعْمَشِ ، وَحَمْزَةَ الْإِوَّلَيْنِ وَفِيهَا مِنَ الْبُعْدِ مَا لَا خَفَاءَ بِهِ وَالْأَوَّلَيْنِ بَدَلٌ مِنَ الَّذِينَ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا أَيْ لَقَسَمُنَا ، فَصَحَّ أَنَّ مَعْنَى الشَّهَادَةِ هَاهُنَا الْقَسَمُ وَمَا اعْتَدَيْنَا أَيْ وَمَا تَجَاوَزْنَا الْحَقَّ فِي قَسَمِنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ أَيْ إِنْ كُنَّا حَلَفْنَا عَلَى بَاطِلٍ وَأَخَذْنَا مَا لَيْسَ لَنَا وَصَحَّ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ الْآيَةَ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا أَوْصَى رَجُلٌ إِلَى آخَرَ فَاتَّهَمِ الْوَرَثَةُ الْمُوصَى إِلَيْهِ حَلَفَ الْمُوصَى إِلَيْهِ وَبَرِئَ فَإِنِ اطُّلِعَ عَلَى أَنَّ الْمُوصَى إِلَيْهِ خَانَ وَذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ أَوْ يُوجَدُ شَيْءٌ يُعْلَمُ أَنَّهُ لِلْمَيِّتِ فَيَقُولُ الْمُوصَى إِلَيْهِ قَدِ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ فَيَحْلِفُ الْوَارِثُ وَيَسْتَحِقُّهُ فَقَدْ بَيَّنَ الْحَدِيثُ أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا وَإِنْ كَانَ الْعُلَمَاءُ قَدْ تَكَلَّمُوا فِي اسْتِحْلَافِ الشَّاهِدَيْنِ هَاهُنَا لِمَنْ وَجَبَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : لِأَنَّهُمَا ادَّعَيَا وَصِيَّةً مِنَ الْمَيِّتِ وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ وَهَذَا لَا يُعْرَفُ فِي حُكْمِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَدَّعِيَ رَجُلٌ وَصِيَّةً فَيَحْلِفُ وَيَأْخُذُهَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّمَا يَحْلِفَانِ إِذَا شَهِدَا أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِمَا لَا يَجُوزُ أَوْ بِمَالِهِ كُلِّهِ أَوْ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ وَهَذَا أَيْضًا لَا يُعْرَفُ فِي الْأَحْكَامِ أَنْ يَحْلِفَ الشَّاهِدُ إِذَا شَهِدَ أَنَّ الْمُوصَى أَوْصَى بِمَا لَا يَجُوزُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّمَا يَحْلِفَانِ إِذَا اتُّهِمَا ثُمَّ تُنْقَلُ الْيَمِينُ عَنْهُمَا إِذَا اطُّلِعَ عَلَى الْخِيَانَةِ كَمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : {{ ذَلِكَ أَدْنَى }} أَيْ أَقْرَبُ {{ أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا }} وَهُمَا الْمُوصَى إِلَيْهِمَا أَوْ يَخَافُوا {{ أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ }} وَهِيَ أَيْمَانُ الْأَوْلَيَيْنِ أَيِ الْأَوْلَيَيْنِ بِالْيَمِينِ لَمَّا ظَهَرَتْ خِيَانَةُ الْمُوصَى إِلَيْهِمَا ، وَقِيلَ هُمَا الْأَوْلَيَانِ بِالْمَيِّتِ {{ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }} أَيْ اسْمَعُوا مَا يُقَالُ لَكُمْ قَابِلِينَ لَهُ مُتَّبِعِينَ أَمْرَاللَّهِ تَعَالَى فِيهِ {{ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }} أَيِ الْخَارِجِينَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ كُلُّ فَاسِقٍ مَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ فَمَعْنَاهُ الْكَاذِبُ