أَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى الْحُطَيْئَةِ الشَّاعِرِ ، وَأَنَا عِنْدَهُ ، وَقَدْ كَلَّمَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْرَجَهُ مِنَ السِّجْنِ ، فَقَالَ : {
} مَاذَا تَقُولُ لِأَفْرَاخٍ بِذِي مَرَخٍ {
} زُغْبِ الْحَوَاصِلِ لَا مَاءٌ وَلَا شَجَرُ {
}{
} أَلْقَيْتَ كَاسِبَهُمْ فِي قَعْرِ مُظْلِمَةٍ {
}فَاغْفِرْ هَدَاكَ مَلِيكُ النَّاسِ يَا عُمَرُ {
}{
} أَنْتَ الْإِمَامُ الَّذِي مِنْ بَعْدِ صَاحِبِهِ {
}أَلْقَتْ إِلَيْكَ مَقَالِيدَ النُّهَى الْبَشَرُ {
}{
} لَمْ يُؤْثِرُوكَ بِهَا إِذْ قَدَّمُوكَ لَهَا {
}لَكِنْ لِأَنْفُسِهِمْ كَانَتْ بِكَ الْأَثَرُ {
}{
} فَامْنُنْ عَلَى صِبْيَةٍ بِالرَّمْلِ مَسْكَنُهُمْ {
}بَيْنَ الْأَبَاطِحِ يَغْشَاهُمْ بِهَا الْقَدْرُ {
}{
} أَهْلِي فِدَاؤُكَ كَمْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمُ {
}مِنْ عَرْضِ دَاوِيَةٍ يَعْمَى بِهَا الْخَبَرُ {
}قَالَ : فَبَكَى عُمَرُ حِينَ قَالَ : {
} مَاذَا تَقُولُ لِأَفْرَاخٍ بِذِي مَرَخٍ {
}فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ : مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ ، وَلَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ أَعْدَلَ مِنْ رَجُلٍ يَبْكِي عَلَى تَرْكِهِ الْحُطَيْئَةَ . فَقَالَ عُمَرُ : " عَلَيَّ بِالْكُرْسِيِّ " . فَوُضِعَ لَهُ ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : " أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي الشَّاعِرِ ، فَإِنَّهُ يَقُولُ الْهَجْوَ ، وَيُشَبِّبُ بِالْحُرُمِ ، وَيَمْدَحُ النَّاسَ وَيَذُمُّهُمْ بِمَا لَيْسَ فِيهِمْ ، مَا أَرَانِي إِلَّا قَاطِعًا لِسَانَهُ " . ثُمَّ قَالَ : " عَلَيَّ بِالطِّسْتِ " . فَأُتِيَ بِهِ ، ثُمَّ قَالَ : " عَلَيَّ بِالْمِخْضَبِ ، عَلَيَّ بِالسِّكِّينِ ، لَا بَلْ عَلَيَّ بِالْمُوسَى " . فَقَالُوا : لَا يَعُودُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَأَشَارُوا إِلَيْهِ : قُلْ لَا أَعُودُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ : لَا أَعُودُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . فَقَالَ لَهُ : النَّجَا . فَلَمَّا أَدْبَرَ ، قَالَ : " حُطَيْئَةُ كَأَنَّكَ وَأَنْتَ عِنْدَ فَتًى مِنْ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ ، قَدْ بَسَطَ لَكَ نَمِرَتَهُ ، وَكَسَاكَ أُخْرَى ، وَأَنْتَ تُغَنِّيهِ بِأَعْرَاضِ الْمُسْلِمِينَ "
حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الزُّهْرِيِّ ، مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ ، قَالَ : يَرْوِي عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى الْحُطَيْئَةِ الشَّاعِرِ ، وَأَنَا عِنْدَهُ ، وَقَدْ كَلَّمَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَخْرَجَهُ مِنَ السِّجْنِ ، فَقَالَ : مَاذَا تَقُولُ لِأَفْرَاخٍ بِذِي مَرَخٍ زُغْبِ الْحَوَاصِلِ لَا مَاءٌ وَلَا شَجَرُ أَلْقَيْتَ كَاسِبَهُمْ فِي قَعْرِ مُظْلِمَةٍ فَاغْفِرْ هَدَاكَ مَلِيكُ النَّاسِ يَا عُمَرُ أَنْتَ الْإِمَامُ الَّذِي مِنْ بَعْدِ صَاحِبِهِ أَلْقَتْ إِلَيْكَ مَقَالِيدَ النُّهَى الْبَشَرُ لَمْ يُؤْثِرُوكَ بِهَا إِذْ قَدَّمُوكَ لَهَا لَكِنْ لِأَنْفُسِهِمْ كَانَتْ بِكَ الْأَثَرُ فَامْنُنْ عَلَى صِبْيَةٍ بِالرَّمْلِ مَسْكَنُهُمْ بَيْنَ الْأَبَاطِحِ يَغْشَاهُمْ بِهَا الْقَدْرُ أَهْلِي فِدَاؤُكَ كَمْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمُ مِنْ عَرْضِ دَاوِيَةٍ يَعْمَى بِهَا الْخَبَرُ قَالَ : فَبَكَى عُمَرُ حِينَ قَالَ : مَاذَا تَقُولُ لِأَفْرَاخٍ بِذِي مَرَخٍ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ : مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ ، وَلَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ أَعْدَلَ مِنْ رَجُلٍ يَبْكِي عَلَى تَرْكِهِ الْحُطَيْئَةَ . فَقَالَ عُمَرُ : عَلَيَّ بِالْكُرْسِيِّ . فَوُضِعَ لَهُ ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي الشَّاعِرِ ، فَإِنَّهُ يَقُولُ الْهَجْوَ ، وَيُشَبِّبُ بِالْحُرُمِ ، وَيَمْدَحُ النَّاسَ وَيَذُمُّهُمْ بِمَا لَيْسَ فِيهِمْ ، مَا أَرَانِي إِلَّا قَاطِعًا لِسَانَهُ . ثُمَّ قَالَ : عَلَيَّ بِالطِّسْتِ . فَأُتِيَ بِهِ ، ثُمَّ قَالَ : عَلَيَّ بِالْمِخْضَبِ ، عَلَيَّ بِالسِّكِّينِ ، لَا بَلْ عَلَيَّ بِالْمُوسَى . فَقَالُوا : لَا يَعُودُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَأَشَارُوا إِلَيْهِ : قُلْ لَا أَعُودُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ : لَا أَعُودُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . فَقَالَ لَهُ : النَّجَا . فَلَمَّا أَدْبَرَ ، قَالَ : حُطَيْئَةُ كَأَنَّكَ وَأَنْتَ عِنْدَ فَتًى مِنْ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ ، قَدْ بَسَطَ لَكَ نَمِرَتَهُ ، وَكَسَاكَ أُخْرَى ، وَأَنْتَ تُغَنِّيهِ بِأَعْرَاضِ الْمُسْلِمِينَ . قَالَ أَسْلَمُ : فَدَخَلْتُ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بَعْدَ أَنْ تُوُفِّيَ عُمَرُ ، وَعِنْدَهُ الْحُطَيْئَةُ ، وَقَدْ بَسَطَ لَهُ نَمِرَتَهُ ، وَقَدْ كَسَاهُ أُخْرَى ، وَهُوَ يُغْنِيهِ ، فَقُلْتُ : حُطَيْئَةُ ، أَمَا تَذْكُرُ مَا قَالَهُ عُمَرُ ؟ قَالَ : فَارْتَاعَ لَهَا ، وَقَالَ : يَرْحَمُ اللَّهُ ذَلِكَ الْمَرْءَ ، لَوْ كَانَ حَيًّا مَا فَعَلْنَا هَذَا . فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ : وَمَا قَالَ ؟ قُلْتُ : قَالَ كَذَا وَكَذَا ، فَكُنْتَ أَنْتَ ذَلِكَ الْفَتَى