حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى ، أَوْ غَيْرُهُ قَالَ : " أَهْدَرَ الْمَهْدِيُّ دَمَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَانَ يَسْعَى فِي فَسَادِ الدَّوْلَةِ ، وَبَذَلَ لِمَنْ دَلَّ عَلَيْهِ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ ، فَاسْتَخْفَى الرَّجُلُ حِينًا ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مَدِينَةِ السَّلَامِ ، فَكَانَ كَالْمُسْتَخْفِي ، فَإِنَّهُ لَفِي بَعْضِ طُرُقَاتِ الْمَدِينَةِ ، إِذْ بَصُرَ بِهِ رَجُلٌ قَدْ كَانَ عَرَفَ حَالَهُ ، فَأَهْوَى إِلَى مَجَامِعِ ثَوْبِهِ ، وَصَاحَ : هَذَا فُلَانٌ ، طِلْبَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَبَيْنَمَا الرَّجُلُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ، إِذْ سَمِعَ وَقْعَ حَوَافِرِ الدَّوَابِّ ، فَالْتَفَتَ ، فَإِذَا هُوَ بِمَوْكِبٍ كَثِيرِ الْغَاشِيَةِ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالُوا : مَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ قَالَ : وَمَا يُكَنَّى ؟ قَالُوا : يُكَنَّى بِأَبِي الْوَلِيدِ فَلَمَّا حَاذَاهُ قَالَ : يَا أَبَا الْوَلِيدِ ، خَائِفٌ فَأَجِرْهُ ، وَمَيِّتٌ فَأَحْيِهِ فَوَقَفَ مَعْنٌ فِي مَوْكِبِهِ ، وَسَأَلَ عَنْ حَالِهِ ، فَقَالَ صَاحِبُهُ : هَذَا طِلْبَهُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، قَدْ جَعَلَ لِمَنْ جَاءَ بِهِ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ قَالَ : فَأَعْلِمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنِّي قَدْ أَجَرْتُهُ وَقَالَ لِبَعْضِ غِلْمَانِهِ : انْزِلْ عَنْ دَابَّتِكَ ، وَأَرْكِبْ أَخَانَا فَرَكِبَ ، وَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ ، وَمَضَى الرَّجُلُ إِلَى بَابِ الْمَهْدِيِّ ، فَإِذَا سَلَّامٌ الْأَبْرَشُ يُرِيدُ الدُّخُولَ إِلَيْهِ ، فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ ، فَدَخَلَ سَلَّامٌ عَلَى الْمَهْدِيِّ ، فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ : يُحْضِرْهُ مَعْنٌ فَجَاءَتْهُ الرُّسُلُ ، فَرَكِبَ ، وَأَوْصَى بِهِ حَاشِيَتَهُ وَمَنْ بِبَابِهِ مِنْ مَوَالِيهِ ، وَقَالَ : لَا يُخْلَصُ إِلَيْهِ وَفِيكُمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ ، فَإِنْ رَامَهُ أَحَدٌ فَمُوتُوا دُونَهُ وَدَخَلَ مَعْنٌ عَلَى الْمَهْدِيِّ ، فَسَلَّمَ ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : يَا مَعْنُ ، وَتُجِيرُ عَلَيَّ أَيْضًا ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : وَنَعَمْ أَيْضًا ؟ قَالَ : نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَتَلْتُ فِي طَاعَتِكُمْ وَعَنْ دَوْلَتِكُمْ أَرْبَعَةَ آلَافِ مُصَلٍّ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ، وَلَا يُجَارُ لِي رَجُلٌ وَاحِدٌ اسْتَجَارَ بِي ؟ فَأَطْرَقَ الْمَهْدِيُّ طَوِيلًا ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ، وَقَالَ : قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتَ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ الرَّجُلَ ضَعِيفُ الْحَالِ قَالَ : قَدْ أَمَرْنَا لَهُ بِثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَالَ : إِنَّ جِنَايَتَهُ عَظِيمَةٌ ، وَصِلَاتُ الْخُلَفَاءِ عَلَى حَسَبِ جِنَايَاتِ الرَّعِيَّةِ قَالَ : قَدْ أَمَرَنَا لَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ قَالَ : أَهْنَأُ الْمَعْرُوفِ أَعْجَلُهُ قَالَ : يَتَقَدَّمُهُ مَا أَمَرْنَا لَهُ بِهِ فَانْصَرَفَ مَعْنٌ ، وَقَدْ سَبَقَهُ الْمَالُ ، فَأَحْضَرَ الرَّجُلَ ، وَقَالَ لَهُ : ادْعُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ؛ فَقَدْ حَقَنَ دَمَكَ ، وَأَجْزَلَ صِلَتَكَ ، وَأَصْلِحْ نِيَّتَكَ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ "
حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى ، أَوْ غَيْرُهُ قَالَ : أَهْدَرَ الْمَهْدِيُّ دَمَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَانَ يَسْعَى فِي فَسَادِ الدَّوْلَةِ ، وَبَذَلَ لِمَنْ دَلَّ عَلَيْهِ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ ، فَاسْتَخْفَى الرَّجُلُ حِينًا ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مَدِينَةِ السَّلَامِ ، فَكَانَ كَالْمُسْتَخْفِي ، فَإِنَّهُ لَفِي بَعْضِ طُرُقَاتِ الْمَدِينَةِ ، إِذْ بَصُرَ بِهِ رَجُلٌ قَدْ كَانَ عَرَفَ حَالَهُ ، فَأَهْوَى إِلَى مَجَامِعِ ثَوْبِهِ ، وَصَاحَ : هَذَا فُلَانٌ ، طِلْبَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَبَيْنَمَا الرَّجُلُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ، إِذْ سَمِعَ وَقْعَ حَوَافِرِ الدَّوَابِّ ، فَالْتَفَتَ ، فَإِذَا هُوَ بِمَوْكِبٍ كَثِيرِ الْغَاشِيَةِ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالُوا : مَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ قَالَ : وَمَا يُكَنَّى ؟ قَالُوا : يُكَنَّى بِأَبِي الْوَلِيدِ فَلَمَّا حَاذَاهُ قَالَ : يَا أَبَا الْوَلِيدِ ، خَائِفٌ فَأَجِرْهُ ، وَمَيِّتٌ فَأَحْيِهِ فَوَقَفَ مَعْنٌ فِي مَوْكِبِهِ ، وَسَأَلَ عَنْ حَالِهِ ، فَقَالَ صَاحِبُهُ : هَذَا طِلْبَهُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، قَدْ جَعَلَ لِمَنْ جَاءَ بِهِ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ قَالَ : فَأَعْلِمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنِّي قَدْ أَجَرْتُهُ وَقَالَ لِبَعْضِ غِلْمَانِهِ : انْزِلْ عَنْ دَابَّتِكَ ، وَأَرْكِبْ أَخَانَا فَرَكِبَ ، وَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ ، وَمَضَى الرَّجُلُ إِلَى بَابِ الْمَهْدِيِّ ، فَإِذَا سَلَّامٌ الْأَبْرَشُ يُرِيدُ الدُّخُولَ إِلَيْهِ ، فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ ، فَدَخَلَ سَلَّامٌ عَلَى الْمَهْدِيِّ ، فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ : يُحْضِرْهُ مَعْنٌ فَجَاءَتْهُ الرُّسُلُ ، فَرَكِبَ ، وَأَوْصَى بِهِ حَاشِيَتَهُ وَمَنْ بِبَابِهِ مِنْ مَوَالِيهِ ، وَقَالَ : لَا يُخْلَصُ إِلَيْهِ وَفِيكُمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ ، فَإِنْ رَامَهُ أَحَدٌ فَمُوتُوا دُونَهُ وَدَخَلَ مَعْنٌ عَلَى الْمَهْدِيِّ ، فَسَلَّمَ ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : يَا مَعْنُ ، وَتُجِيرُ عَلَيَّ أَيْضًا ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : وَنَعَمْ أَيْضًا ؟ قَالَ : نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَتَلْتُ فِي طَاعَتِكُمْ وَعَنْ دَوْلَتِكُمْ أَرْبَعَةَ آلَافِ مُصَلٍّ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ، وَلَا يُجَارُ لِي رَجُلٌ وَاحِدٌ اسْتَجَارَ بِي ؟ فَأَطْرَقَ الْمَهْدِيُّ طَوِيلًا ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ، وَقَالَ : قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتَ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ الرَّجُلَ ضَعِيفُ الْحَالِ قَالَ : قَدْ أَمَرْنَا لَهُ بِثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَالَ : إِنَّ جِنَايَتَهُ عَظِيمَةٌ ، وَصِلَاتُ الْخُلَفَاءِ عَلَى حَسَبِ جِنَايَاتِ الرَّعِيَّةِ قَالَ : قَدْ أَمَرَنَا لَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ قَالَ : أَهْنَأُ الْمَعْرُوفِ أَعْجَلُهُ قَالَ : يَتَقَدَّمُهُ مَا أَمَرْنَا لَهُ بِهِ فَانْصَرَفَ مَعْنٌ ، وَقَدْ سَبَقَهُ الْمَالُ ، فَأَحْضَرَ الرَّجُلَ ، وَقَالَ لَهُ : ادْعُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ؛ فَقَدْ حَقَنَ دَمَكَ ، وَأَجْزَلَ صِلَتَكَ ، وَأَصْلِحْ نِيَّتَكَ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ