حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِ حِمْصَ قَالُوا : كَانَ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ رَغْبَانَ الْمُلَقَّبُ بِدِيكِ الْجِنِّ شَاعِرًا أَدِيبًا ذَا نِعْمَةٍ حَسَنَةٍ , وَكَانَ لَهُ غُلَامٌ كَالشَّمْسِ وَجَارِيَةٌ كَالْقَمَرِ , وَكَانَ يَهْوَاهُمَا جَمِيعًا , فَدَخَلَ يَوْمًا مَنْزِلَهُ فَوَجَدَ الْجَارِيَةَ مُعَانِقَةً الْغُلَامَ تُقَبِّلُهُ , فَشَدَّ عَلَيْهِمَا فَقَتَلَهُمَا , ثُمَّ جَلَسَ عِنْدَ رَأْسِ الْجَارِيَةِ , فَبَكَاهَا طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ : {
} يَا طَلَعَةً طَلَعَ الْحِمَامُ عَلَيْهَا {
}وَجَنَى لَهَا ثَمَرُ الرَّدَى بِيَدَيْهَا {
}{
} رَوَيْتُ مِنْ دَمِهَا الثَّرَى وَلَطَالَ مَا {
}رَوَى الْهَوَى شَفَتَيَّ مِنْ شَفَتَيْهَا {
}{
} فَأَجَّلْتُ سَيْفِي فِي مَجَالِ خِنَاقِهَا {
}وَمَدَامِعِي تَجْرِي عَلَى خَدَّيْهَا {
}{
} فَوَحَقِّ عَيْنَيْهَا فَمَا وَطِئَ الثَّرَى {
}شَيْءٌ عَلَيَّ أَعَزَّ مِنْ عَيْنَيْهَا {
}{
} ما كان قتلتها لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ {
}أَبْكِي إِذَا سَقَطَ الْغُبَارُ عَلَيْهَا {
}{
} لَكِنْ بَخِلْتُ عَلَى سِوَايَ بِحُسْنِهَا {
}وَأَنِفْتُ مِنْ نَظَرِ الْغُلَامِ إِلَيْهَا {
}ثُمَّ جَلَسَ عِنْدَ رَأْسِ الْغُلَامِ فَبَكَى , وَأَنْشَأَ يَقُولُ : {
} أَشْفَقْتُ أَنْ يَرِدَ الزَّمَانُ بِغَدْرِهِ {
}أَوْ أُبْتَلَى بَعْدَ الْوِصَالِ بِهَجْرِهِ {
}{
} قَمَرٌ أَنَا اسْتَخْرَجْتُهُ مِنْ دُجْنَةٍ {
}بِمَوَدَّتِي وَلَهُ الْفُؤَادُ بِأَسْرِهِ {
}{
} عَهْدِي بِهِ مَيْتًا كَأَحْسَنِ نَائِمٍ {
}وَالدَّمْعُ يَنْحَرُ مُقْلَتِي فِي نَحْرِهِ {
}{
} لَوْ كَانَ يَدْرِي الْمَيْتُ مَاذَا بَعْدَهُ {
}بِالْحَيِّ مِنْهُ بَكَى لَهُ فِي قَبْرِهِ {
}{
} غُصْنٌ تَكَادُ تُفِيضُ مِنْهَا نَفْسُهُ {
}وَيَكَادُ يَخْرُجُ قَلْبُهُ مِنْ صَدْرِهِ {
}
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْمَاطِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِ حِمْصَ قَالُوا : كَانَ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ رَغْبَانَ الْمُلَقَّبُ بِدِيكِ الْجِنِّ شَاعِرًا أَدِيبًا ذَا نِعْمَةٍ حَسَنَةٍ , وَكَانَ لَهُ غُلَامٌ كَالشَّمْسِ وَجَارِيَةٌ كَالْقَمَرِ , وَكَانَ يَهْوَاهُمَا جَمِيعًا , فَدَخَلَ يَوْمًا مَنْزِلَهُ فَوَجَدَ الْجَارِيَةَ مُعَانِقَةً الْغُلَامَ تُقَبِّلُهُ , فَشَدَّ عَلَيْهِمَا فَقَتَلَهُمَا , ثُمَّ جَلَسَ عِنْدَ رَأْسِ الْجَارِيَةِ , فَبَكَاهَا طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ : يَا طَلَعَةً طَلَعَ الْحِمَامُ عَلَيْهَا وَجَنَى لَهَا ثَمَرُ الرَّدَى بِيَدَيْهَا رَوَيْتُ مِنْ دَمِهَا الثَّرَى وَلَطَالَ مَا رَوَى الْهَوَى شَفَتَيَّ مِنْ شَفَتَيْهَا فَأَجَّلْتُ سَيْفِي فِي مَجَالِ خِنَاقِهَا وَمَدَامِعِي تَجْرِي عَلَى خَدَّيْهَا فَوَحَقِّ عَيْنَيْهَا فَمَا وَطِئَ الثَّرَى شَيْءٌ عَلَيَّ أَعَزَّ مِنْ عَيْنَيْهَا ما كان قتلتها لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ أَبْكِي إِذَا سَقَطَ الْغُبَارُ عَلَيْهَا لَكِنْ بَخِلْتُ عَلَى سِوَايَ بِحُسْنِهَا وَأَنِفْتُ مِنْ نَظَرِ الْغُلَامِ إِلَيْهَا ثُمَّ جَلَسَ عِنْدَ رَأْسِ الْغُلَامِ فَبَكَى , وَأَنْشَأَ يَقُولُ : أَشْفَقْتُ أَنْ يَرِدَ الزَّمَانُ بِغَدْرِهِ أَوْ أُبْتَلَى بَعْدَ الْوِصَالِ بِهَجْرِهِ قَمَرٌ أَنَا اسْتَخْرَجْتُهُ مِنْ دُجْنَةٍ بِمَوَدَّتِي وَلَهُ الْفُؤَادُ بِأَسْرِهِ عَهْدِي بِهِ مَيْتًا كَأَحْسَنِ نَائِمٍ وَالدَّمْعُ يَنْحَرُ مُقْلَتِي فِي نَحْرِهِ لَوْ كَانَ يَدْرِي الْمَيْتُ مَاذَا بَعْدَهُ بِالْحَيِّ مِنْهُ بَكَى لَهُ فِي قَبْرِهِ غُصْنٌ تَكَادُ تُفِيضُ مِنْهَا نَفْسُهُ وَيَكَادُ يَخْرُجُ قَلْبُهُ مِنْ صَدْرِهِ