عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ الْعَبْدِيِّ قَالَ : إِنِّي لَبِمُزْدَلِفَةَ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا شَجِيًّا وَبُكَاءً حَرِقًا , فَاتَّبَعْتُ الصَّوْتَ فَإِذَا جَارِيَةٌ كَأَنَّهَا قَمَرٌ مَعَهَا عَجُوزٌ , فَلَطَّيْتُ بِالْأَرْضِ أُلَاحِظُهَا مِنْ حَيْثُ لَا تَرَانِي , وَأُمْتِعُ عَيْنَيَّ بِحُسْنِهَا , وَهِيَ تَقُولُ : {
} دَعَوْتُكَ يَا مَوْلَايَ سِرًّا وَجَهْرَةً {
}دُعَاءَ ضَعِيفِ الْقَلْبِ مِنْ مَحْمَلِ الْحُبِّ {
}{
} بُلِيتُ بِقَاسِي الْقَلْبِ لَا يَعْرِفُ الْهَوَى {
}وَأَقْتَلِ خَلْقِ اللَّهِ لِلْهَائِمِ الصَّبِّ {
}{
} فَإِنْ كُنْتَ لَمْ تَقْضِ الْمَوَدَّةَ بَيْنَنَا {
}فَلَا يَخْلُ مِنْ حُبٍّ لَهُ أَبَدًا قَلْبِي {
}{
} رَضِيتُ بِهَذَا مَا حَيِيتُ فَإِنْ أَمُتْ {
}فَحَسْبِي ثَوَابًا فِي الْمَعَادِ بِهِ حَسْبِي {
}قَالَ : وَجَعَلَتْ تُرَدِّدُ ذَلِكَ وَتَبْكِي , وَالنَّاسُ مَشَاغِيلُ بِجَمْعِ الْحَصَى , فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَقُلْتُ : بِنَفْسِي أَنْتِ , مَعَ هَذَا الْوَجْهِ الْحَسَنِ يَمْتَنِعُ عَلَيْكِ مَنْ تُرِيدِينَ ؟ فَقَالَتْ : نَعَمْ وَاللَّهِ , يَفْعَلُ ذَلِكَ تَصَبُّرًا , وَفِي قَلْبِهِ أَكْثَرُ مِمَّا فِي قَلْبِي مِنْهُ , قُلْتُ : فَإِلَى كَمْ هَذَا الْبُكَاءُ ؟ قَالَتْ : أَبَدًا , أَوْ يَصِيرُ الدَّمْعُ دَمًا , وَتُطْفَأُ نَفْسِي غَمًّا , فَقُلْتُ : إِنَّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ آخِرُ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الْحَجِّ , فَلَوْ سَأَلْتِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ التَّوْبَةَ مِمَّا أَنْتِ فِيهِ , وَالْمَغْفِرَةَ لِمَا سَلَفَ , رَجَوْتُ أَنْ يَذْهَبَ حُبُّهُ مِنْ قَلْبِكِ ؟ قَالَتْ : يَا هَذَا , عَلَيْكَ بِنَفْسِكَ فِي طَلَبِ رَغْبَتِكَ , فَإِنِّي قَدْ قَدَّمْتُ رَغْبَتِي إِلَى مَنْ لَيْسَ يَجْهَلُ بُغْيَتِي , وَحَوَّلَتْ وَجْهَهَا وَأَقْبَلَتْ عَلَى بُكَائِهَا وَشِعْرِهَا , وَلَمْ يُكْرِثْهَا قَوْلِي وَوَعْظِي
حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ الْعَبْدِيِّ قَالَ : إِنِّي لَبِمُزْدَلِفَةَ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا شَجِيًّا وَبُكَاءً حَرِقًا , فَاتَّبَعْتُ الصَّوْتَ فَإِذَا جَارِيَةٌ كَأَنَّهَا قَمَرٌ مَعَهَا عَجُوزٌ , فَلَطَّيْتُ بِالْأَرْضِ أُلَاحِظُهَا مِنْ حَيْثُ لَا تَرَانِي , وَأُمْتِعُ عَيْنَيَّ بِحُسْنِهَا , وَهِيَ تَقُولُ : دَعَوْتُكَ يَا مَوْلَايَ سِرًّا وَجَهْرَةً دُعَاءَ ضَعِيفِ الْقَلْبِ مِنْ مَحْمَلِ الْحُبِّ بُلِيتُ بِقَاسِي الْقَلْبِ لَا يَعْرِفُ الْهَوَى وَأَقْتَلِ خَلْقِ اللَّهِ لِلْهَائِمِ الصَّبِّ فَإِنْ كُنْتَ لَمْ تَقْضِ الْمَوَدَّةَ بَيْنَنَا فَلَا يَخْلُ مِنْ حُبٍّ لَهُ أَبَدًا قَلْبِي رَضِيتُ بِهَذَا مَا حَيِيتُ فَإِنْ أَمُتْ فَحَسْبِي ثَوَابًا فِي الْمَعَادِ بِهِ حَسْبِي قَالَ : وَجَعَلَتْ تُرَدِّدُ ذَلِكَ وَتَبْكِي , وَالنَّاسُ مَشَاغِيلُ بِجَمْعِ الْحَصَى , فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَقُلْتُ : بِنَفْسِي أَنْتِ , مَعَ هَذَا الْوَجْهِ الْحَسَنِ يَمْتَنِعُ عَلَيْكِ مَنْ تُرِيدِينَ ؟ فَقَالَتْ : نَعَمْ وَاللَّهِ , يَفْعَلُ ذَلِكَ تَصَبُّرًا , وَفِي قَلْبِهِ أَكْثَرُ مِمَّا فِي قَلْبِي مِنْهُ , قُلْتُ : فَإِلَى كَمْ هَذَا الْبُكَاءُ ؟ قَالَتْ : أَبَدًا , أَوْ يَصِيرُ الدَّمْعُ دَمًا , وَتُطْفَأُ نَفْسِي غَمًّا , فَقُلْتُ : إِنَّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ آخِرُ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الْحَجِّ , فَلَوْ سَأَلْتِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ التَّوْبَةَ مِمَّا أَنْتِ فِيهِ , وَالْمَغْفِرَةَ لِمَا سَلَفَ , رَجَوْتُ أَنْ يَذْهَبَ حُبُّهُ مِنْ قَلْبِكِ ؟ قَالَتْ : يَا هَذَا , عَلَيْكَ بِنَفْسِكَ فِي طَلَبِ رَغْبَتِكَ , فَإِنِّي قَدْ قَدَّمْتُ رَغْبَتِي إِلَى مَنْ لَيْسَ يَجْهَلُ بُغْيَتِي , وَحَوَّلَتْ وَجْهَهَا وَأَقْبَلَتْ عَلَى بُكَائِهَا وَشِعْرِهَا , وَلَمْ يُكْرِثْهَا قَوْلِي وَوَعْظِي