فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ : فَعَلْتُهُ أَنَا وَشَرِيكِي : زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَخُذُوهُ ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةٍ فَرُدُّوهُ "
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ قَالَ : سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ الْأَحْوَلَ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا الْمِنْهَالِ عَنِ الصَّرْفِ ، فَقَالَ : اشْتَرَيْتُ أَنَا وَشَرِيكٌ لِي شَيْئًا يَدًا بِيَدٍ ، وَشَيْئًا بِنَسِيئَةٍ ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ : فَعَلْتُهُ أَنَا وَشَرِيكِي : زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَخُذُوهُ ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةٍ فَرُدُّوهُ فَهَذَا الْحَدِيثُ يُحْتَجُّ بِهِ فِي مَسْأَلَةٍ مِنَ الْفِقْهِ يُتَنَازَعُ أَهْلُهُ فِيهَا ، وَهِيَ أَنَّ الصَّفْقَةَ الْوَاحِدَةَ إِذَا جَمَعَتْ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَحْدَهُ ، وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَحْدَهُ ، هَلْ يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَحْدَهُ ، وَيَبْطُلُ مِنْهُ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَحْدَهُ ، أَوْ يَبْطُلَانِ جَمِيعًا : الْبَيْعُ فِي الَّذِي يَجُوزُ بَيْعُهُ وَحْدَهُ مِنْهُمَا ، وَفِي الَّذِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَحْدَهُ مِنْهُمَا ، فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَكْشِفْ مِنْ سَائِلَيْهِ الْمَذْكُورَيْنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ ذَيْنِكَ الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ سَأَلَاهُ عَنْهُمَا ، مِمَّا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْآخَرِ وَحْدَهُ : هَلْ كَانَ شِرَاؤُهُمَا إِيَّاهُمَا فِي صَفْقَةٍ ، أَوْ صَفْقَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ ؟ . فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا كَانَ وَاحِدًا ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ لَكَشَفَهُمَا عَنْ حَقِيقَةِ شِرَائِهِمَا ، هَلْ كَانَ عَلَى مَا يُوجِبُهُ الشِّرَاءُ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ ، أَوْ عَلَى مَا يُوجِبُهُ ذَلِكَ الشِّرَاءُ فِي الصَّفْقَتَيْنِ ، ثُمَّ لَأَجَابَهُمَا بِالْوَاجِبِ فِيمَا يَقِفُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مِنْهُمَا ، وَلَمَّا لَمْ يَكْشِفْهُمَا عَنْ ذَلِكَ ، عَقَلْنَا أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا يَكُونُ سَوَاءٌ فِي ذَيْنِكَ الْمَعْنَيَيْنِ ، وَأَنَّ الشِّرَاءَ يَجُوزُ فِيمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ ، وَيَبْطُلُ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ نَسِيئَةٍ ، وَأَنَّ حُكْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَيْنِكَ الشَّيْئَيْنِ حُكْمُ نَفْسِهِ ، لَا حُكْمُ الشَّيْءِ الْآخَرِ الْمَضْمُومِ مَعَهُ فِي الصَّفْقَةِ الَّتِي جَمَعَتْهُمَا جَمِيعًا . وَمِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَصْحَابُهُ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ فِيمَا أَجَابَ أَسَدًا فِي ذَلِكَ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِيهِ . وَقَدْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُمْ ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ ، فَأَبْطَلَ الْبَيْعَ فِي الشَّيْئَيْنِ بِبُطْلَانِهِ فِي أَحَدِهِمَا ، ثُمَّ الْتَمَسْنَا هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ ، هَلْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ ، مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ ، أَمْ لَا ؟