دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ضُبَاعَةَ فَقَـالَ " مَا مَنَعَكَ يَا عَمَّةُ مِنَ الْحَجِّ " ؟ قَالَتْ : إِنِّي سَقِيمَةٌ ، وَأَخَافُ الْحَبْسَ . فَقَالَ : " اخْرُجِي ، وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي "
وَحَدَّثَنَـا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَـا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، حَدَّثَنَـا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ : حَدَّثَنِـي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَدَّتِهِ ، قَالَتْ : دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى ضُبَاعَةَ فَقَـالَ مَا مَنَعَكَ يَا عَمَّةُ مِنَ الْحَجِّ ؟ قَالَتْ : إِنِّي سَقِيمَةٌ ، وَأَخَافُ الْحَبْسَ . فَقَالَ : اخْرُجِي ، وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي وَهَذِهِ الْآثَارُ هِيَ الَّتِي وَجَدْنَاهَا فِي قِصَّةِ ضُبَاعَةَ فِي الِاشْتِرَاطِ فِي الْحَجِّ ، وَمِنْهَا مَا لَمْ يَقَعْ فِيهِ الِاضْطِرَابُ الَّذِي ذَكَرْنَا فِيهَا مَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ . فَنَظَرْنَا : هَلْ نَجِدُ مَا يَدْفَعُ ذَلِكَ فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : مَنْ كُسِرَ أَوْ عُرِجَ ، فَقَدْ حَلَّ ، وَعَلَيْهِ حِجَّةٌ أُخْرَى وَذَكَرَ عِكْرِمَةُ هَذَا الْحَدِيثَ ، وَذَكَرْنَا مَعَ ذَلِكَ مِنِ اخْتِيَارِ قَوْلِهِ فَقَدْ حَلَّ ، مَا ذَكَرْنَاهُ فِيهِ ، وَأَنَّهُ بِمَعْنَى : فَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَحِلَّ ، وَكَانَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ وُقُوفٍ مِنَّا عَلَى ذَلِكَ التَّأْوِيلِ بِرِوَايَةٍ تُوجِبُهُ وَتَمْنَعُ أَنْ يُتَأَوَّلَ عَلَى غَيْرِهِ ، ثُمَّ بَانَ لَنَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمَّا وَقَفْنَا عَلَى حَدِيثِ ضُبَاعَةَ هَذَا ، أَنَّ الْأَوْلَى فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَنْ يَكُونَ خُرُوجًا مِنَ الْإِحْرَامِ الَّذِي حَدَثَتْ عَلَى صَاحِبِهِ فِيهِ تِلْكَ الْحَادِثَةُ الَّتِي تَمْنَعُهُ مِنَ النُّفُوذِ فِي حَجِّهِ . وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ إِذْ لَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهِ ، وَلَا فِي حَدِيثِ ضُبَاعَةَ بِهَدْي كَانَ يُؤْمَرُ الْمَحْصُورُ بِالْهَدْيِ الَّذِي يَحِلُّ بِهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ الْحُكْمُ فِي الْبَدْءِ ، ثُمَّ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْحُكْمَ فِيمَنْ حُبِسَ عَنِ الْحَجِّ بِالْإِحْصَارِ الَّذِي يَحْبِسُهُ عَنْهُ مِنَ الْعَجْزِ فِي بَدَنِهِ ، وَمِمَّا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْعَدُوِّ الَّذِي يَصُدُّهُ عَنْهُ أَنَّ عَلَيْهِ الْهَدْيَ ، وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ إِلَّا بِنَحْرِ ذَلِكَ الْهَدْيِ ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَأَتَمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْي مَحِلَّهُ }} ، فَكَانَتْ هَذِهِ آيَةً مُحْكَمَةً . وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعَ تَصْدِيقِهِ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو ، وَمَا قَدْ ذَكَرْنَا تَصْدِيقَهُ إِيَّاهُ عَلَيْهِ