عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَقَدْ هَمَمْتُ أَنَّ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ، ثُمَّ أُحَرِّقَ عَلَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ "
وَوَجَدْنَا فَهْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ قَدْ حَدَّثَنَـا قَـالَ : حَدَّثَنَـا أَبُو غَسَّانَ ، حَدَّثَنَـا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَـا أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الْأَحْوَصِ يَذْكُرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَقَدْ هَمَمْتُ أَنَّ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ، ثُمَّ أُحَرِّقَ عَلَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ وَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَـا قَـالَ : حَدَّثَنَـا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ ، حَدَّثَنَـا زُهَيْرٌ ، عَنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، مِثْلَهُ قَـالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَوَقَفْنَا بِحَدِيثِ زُهَيْرٍ هَذَا عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْوَعِيدِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهَا مِمَّا ذَكَرْنَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ هِيَ الْجُمُعَةُ ، وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنَّ الْفَرْضَ فِي إِتْيَانِ الْجُمُعَةِ مَا قَدْ بَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ }} ، ثُمَّ وَكَّدَ ذَلِكَ تَوْكِيدًا دَلَّ بِهِ أَنَّ الَّذِيَ يَسْعَوْنَ إِلَيْهِ هُوَ الصَّلَاةُ بِقَوْلِهِ : {{ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ }} ، وَأَطْلَقَ لَهُمْ بَعْدَ الصَّلَاةِ مَا كَانَ حَظَرَهُ عَلَيْهِمْ قَبْلَهَا ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، وَكَانَ مِنَ الْفَرْضِ لَهَا مَا كَانَ مِمَّا ذَكَرْنَا ، وَكَانَ ذَلِكَ الْفَرْضُ مِنَ الْفُرُوضِ الَّتِي لَا يَقُومُ بِهَا الْخَاصَّةُ عَنِ الْعَامَّةِ ، كَغَسْلِ الْمَوْتَى ، وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ وَمُوَارَاتِهِمْ فِي قُبُورِهِمْ ، لِأَنَّ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِهِ فَرْضًا ، فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ إِذَا فَعَلَهُ سَقَطَ الْفَرْضُ الَّذِي كَانَ فِيهِ عَلَى بَقِيَّتِهِمْ ، وَكَانَ السَّعْيُ إِلَى الْجُمُعَةِ حَتَّى تُقْضَى بِخِلَافِ ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ ذَلِكَ الْفَرْضُ عَنْ أَحَدٍ بِفِعْلِ غَيْرِهِ إِيَّاهُ ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْوَعِيدَ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا ذَكَرْنَا كَانَ بِهَذَا الْمَعْنَى . فَقَـالَ قَائِلٌ : فَكَيْفَ صَارَتِ الْعُقُوبَةُ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِحْرَاقَ بُيُوتِ أَهْلِهَا ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَهُ نَكَالًا لَهُمْ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ فِي الْأَحْكَامِ ثُمَّ نُسِخَتْ ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي مَانِعِي الزَّكَاةِ : فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ أَمْوَالِهِمْ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا وَمِنْ قَوْلِهِ فِي سَرِقَةِ حَرِيسَةِ الْجَبَلِ : إِنَّ فِيهَا غُرْمَ مِثْلِهَا ، وَجَلْدَاتِ نَكَالٍ وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ نُسِخَ ، وَرُدَّتِ الْعُقُوبَاتُ عَلَى تَرْكِ مَا يَكُونُ بِالْأَبْدَانِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُحْرِمَةِ عَلَى الْأَبْدَانِ دُونَ الْأَمْوَالِ ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مَا كَانَ مِنْ وَعِيدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِإِحْرَاقِ بُيُوتِ هَؤُلَاءِ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنِ الصَّلَاةِ عُقُوبَةً لَهُمْ عَلَى تَخَلُّفِهِمْ ، وَالْخَبَرُ الَّذِي فِيهِ الْعُقُوبَاتُ عَلَى أَهْلِ الْوُجُوبِ بِالْأَشْيَاءِ الَّتِي تُفْعَلُ بِالْأَبْدَانِ تُرَدُّ إِلَى الْأَمْوَالِ ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ وَأَشْكَالُهُ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ