عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، أَنَّ وَفْدَ بَنِي تَمِيمٍ ، قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " أَبْشِرُوا يَا بَنِي تَمِيمٍ " ، فَقَالُوا : بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا ، فَتَغَيَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ أَتَاهُ وَفْدُ أَهْلِ الْيَمَنِ ، فَقَالَ : " أَبْشِرُوا يَا أَهْلَ الْيَمَنِ ، اقْبَلُوا الْبُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ " ، فَقَالُوا : قَبْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ثُمَّ حَدَّثَ ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ : قَدْ ذَهَبَ بَعِيرُكَ , فَلَيْتَهُ كَانَ ذَهَبَ وَلَمْ أَقُمْ
كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، أَنَّ وَفْدَ بَنِي تَمِيمٍ ، قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَبْشِرُوا يَا بَنِي تَمِيمٍ ، فَقَالُوا : بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا ، فَتَغَيَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ أَتَاهُ وَفْدُ أَهْلِ الْيَمَنِ ، فَقَالَ : أَبْشِرُوا يَا أَهْلَ الْيَمَنِ ، اقْبَلُوا الْبُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ ، فَقَالُوا : قَبْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ثُمَّ حَدَّثَ ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ : قَدْ ذَهَبَ بَعِيرُكَ , فَلَيْتَهُ كَانَ ذَهَبَ وَلَمْ أَقُمْ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ صَفْوَانُ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ ، عَنْ عِمْرَانَ مِمَّنْ يُرِيدُ كِتَابَ اللَّهِ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ قَبْلَ خَلْقِهِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، فَكَانَ مَعْقُولًا بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ : أَنَّ الذِّكْرَ الْمُرَادَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : {{ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ }} ، أَنَّ ذَلِكَ الذِّكْرَ هُوَ الْمَكْتُوبُ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَأَنَّ الْأَشْيَاءَ الْمَذْكُورَةَ بَعْدَهُ هِيَ مَا سِوَاهُ مِنَ التَّوْرَاةِ ، وَالْإِنْجِيلِ ، وَالْقُرْآنِ . وَأَمَّا اللُّغَوِيُّونَ : فَكَانُوا يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ الذِّكْرَ الْمُرَادَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الْفُرْقَانُ ، وَيَحْتَجُّونَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : {{ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ }} ، وَبِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ }} ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى : {{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }} ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى : {{ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ }} ، فَكَانَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ مَا قَدْ دَلَّ : أَنَّ الذِّكْرَ الْمَذْكُورَ فِيهَا هُوَ الْقُرْآنُ ، وَكَانُوا يَقُولُونَ فِي ذَلِكَ : إِنَّهُمْ وَجَدُوا حُرُوفَ الْخَفْضِ يُعَاقِبُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، فَيُخَاطَبُ فِيهَا بِـبَعْدَ لِمَا يُرَادُ بِهِ : قَبْلَ ، وَبِـقَبْلَ مِمَّا يُرَادُ بِهِ : بَعْدَ ، وَكَانَ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ، وَكَانَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا أَوْلَى بِالتَّأْوِيلِ لِهَذِهِ الْآيَةِ مِمَّا قَالُوا ، إِذْ كَانَ مَا قَالُوا لَمْ تَدْعُ إِلَيْهِ ضَرُورَةٌ تُوجِبُ حَمْلَ الْأَمْرِ عَلَى مَا حَمَلُوهُ عَلَيْهِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ