سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ : " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرُّقْبَى " قَالَ : " وَمَنْ أُرْقِبَ رُقْبَى ، فَهِيَ لَهُ "
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ الرُّقْبَى قَالَ : وَمَنْ أُرْقِبَ رُقْبَى ، فَهِيَ لَهُ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ الرُّقْبَى تَكُونُ لِمَنْ أُرْقِبَهَا ، وَأَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي اشْتَرَطَ عَلَيْهِ فِيهَا يَبْطُلُ ، وَلَا يَكُونُ لَهُ مَعْنًى ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهَا ، وَفِي كَيْفِيَّةِ الرُّقْبَى الَّتِي لَهَا هَذَا الْحُكْمُ . فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ : هِيَ قَوْلُ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ : قَدْ جَعَلْتُ دَارِي هَذِهِ رُقْبَى لَكَ , إِنْ مِتَّ قَبْلِي فَهِيَ لِي ، وَإِنْ مِتُّ قَبْلَكَ فَهِيَ لَكَ ، فَجَعَلُوهَا كَالْعَارِيَةِ ، وَلَمْ يُوجِبُوا بِهَا مِلْكًا لِلْمُرْقَبِ فِيمَا أُرْقِبَهُ كَذَلِكَ ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ : أَبُو حَنِيفَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، وَكَانُوا يَذْهَبُونَ فِي كَيْفِيَّتِهَا إِلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِمَّا قَدْ قِيلَ فِيهَا , وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ جَوَابًا لِأَسَدٍ لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا أَنَّ مَالِكًا لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهَا , وَأَنَّهُ فَسَّرَهَا لَهُ كَالتَّفْسِيرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيهَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَمُحَمَّدٍ ، فَقَالَ : لَا خَيْرَ فِيهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَمَالِكٍ ، وَمُحَمَّدٍ ، لَيْسَ بِصَحِيحٍ عِنْدَنَا ؛ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ الْمُرْقَبَ إِنْ مَاتَ ، كَانَ مَا أُرْقِبَهُ لِمَنْ أَرْقَبَهُ إِيَّاهُ ، فَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُجْرُوا ذَلِكَ مِنْهُ مَجْرَى الْوَصِيَّةِ بِهِ لِلَّذِي أُرْقِبَهُ ؛ لِأَنَّ الْوَصَايَا تَكُونُ كَذَلِكَ ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فِي كَيْفِيَّتِهَا خِلَافَ هَذَا الْقَوْلِ ، وَقَالُوا : هِيَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : قَدْ مَلَّكْتُكَ دَارِي هَذِهِ عَلَى أَنْ نَتَرَاقَبَ فِيهَا ، فَإِنْ مِتَّ قَبْلِي رَجَعَتْ إِلَيَّ ، وَإِنْ مِتُّ قَبْلَكَ سَلِمَتْ لَكَ ، فَيَكُونُ التَّرَاقُبُ فِي الرُّجُوعِ لَهَا إِلَى صَاحِبِهَا أَوْ إِلَى الَّذِي أُرْقِبَهَا ، لَا فِي نَفْسِ التَّمْلِيكِ لَهَا ، وَجَعَلُوهَا جَائِزَةً لِلْمُرْقَبِ غَيْرَ رَاجِعَةٍ إِلَى الْمُرْقِبِ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ , مِنْهُمُ : الثَّوْرِيُّ ، وَأَبُو يُوسُفَ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَهُوَ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ