سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ اللَّهَ يُنْشِئُ السَّحَابَ ، فَيَنْطِقُ أَحْسَنَ الْمِنْطِقِ ، وَيَضْحَكُ أَحْسَنَ الضَّحِكِ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ الصَّائِغُ قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الرِّيَاحِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : إِنِّي لَجَالِسٌ مَعَ عَمِّي حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، إِذْ عَرَضَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ شَيْخٌ جَلِيلٌ ، فِي بَصَرِهِ بَعْضُ الضَّعْفِ مِنْ بَنِي غِفَارَ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ حُمَيْدٌ ، فَدَعَاهُ ، فَلَمَّا أَقْبَلَ قَالَ : ابْنَ أَخِي ، إِنَّ هَذَا قَدْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ، أَوْسِعْ لَهُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، فَأَوْسَعْتُ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ حُمَيْدٌ : الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْتَ أَنَّكَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُهُ فِي السَّحَابِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ يُنْشِئُ السَّحَابَ ، فَيَنْطِقُ أَحْسَنَ الْمِنْطِقِ ، وَيَضْحَكُ أَحْسَنَ الضَّحِكِ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَوَجَدْنَا مَا فِيهِ مَوْجُودًا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ، فَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الْفَرَّاءُ قَالَ : تَقُولُ الْعَرَبُ : يَوْمٌ ضَاحِكٌ مُصِحٌّ ، وَسَحَابٌ نَاطِقٌ هَاطِلٌ ، تَذْهَبُ بِنُطْقِهِ إِلَى رُجُوعِهِ وَمَطَرِهِ ، لِأَنْوَاءَ يَعْرِفُونَهُ بِهَا قَالَ الْفَرَّاءُ : وَسَمِعْتُ أَبَا ثَرْوَانَ يَقُولُ : شَتَوْنَا بِأَرْضٍ سَهْلٍ عُبُورُهَا ، كَثِيرٌ حُبُورُهَا ، نَاطِقٌ سَحَابُهَا ، ضَاحِكٌ جَنَّاتُهَا فَأَخْبَرَ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِأَفْعَالِ الْآدَمَيِّينَ لِثُبُوتِ الْمَعْرِفَةِ عَلَى مَا قَصَدَ لَهُ بِوَصْفِ السَّحَابِ بِالنُّطْقِ ، يُرِيدُ غَزَارَةَ مَائِهِ ، وَوَصْفِ الْجَنَّاتِ بِالضَّحِكِ ، لِخُرُوجِ زَهْرِهِ ، وَكَبِيرِ مَرْعَاهُ قَالَ : وَفِي أَمْثَالِهِمْ : نَطَقَ الشَّيْبُ فِي رَأْسِهِ ، وَضَحِكَ الشَّيْبُ كَذَلِكَ أَيْضًا : إِذَا ظَهَرَ ، وَكَذَلِكَ : مَالَ الْجِدَارُ ، وَاحْتَرَقَ الَثَّوْبُ ، كُلُّ هَذَا مَعْقُولٌ فِي الْمَعْنَى ، فَخَاطَبَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَوْمُهُ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ ذُرْوَتُهَا وَسَنَامُهَا الَّذِينَ خَاطَبَهُمْ بِذَلِكَ وَهُمْ عَرَبٌ بِمَا يَفْهَمُونَهُ عَنْهُ ، وَيَعْقِلُونَهُ مِنْ مُرَادِهِ ، لِأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ بِلِسَانِهِمْ ؛ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ }} ، فَخَاطَبَهُمْ بِلِسَانِهِمْ لَعِلْمِهِ بِفَهْمِهِمْ عَنْهُ مَا خَاطَبَهُمْ بِهِ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ