فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : " إِذَا خَاصَمَ الرَّجُلُ الْآخَرَ ، فَدَعَا أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ إِلَى الرَّسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمَا ، فَأَبَى أَنْ يَجِيءَ ، فَلَا حَقَّ لَهُ "
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ , حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ خُبَيْبِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ , عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ , عَنْ خُبَيْبِ بْنِ سُلَيْمَانَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ : مِنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ إِلَى بَنِيهِ ، أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : إِذَا خَاصَمَ الرَّجُلُ الْآخَرَ ، فَدَعَا أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ إِلَى الرَّسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمَا ، فَأَبَى أَنْ يَجِيءَ ، فَلَا حَقَّ لَهُ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، وَكَانَ أَحْسَنُ مَا حَضَرَنَا فِيهِ مَا كَانَ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ يَحْكِيهِ لَنَا عَنْ هِلَالِ بْنِ يَحْيَى أَنَّ مَعْنَاهُ : أَنَّ مِنْ حَقِّ الرَّجُلِ إِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الرَّجُلُ عِنْدَ الْحَاكِمِ دَعْوَى بِغَيْرِ مَحْضَرِ مَنِ ادَّعَاهَا عَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَسْمَعَ دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، وَحَتَّى يَسْمَعَ الْحَاكِمُ مِنْهُ مَا كَانَ يَكُونُ مِنْهُ مِنْ إِقْرَارٍ بِهَا ، أَوْ مِنْ جُحُودٍ لَهَا ، ثُمَّ يَفْعَلُ الْحَاكِمُ فِي ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ فِيهِ ، فَإِنْ دُعِيَ لِذَلِكَ فَلَمْ يُجِبْ ذَهَبَ ذَلِكَ الْحَقُّ مِنْهُ ، وَوَجَبَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُقِيمَ لَهُ وَكِيلًا ، فَيَكُونُ ذَلِكَ الْوَكِيلُ ، كَهُوَ لَوْ أَقَامَهُ ذَلِكَ الْمَقَامَ ، ثُمَّ يَسْمَعُ مِنْ بَيِّنَةٍ لِلْمُدَّعِي إِنْ أَقَامَهَا عِنْدَهُ بِمَا ادَّعَى ، وَيَقْضِي بِهَا إِنْ ثَبَتَ عَدْلُهَا عِنْدَهُ كَمَا يَقْضِي بِهَا عَلَيْهِ لَوْ كَانَ حَاضِرًا غَيْرَ أَنَّهُ يَجْعَلُهُ عَلَى حُجَّتِهِ إِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ عَلَى مَخْرَجٍ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ فِيهِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مِنَ الْفِقْهِ مِمَّا قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهَا ، فَمِنْهُمْ : مَنْ ذَهَبَ فِيهَا هَذَا الْمَذْهَبِ ، وَهُمْ أَبُو يُوسُفَ ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَسْمَعُ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ ، فَيَكُونُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ مَا يَكُونُ مِنْ إِقْرَارٍ بِهِ ، أَوْ مِنْ جُحُودٍ لَهُ ، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ : أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَسْمَعُ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ، وَلَا يُقِيمُ لَهُ فِيهِ وَكِيلًا حَتَّى يَحْضُرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَكُونَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ مَا يَكُونُ مِنْ إِقْرَارٍ بِهِ أَوْ مِنْ جُحُودٍ لَهُ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْمَعُ مِنَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ سِوَى الْعَقَارِ ، وَلَا يَسْمَعُهَا عَلَيْهِ فِي الْعَقَارِ حَتَّى يَحْضُرَ ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ : مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ ، وَيَقْضِي بِهَا عَلَيْهِ ، وَيَجْعَلُهُ عَلَى حُجَّةٍ إِنْ كَانَتْ فِي ذَلِكَ ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ ، وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ ، تَأَمَّلْنَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ ، فَوَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا مَعَ خَصْمِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ ، فَامْتَنَعَ مِنَ الْجَوَابِ عَنِ الدَّعْوَى الَّتِي ادَّعَاهَا عَلَيْهِ خَصْمُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ ، وَيَأَخُذُ بِالْجَوَابِ عَمَّا ادَّعَى عَلَيْهِ خَصْمُهُ ، وَأَنَّهُ لَا يَسْمَعُ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ ، وَإِنْ أَحْضَرَهَا خَصْمُهُ تَشْهَدُ لَهُ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ مِنَ الْجَوَابِ الَّذِي يَحْتَاجُ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى بَيِّنَةٍ عَلَى مَا ادَّعَى عَلَيْهِ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي حُضُورِهِ ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فِي مَغِيبِهِ ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ