عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : " دَخَلْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهِيَ فِي خِدْرِهَا ، فَقَالَتْ : مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قُلْنَا : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ ، فَقَالَتْ : يَا عُبَيْدُ بْنَ عُمَيْرٍ ، أَنْتَ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ : زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : دَعُونَا مِنْ بَاطِلِكُمْ هَذَا ، حَدِّثِينَا بِأَعْجَبَ مَا رَأَيْتِ مِنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا ، ثُمَّ قَالَتْ : كُلُّ أَمْرِهِ كَانَ عَجَبًا ، أَتَانِي ذَاتَ لَيْلَةٍ ، وَقَدْ دَخَلْتُ فِرَاشِي ، فَدَخَلَ مَعِي حَتَّى لَصَقَ جِلْدَهُ بِجِلْدِي ، ثُمَّ قَالَ : " يَا عَائِشَةُ ائْذَنِي لِي أَتَعَبَّدْ لِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ " قَالَتْ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَكَ وَأُحِبُّ هَوَاكَ ، قَالَتْ : فَقَامَ إِلَى قِرْبَةٍ فِي الْبَيْتِ ، فَتَوَضَّأَ مِنْهَا ، ثُمَّ قَرَأَ الْقُرْآنَ ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ دُمُوعَهُ بَلَغَتْ حُبْوَتَهُ ، ثُمَّ جَلَسَ ، فَدَعَا وَبَكَىَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ دُمُوعَهُ بَلَغَتْ حُجْزَتَهُ ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى يَمِينِهِ ، وَجَعَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ دُمُوعَهُ قَدْ بَلَغَتِ الْأَرْضَ ، ثُمَّ جَاءَهُ بِلَالٌ بَعْدَمَا أَذِنَ ، فَسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَآهُ يَبْكِي قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , تَبْكِي وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ : وَمَا لِي لَا أَبْكِي ، وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ : {{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ }} الْآيَةَ ، وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا ، ثُمَّ لَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا ، وَيْحَكَ يَا بِلَالُ أَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا "
وَقَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَسَدِيُّ , عَنْ أَبِي جَنَابٍ الْكَلْبِيِّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : دَخَلْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهِيَ فِي خِدْرِهَا ، فَقَالَتْ : مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قُلْنَا : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ ، فَقَالَتْ : يَا عُبَيْدُ بْنَ عُمَيْرٍ ، أَنْتَ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ : زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : دَعُونَا مِنْ بَاطِلِكُمْ هَذَا ، حَدِّثِينَا بِأَعْجَبَ مَا رَأَيْتِ مِنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا ، ثُمَّ قَالَتْ : كُلُّ أَمْرِهِ كَانَ عَجَبًا ، أَتَانِي ذَاتَ لَيْلَةٍ ، وَقَدْ دَخَلْتُ فِرَاشِي ، فَدَخَلَ مَعِي حَتَّى لَصَقَ جِلْدَهُ بِجِلْدِي ، ثُمَّ قَالَ : يَا عَائِشَةُ ائْذَنِي لِي أَتَعَبَّدْ لِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ قَالَتْ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَكَ وَأُحِبُّ هَوَاكَ ، قَالَتْ : فَقَامَ إِلَى قِرْبَةٍ فِي الْبَيْتِ ، فَتَوَضَّأَ مِنْهَا ، ثُمَّ قَرَأَ الْقُرْآنَ ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ دُمُوعَهُ بَلَغَتْ حُبْوَتَهُ ، ثُمَّ جَلَسَ ، فَدَعَا وَبَكَىَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ دُمُوعَهُ بَلَغَتْ حُجْزَتَهُ ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى يَمِينِهِ ، وَجَعَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ دُمُوعَهُ قَدْ بَلَغَتِ الْأَرْضَ ، ثُمَّ جَاءَهُ بِلَالٌ بَعْدَمَا أَذِنَ ، فَسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَآهُ يَبْكِي قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , تَبْكِي وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ : وَمَا لِي لَا أَبْكِي ، وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ : {{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ }} الْآيَةَ ، وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا ، ثُمَّ لَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا ، وَيْحَكَ يَا بِلَالُ أَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا وَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنْزَالُ اللَّهِ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا عِنْدَ عَائِشَةَ ، وَكَانَ مِنْهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا كَانَ ، وَإِخْبَارُهُ عَائِشَةَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي لَيْلَتِهِ تِلْكَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ ، وَإِعْلَامُهُ إِيَّاهَا أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا فَوَيْلٌ لَهُ , فَقَالَ قَائِلٌ : فَهَذَا بِخِلَافِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَيْتَهُ فِي هَذَا الْبَابِ ؛ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ إِنْزَالَ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ لِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى رَسُولِهِ لِلسَّبَبِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِهِ ، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا هَذَا إِنْزَالُهُ إِيَّاهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عِنْدَ الَّذِي كَانَ مِنْهُ مِنْ صَلَاتِهِ وَرِقَّةِ قَلْبِهِ عِنْدَهَا فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَلَا تَضَادَّ ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ ذِكْرُ سُؤَالِ قُرَيْشٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، مَا ذُكِرَ مِنْ سُؤَالِهَا إِيَّاهُ فِيهِ وَتَخْيِيرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ ، وَاخْتِيَارِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِسَائِلِيهِ مَا هُوَ فِي الْعَاقِبَةِ أَحْمَدُ ، وَمَآلُهُمْ فِيهِ السَّبَبُ الَّذِي يَكُونُ إِيصَالًا لَهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ ، وَفَوْزًا لَهُمْ مِنْ عَذَابِهِ ، وَكَانَ إِنْزَالُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْآيَةَ الَّتِي أَقَامَ بِهَا الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أَنْزَلَهَا فِيهَا عَلَيْهِ ، وَهُوَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ تَقَدَّمَ عِلْمُهُ بِالسَّبَبِ الَّذِي كَانَ مِنْ أَجْلِهِ نُزُولُهَا ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَقَدَّمَ عِنْدَ عَائِشَةَ ، فَعَادَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ جَمِيعُ الْآثَارِ الَّتِي رُوِّينَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ إِلَى انْتِفَاءِ التَّضَادِّ لَهَا ، وَالِاخْتِلَافِ عَنْهَا ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ