عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : " مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ "
مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ غَيْرُ مُحْصَنِينَ ، وَإِذَا كَانُوا كَذَلِكَ لَمْ يَكُونُوا فِي الزِّنَى مَرْجُومِينَ ، وَهُوَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَأْمُونُ عَلَى مَا قَالَ ، وَلَمَّا خَرَجَ أَهْلُ الْكِتَابِ مِنَ الْإِحْصَانِ الَّذِي يُوجِبُ الرَّجْمَ بَعْدَ إِطْلَاقِ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ ، وَأَنْ لَا يَتَّبِعَ أَهْوَاءَهُمْ وَكَانَ النَّاسُ جَمِيعًا فِي الْبَدْءِ غَيْرَ مُحْصَنِينَ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمُ الْأَسْبَابُ الَّتِي تُوجِبُ لَهُمُ الْإِحْصَانَ ، فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ عُقُوبَاتُ الزِّنَى إِذَا كَانَ مِنْهُمْ ، وَهُوَ الْجَلْدُ الَّذِي هُوَ حَدُّهُمْ قَبْلَ أَنْ يَكُونُوا مُحْصَنِينَ ، كَانُوا عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا غَيْرَ خَارِجِينَ عَنْهُ حَتَّى تَقُومَ الْحُجَّةُ بِخُرُوجِهِمْ عَنْهُ إِلَى مَا يَنْقِلُ عُقَوبَاتِهِمْ فِي زِنَاهُمْ مِنَ الْجَلْدِ إِلَى الرَّجْمِ ، وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ يَكُونُ مُحْصَنًا بِزَوْجَتِهِ الْمُسْلِمَةِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَا حُرَّيْنِ بِالِغَيْنِ قَدْ جَامَعَهَا وَهُمَا بَالِغَانِ ، فَوَجَبَ بِذَلِكَ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى نَقْلِ حُكْمِ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ سَبِيلَهُ مِنَ الْجَلْدِ إِلَى الرَّجْمِ إِذَا كَانَ مِنْهُ الزِّنَى ، وَتَرْكُهُ مَنْ سِوَاهُ عَلَى حَدِّهِ الْأَوَّلِ الَّذِي قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ كَانَ حَدَّهُ فِي الزِّنَى حَتَّى يُجْمِعُوا كَذَلِكَ عَلَى نَقْلِهِ مِنْ ذَلِكَ الْحَدِّ إِلَى الرَّجْمِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَا ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ فِي أُمُورِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى مَا قَالَهُ مَنْ قَالَهُ مِنَ انْتِفَاءِ الرَّجْمِ مِنْهُ . وَقَدْ دَخَلَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى ، فَذَكَرَ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي مُخْتَصَرِهِ الصَّغِيرِ الَّذِي أَلَّفَهُ عَلَى قَوْلِهِ ، وَكَتَبْنَاهُ عَمَّنْ حَدَّثَنَاهُ عَنْهُ ، قَالَ : وَإِذَا أَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ ثُمَّ زَنَى ، وَقَدْ تَزَوَّجَ فِي النَّصْرَانِيَّةِ ، فَلَا يَكُونُ مُحْصَنًا حَتَّى يَطَأَ زَوْجَتَهُ فِي الْإِسْلَامِ ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ يُعْتَقُ وَلَهُ زَوْجَةٌ ، فَيَزْنِي ، فَلَا يَكُونُ مُحْصَنًا حَتَّى يَطَأَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ ، ثُمَّ يَزْنِيَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَكُونَ مُحْصَنًا ، وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ تُعْتَقُ وَلَهَا زَوْجٌ ، فَلَا تَكُونُ مُحْصَنَةً حَتَّى تَزْنِيَ بَعْدَمَا يُصِيبُهَا زَوْجُهَا بَعْدَ الْعِتْقِ . فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ فِي الْإِحْصَانِ أَنَّ مَا كَانَ مِنَ النَّصْرَانِيِّ فِي نَصْرَانِيَّتِهِ مِنَ التَّزْوِيجِ وَالْجِمَاعِ لَا يُحَصِّنُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُحَصِّنُهُ فِي حَالِ نَصْرَانِيَّتِهِ ، لَكَانَ الْإِسْلَامُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ وَكَّدَهُ ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، دَلَّ أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ الْإِحْصَانِ الَّتِي يَجِبُ بِهَا الرَّجْمُ فِي الزِّنَى الْإِسْلَامُ ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى لُزُومِهِ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ قَالَهُ مُخَالِفُهُ فِيهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .