قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا , كَانَ لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ " . قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : " مَنَ أَنْظَرَ مُعْسِرًا , فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةً " . قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , قُلْتَ : " بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ " , ثُمَّ قُلْتَ : " لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةً " ؟ , قَالَ : فَقَالَ : " بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ مَا لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ , فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَإِنْ أَنْظَرَهُ بَعْدَ الْحِلِّ , فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةً "
فَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا , كَانَ لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ . قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : مَنَ أَنْظَرَ مُعْسِرًا , فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةً . قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , قُلْتَ : بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ , ثُمَّ قُلْتَ : لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةً ؟ , قَالَ : فَقَالَ : بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ مَا لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ , فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَإِنْ أَنْظَرَهُ بَعْدَ الْحِلِّ , فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةً فَوَقَفْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمَسْئُولَ عَمَّا سُئِلَ عَنْهُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , ثُمَّ تَأَمَّلْنَا جَوَابَهُ مِنْ سَائِلِهِ عَمَّا سَأَلَهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ , فَوَجَدْنَا ذَلِكَ مِمَّا قَدْ أَحَطْنَا عِلْمًا أَنَّهُ فِي الدُّيُونِ مِنَ الْقُرُوضِ , لَا مِمَّا سِوَاهَا مِنْ أَثْمَانِ الْبَيَاعَاتِ وَغَيْرِهَا ؛ لِأَنَّ الدُّيُونَ مِنْ أَثْمَانِ الْبَيَاعَاتِ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ , وَالْقُرُوضُ إِنَّمَا هِيَ أَبْدَالٌ مِنْ أَشْيَاءَ سِوَاهَا , لَا حَمْدَ فِيهَا لِأَهْلِهَا يُثَابُونَ عَلَيْهِ , وَالْأَمْوَالُ مِنَ الْقُرُوضِ هِيَ أَمْوَالٌ يَتَبَرَّعُ أَهْلُهَا فِيهَا بِإِقْرَاضِهِمْ إِيَّاهَا مَنْ يُقْرِضُونَهُ إِيَّاهَا لِيَتَصَرَّفَ بِهَا فِي مَنَافِعِ نَفْسِهِ , فَيَكُونُونَ فِي ذَلِكَ مَحْمُودِينَ , وَعَلَيْهِ مُثَابِينَ , وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الصَّبْرُ إِلَى الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ الْقَرْضُ إِلَيْهَا قَدْ لَزِمَ الْمُقْرِضَ , كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ , مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , فَيَكُونُ ثَوَابُهُ فِي ذَلِكَ مَا يُثِيبُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ لَهُ فَأَنْظَرَ بِهِ مَنْ هُوَ لَهُ عَلَيْهِ , كَانَ ثَوَابُهُ فِي ذَلِكَ فَوْقَ ثَوَابِهِ الْأَوَّلِ , فَإِنْ كَانَ هَذَا هُوَ حَقِيقَةُ هَذَا الْحَدِيثِ ثَبَتَ بِهِ مَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقُرُوضِ : إِنَّ الْآجَالَ يَثْبُتُ فِيهَا كَثُبُوتِهَا فِيمَا سِوَاهَا . وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الثَّوَابُ عَلَى ذَلِكَ لَا لِأَجَلٍ وَاجِبٍ عَلَى الْمُقْرِضِ , وَلَكِنَّهُ لِأَجَلٍ قَدْ وَعَدَهُ الَّذِي أَقْرَضَهُ مَالَهُ , وَالْوَعْدُ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ لَا يُوجِبُهُ , فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ تُوجِبُ الْوَفَاءَ بِهِ , وَيَحْمَدُ عَلَيْهِ مَنْ وَفَى بِهِ , وَيَذُمُّهُ عَلَى الْخُلْفِ فِيهِ , فَيَكُونُ الْمُقْرِضُ لِمَا لَهُ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ مُوعِدًا وَعْدًا لَهُ الثَّوَابُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ ، وَالشَّرِيعَةُ تَمْنَعُهُ مِنْ خَلْفِ مَوْعِدِهِ فِي ذَلِكَ ، فَإِذَا انْقَضَى ذَلِكَ الْأَجَلُ ذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ الْوَعْدُ , وَأَطْلَقَتْ لَهُ الشَّرِيعَةُ الْمُطَالَبَةَ بِدَيْنِهِ , فَإِذَا أَنْظَرَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْ هُوَ لَهُ عَلَيْهِ , كَانَ ثَوَابُهُ عَلَى ذَلِكَ أَعْظَمَ مِنْ ثَوَابِهِ عَلَيْهِ , فِيمَا كَانَ لَهُ فِيهِ مِنَ الثَّوَابِ قَبْلَ ذَلِكَ , وَهَذَا تَأْوِيلٌ حَسَنٌ , وَهُوَ الَّذِي يَجِيءُ عَلَى أُصُولِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ , وَالشَّافِعِيِّ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحُكْمِ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ , وَمِمَّا سِوَاهُمَا , مِمَّا قَصَرَ عَنْهُ عَلْمُنَا , وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .