عَنْ أَنَسٍ : أَنَّهُمْ سَأَلُوا نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ : " لَا تَسْأَلُونِي الْيَوْمَ أُرَاهُ قَالَ : عَنْ شَيْءٍ إلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ " وَأَشْفَقَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ أَمْرٍ قَدْ حَضَرَ فَجَعَلْتُ لَا أَلْتَفِتُ يَمِينًا , وَلَا شِمَالًا إلَّا وَجَدْتُ كُلَّ رَجُلٍ لَافًّا رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي قَالَ : فَأَنْشَأَ رَجُلٌ كَانَ يُلَاحَى فَيُدْعَى إلَى غَيْرِ أَبِيهِ فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَنْ أَبِي ؟ قَالَ : " أَبُوكَ حُذَافَةُ " ثُمَّ قَامَ عُمَرُ أَوْ قَالَ : ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَالَ : " رَضِينَا بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ أَوْ قَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ " وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ قَطُّ صُوِّرَتْ لِي الْجَنَّةُ وَالنَّارُ حَتَّى رَأَيْتُهُمَا دُونَ الْحَائِطِ "
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ , قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ , عَنْ سَعِيدٍ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ أَنَسٍ : أَنَّهُمْ سَأَلُوا نَبِيَّ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمًا حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ : لَا تَسْأَلُونِي الْيَوْمَ أُرَاهُ قَالَ : عَنْ شَيْءٍ إلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ وَأَشْفَقَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ أَمْرٍ قَدْ حَضَرَ فَجَعَلْتُ لَا أَلْتَفِتُ يَمِينًا , وَلَا شِمَالًا إلَّا وَجَدْتُ كُلَّ رَجُلٍ لَافًّا رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي قَالَ : فَأَنْشَأَ رَجُلٌ كَانَ يُلَاحَى فَيُدْعَى إلَى غَيْرِ أَبِيهِ فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَنْ أَبِي ؟ قَالَ : أَبُوكَ حُذَافَةُ ثُمَّ قَامَ عُمَرُ أَوْ قَالَ : ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَالَ : رَضِينَا بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَسُولًا عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ أَوْ قَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ قَطُّ صُوِّرَتْ لِي الْجَنَّةُ وَالنَّارُ حَتَّى رَأَيْتُهُمَا دُونَ الْحَائِطِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ , قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ , عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ أَنَسٍ , بِمِثْلِهِ قَالَ : فَكَانَ قَتَادَةُ يَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ إذَا سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ }} قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ نُزُولَ هَذِهِ الْآيَةِ كَانَ فِي الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا فَقَالَ : قَائِلٌ هَذِهِ آثَارٌ تُضَادُّ الْآثَارَ الْأُوَلَ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نُزُولُ هَذِهِ الْآيَةِ كَانَ فِي هَذَيْنِ السَّبَبَيْنِ جَمِيعًا , وَلَا نَجِدُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْضِعَيْنِ , وَلَوْ كَانَتْ نَزَلَتْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ السَّبَبَيْنِ لَكَانَتْ مَذْكُورَةً مِنْهُ فِي مَوْضِعَيْنِ كَمَا كَانَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ }} الْآيَةَ مَذْكُورًا فِي مَوْضِعَيْنِ إذْ كَانَتْ نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ ; لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَوْضِعَيْنِ غَيْرُ مَنْ أُرِيدَ بِهَا فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ مِنْهُمَا فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ السُّؤَالِاتُ الْمَذْكُورَاتُ فِي هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ مِنْ هَذَا الْبَابِ قَدْ كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَ ذَلِكَ هَذِهِ الْآيَةَ نَهْيًا لَهُمْ عَنْ هَذِهِ السُّؤَالِاتِ وَإِعْلَامًا لَهُمْ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُمْ فِي الْجَوَابَاتِ عَنْهَا بِحَقَائِقِ أُمُورِهَا الَّتِي أُرِيدَتْ بِهَا إذْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا إذَا سَمِعُوهُ سَاءَهُمْ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ إنَّمَا يَسْتَعْمِلُونَ بِهِ مَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُمْ فِيهِ ، وَمِمَّا لَوْ جَهِلُوهُ لَمْ يَضُرَّهُمْ وَإِنَّمَا الْمَنْفَعَةُ بِالسُّؤَالِاتِ اسْتِعْلَامُ الْفَرَائِضِ عَلَيْهِمْ فِي دِينِهِمْ وَمَا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ، فَذَلِكَ الْعِلْمُ الَّذِي يَنْفَعُهُمْ , وَالَّذِي إذَا جَهِلُوهُ ضَرَّهُمْ فَعَلَيْهِمُ السُّؤَالُ عَنْهُ حَتَّى يَعْلَمُوهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا كَرِهَ مِنْهُمُ السُّؤَالِاتِ عَنْ مَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُمْ فِيهِ وَعَنْ مَا إذَا عَلِمُوهُ سَاءَهُمْ لَا عَنْ مَا سِوَاهُ مِنْ أُمُورِ دِينِهِمُ الَّتِي بِهِمُ الْحَاجَةُ إلَى عِلْمِهَا حَتَّى يُؤَدُّوا الْمَفْرُوضَ فِيهَا عَلَيْهِمْ وَحَتَّى يَتَقَرَّبُوا إلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا يُقَرِّبُهُمْ إلَيْهِ مِنْهَا مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ