عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : كَانَ الرَّجُلُ يَلْطِمُ الرَّجُلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَيَقُولُ : أَنَا صَرُورَةٌ ، فَيَقُولُ : دَعُوا الصَّرُورَةَ بِجَهْلِهِ ، وَإِنْ رَمَى بِجَعْرِهِ فِي رَحْلِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا صَرُورَةَ فِي الْإِسْلَامِ "
وَأَجَازَ لَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلَانِيُّ مَا ذَكَرَ لَنَا أَنَّ الْغَلَّابِيَّ حَدَّثَهُ إِيَّاهُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، يَعْنِي الزُّبَيْرِيَّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : كَانَ الرَّجُلُ يَلْطِمُ الرَّجُلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَيَقُولُ : أَنَا صَرُورَةٌ ، فَيَقُولُ : دَعُوا الصَّرُورَةَ بِجَهْلِهِ ، وَإِنْ رَمَى بِجَعْرِهِ فِي رَحْلِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا صَرُورَةَ فِي الْإِسْلَامِ فَكَانَ فِي ذَلِكَ تَحْقِيقُ مَا ذَكَرْنَا . ثُمَّ احْتَجْنَا أَنْ نَقِفَ عَلَى إبَاحَةِ هَذَا الِاسْمِ وَاسْتِعْمَالِهِ فِي مَنْ لَمْ يَحُجَّ أَوْ فِي كَرَاهَتِهِ , وَالنَّهْيِ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ فَوَجَدْنَا فِي حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا صَرُورَةَ فِي الْإِسْلَامِ فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يُرَادُ بِهِ النَّهْيُ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ فِي الْإِسْلَامِ , وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ يُرَادَ بِهِ : أَنْ لَا يَبْقَى فِي الْإِسْلَامِ أَحَدٌ حَتَّى يَحُجَّ , فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ انْقِطَاعُ هَذَا الِاسْمِ عَنِ النَّاسِ جَمِيعًا فِي الْإِسْلَامِ ، فَتَأَمَّلْنَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَا الرَّجُلَ قَدْ يَعْجِزُ عَنِ الْحَجِّ إمَّا لِزَمَانَةٍ فِي بَدَنِهِ , وَإِمَّا لِقِلَّةٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ وَلَا يَحُجُّ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ ، فَيَكُونُ مَنْ حَمَلَ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَا صَرُورَةَ فِي الْإِسْلَامِ . أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ بَعِيدًا ; لِأَنَّ ذَلِكَ الْمُتَخَلِّفَ عَنِ الْحَجِّ لَمْ يَكُنْ مُخْتَارًا لِذَلِكَ , وَإِنَّمَا كَانَ تَخَلُّفُهُ عَجْزًا لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا , فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ مَذْمُومًا بِذَلِكَ أَوْ يَكُونَ هَذَا الِاسْمُ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَا مِمَّا أُرِيدَ بِهِ ذَمُّ مَنْ يُسَمَّى بِهِ يَلْزَمُهُ , وَلَمَّا بَطَلَ هَذَا التَّأْوِيلُ عَقَلْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُوَ أَنْ لَا يُقَالَ هَذَا الْقَوْلُ لِأَحَدٍ , وَقَدْ رَوَيْنَا ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ فِي حَدِيثِ ابْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ صَرُورَةٌ ، وَقَدْ رَوَيْنَا ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُنْقَطِعًا مِمَّا لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُنَا لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ