عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ "
حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ حَنْظَلَةَ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : الْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا مَكَّةَ لَمْ يَكُنْ بِهَا ثَمَرَةٌ وَلَا زَرْعٌ حِينَئِذٍ , وَكَذَلِكَ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ الزَّمَانِ ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : {{ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ }} . وَإِنَّمَا كَانَتْ بَلَدَ مَتْجَرٍ يُوَافِي الْحَاجُّ إِلَيْهِ بِالتِّجَارَاتِ فَيَبِيعُونَهَا هُنَاكَ بِالْأَثْمَانِ الَّتِي تُبَاعُ بِهَا التِّجَارَاتُ , وَكَانَتِ الْمَدِينَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ ; لِأَنَّهَا دَارُ النَّخْلِ وَمِنْ ثِمَارِهَا حَيَاتُهُمْ , وَكَانَتِ الصَّدَقَاتُ تَدْخُلُهَا فَيَكُونُ الْوَاجِبُ فِيهَا مِنَ الصَّدَقَةِ يُؤْخَذُ كَيْلًا ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْأَمْصَارَ كُلَّهَا لِهَذَيْنِ الْمِصْرَيْنِ أَتْبَاعًا , وَكَانَ النَّاسُ يَحْتَاجُونَ إِلَى الْوَزْنِ فِي أَثْمَانِ مَا يَتَبَايَعُونَ , وَفِيمَا سِوَاهَا مِمَّا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ مِنَ التَّرْوِيجَاتِ وَمِنَ الْعُرُوضِ وَمِنْ أَدَاءِ الزَّكَوَاتِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يُسْلِمُونَهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَأْكُلُونَهَا , وَكَانَتِ السُّنَّةُ قَدْ مَنَعَتْ مِنْ إسْلَامِ مَوْزُونٍ فِي مَوْزُونٍ ، وَمِنْ إسْلَامِ مَكِيلٍ فِي مَكِيلٍ ، وَأَجَازَتْ إسْلَامَ الْمَكِيلِ فِي الْمَوْزُونِ وَالْمَوْزُونِ فِي الْمَكِيلِ ، وَمَنَعَتْ مِنْ بَيْعِ الْمَوْزُونِ بِالْمَوْزُونِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ ، وَمِنْ بَيْعِ الْمَكِيلِ بِالْمَكِيلِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ ، وَكَانَ الْمَوْزُونُ فِي ذَلِكَ أَصْلُهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ يَوْمَ قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : الْمِيزَانُ مِيزَانُ أَهْلِ مَكَّةَ وَكَانَ الْمَكِيلُ فِي ذَلِكَ أَصْلُهُ مَا كَانَ النَّاسُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا تَتَغَيَّرُ عَنْ ذَلِكَ , وَإِنْ غَيَّرَهُ النَّاسُ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ إِلَى مَا سِوَاهُ مِنْ ضِدِّهِ فَيَرْجِعُونَ بِذَلِكَ إِلَى مَعْرِفَةِ الْأَشْيَاءِ الْمَكِيلَاتِ الَّتِي لَهَا حُكْمُ الْمِكْيَالِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَكَايِيلِ فِيهَا يَوْمَئِذٍ وَإِلَى الْأَشْيَاءِ الْمَوْزُونَاتِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمِيزَانِ فِيهَا يَوْمَئِذٍ وَأَنَّ أَحْكَامَهَا لَا تَتَغَيَّرُ عَنْ ذَلِكَ , وَلَا تَنْقَلِبُ عَنْهَا إِلَى أَضْدَادِهَا ، وَمِنْ هَذَا أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ مَا لَزِمَهُ اسْمُ مَخْتُومٍ أَوِ اسْمُ قَفِيزٍ ، أَوِ اسْمُ مَكُّوكٍ ، أَوِ اسْمُ مُدٍّ ، أَوِ اسْمُ صَاعٍ فَهُوَ كَيْلٌ يَجْرِي فِيهِ أَحْكَامُ الْكَيْلِ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَا ، وَأَنَّ كُلَّ مَا لَزِمَهُ اسْمُ الرِّطْلِ وَالْوُقِيَّةِ فَهُوَ وَزْنٌ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَا ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ اللُّؤْلُؤِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يُحْكَ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَهُمْ