عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : {{ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ }} قَالَ : " سَبِّحِي "
وَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : {{ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ }} قَالَ : سَبِّحِي وَأَمَّا أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ : {{ أَوِّبِي مَعَهُ }} ، ارْجِعِي مَعَهُ مِنَ الْإِيَابِ ، مِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى كَمَا قَدْ حَدَّثَنَاهُ وَلَّادٌ النَّحْوِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَصَادِرِيِّ عَنْهُ ، وَيَجْعَلُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَمِنْهُمُ الْفَرَّاءُ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ فَقَالَ فِي ذَلِكَ : مَعْنَى أَوِّبِي : سَبِّحِي , ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِيهِ بِمِثْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، وَكَانَ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ مِمَّا يُوَافِقُهُمْ عَلَيْهِمْ مَنْ يُوَافِقُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْلَى . وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَكَانَ التَّسْبِيحُ سَبَبُهُ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَكَانَتْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ مَأْمُورَةً بِالتَّسْبِيحِ مَعَهُ كَانَ كُلُّ مُسَبِّحٍ مَعَهُ آلًا لَهُ ، كَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }} فَسَمَّاهُمُ اللَّهُ : آلًا لَهُ ، لِاتِّبَاعِهِمْ إِيَّاهُ وَلِعَمَلِهِمْ بِعَمَلِهِ حَتَّى اسْتَحَقُّوا بِذَلِكَ مِنَ الْعَذَابِ مِثْلَ مَا يَسْتَحِقُّهُ هُوَ بِكُفْرِهِ . وَمِنْهُ قِيلَ : آلُ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ مَعَهُ بِقَوْلِ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ أَوْ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ، عَلَى مَا قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ ذَاكِرُوهُ مِنْ بَعْدُ فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي مَوْضِعِهِ مِنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَكَانَ مَا ذُكِرَ فِي الْآلِ مِنَ الْمَعْنَى مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي إِنَّمَا ذُكِرَ مِنْهُمْ لِمَكَانِهِمْ مِمَّنْ هُمْ آلٌ لَهُ , وَلَمَّا كَانُوا قَدِ اسْتَحَقُّوا ذَلِكَ بِهِ كَانَ هُوَ بِهِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ لِمَا اسْتَحَقُّوهُ بِهِ فَوْقَهُمْ فَمِثْلُ ذَلِكَ : لَقَدْ أُوتِيَ أَبُو مُوسَى مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ وَمَزَامِيرُهُمْ تَسْبِيحُهُمُ الَّذِي كَانَ يَكُونُ مِنْهُمْ مِمَّا دَاوُدُ سَبَبُهُ ، فَمَعْقُولٌ أَنَّ دَاوُدَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَبَبُهُ فِي ذَلِكَ أَوَكَدُ مِنْ أَسْبَابِهِمْ , وَأَنَّ مَا أُضِيفَ مِنَ الْمَزَامِيرِ إِلَيْهِمْ مُضَافَةٌ إِلَيْهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَأَنَّ مَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : لَقَدْ أُوتِيَ أَبُو مُوسَى مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُدَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ