عَنِ ابْنِ عُمَرَ , " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُخْصَى الْإِبِلُ , وَالْبَقَرُ , وَالْغَنَمُ , وَالْخَيْلُ
حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ , قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُخْصَى الْإِبِلُ , وَالْبَقَرُ , وَالْغَنَمُ , وَالْخَيْلُ . وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : مِنْهَا نَشَأَتِ الْخَلْقُ , وَلَا تَصْلُحُ الْإِنَاثُ إِلَّا بِالذُّكُورِ . حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، قَالَ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذَا , فَقَالُوا : لَا يَحِلُّ إِخْصَاءُ شَيْءٍ مِنَ الْفُحُولِ , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ , وَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {{ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ }} قَالُوا : وَهُوَ الْإِخْصَاءُ . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا : مَا خِيفَ عِضَاضُهُ مِنَ الْبَهَائِمِ , أَوْ مَا أُرِيدَ شَحْمُهُ مِنْهَا , فَلَا بَأْسَ بِإِخْصَائِهِ . وَقَالُوا : هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ عَلَيْنَا مُخَالِفُنَا , إِنَّمَا هُوَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفٌ , وَلَيْسَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ , قَالَ : ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَهُ ، وَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَصَارَ أَهْلُ هَذَا الْحَدِيثِ , إِنَّمَا هُوَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَأَمَّا مَا ذَكَرُوا مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ }} فَقَدْ قِيلَ : تَأْوِيلُهُ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ . وَقِيلَ : إِنَّهُ دِينُ اللَّهِ . وَقَدْ رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ , وَهُمَا الْمَرْضُوضَانِ خَصَاهُمَا , وَالْمَفْعُولُ بِهِ ذَلِكَ , قَدِ انْقَطَعَ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَسْلٌ فَلَوْ كَانَ إِخْصَاؤُهُمَا مَكْرُوهًا , إِذًا لَمَا ضَحَّى بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِيَنْتَهِيَ النَّاسُ عَنْ ذَلِكَ , فَلَا يَفْعَلُونَهُ , لِأَنَّهُمْ مَتَى مَا عَلِمُوا أَنَّ مَا أُخْصِيَ تُجْتَنَبُ أَوْ تُجَافَى , أَحْجَمُوا عَنْ ذَلِكَ , فَلَمْ يَفْعَلُوهُ . أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , فِيمَا رَوَيْنَاهُ عَنْهُ فِي بَابِ رُكُوبِ الْبِغَالِ أَنَّهُ أُتِيَ بِعَبْدٍ خَصِيٍّ يَشْتَرِيهِ . فَقَالَ : مَا كُنْتُ لَأُعِينَ عَلَى الْإِخْصَاءِ . فَجَعَلَ ابْتِيَاعَهُ إِيَّاهُ , عَوْنًا عَلَى إِخْصَائِهِ , لِأَنَّهُ لَوْلَا مَنْ يَبْتَاعُهُ , لِأَنَّهُ خَصِيٌّ لَمْ يَخْصِهِ مَنْ أَخْصَاهُ , فَكَذَلِكَ إِخْصَاءُ الْغَنَمِ , لَوْ كَانَ مَكْرُوهًا , لَمَا ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمَا قَدْ أُخْصِيَ مِنْهَا . وَلَا يُشْبِهُ إِخْصَاءُ الْبَهَائِمِ إِخْصَاءَ بَنِي آدَمَ , لِأَنَّ إِخْصَاءَ الْبَهَائِمِ , إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ مَا ذَكَرْنَا , مِنْ سَمَانَتِهَا , وَقَطْعِ عَضِّهَا , فَذَلِكَ مُبَاحٌ . وَبَنُو آدَمَ , فَإِنَّمَا يُرَادُ بِإِخْصَائِهِمُ الْمَعَاصِي , فَذَلِكَ غَيْرُ مُبَاحٍ . وَلَوْ كَانَ مَا رَوَيْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ صَحِيحًا , لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ الْإِخْصَاءُ الَّذِي لَا يَبْقَى مَعَهُ شَيْءٌ , مِنْ ذُكُورِ الْبَهَائِمِ , حَتَّى يُخْصَى , فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ , لِأَنَّ فِيهِ انْقِطَاعَ النَّسْلِ . أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ مِنْهَا نَشَأَتِ الْخَلْقُ أَيْ : فَإِذَا لَمْ يَنْشَأْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الْخَلْقِ , فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ . فَأَمَّا مَا كَانَ مِنَ الْإِخْصَاءِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ مِنْهُ نَشْءُ الْخَلْقِ , فَهُوَ بِخِلَافِ ذَلِكَ . وَقَدْ رُوِيَ فِي إِبَاحَةِ إِخْصَاءِ الْبَهَائِمِ , عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ