سَمِعْتُ شُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ ، يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : إِنَّ الطَّاعُونَ وَقَعَ بِالشَّامِ فَقَالَ عَمْرٌو : " تَفَرَّقُوا عَنْهُ فَإِنَّهُ رِجْزٌ " . فَبَلَغَ ذَلِكَ شُرَحْبِيلَ ابْنَ حَسَنَةَ فَقَالَ : قَدْ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : " إِنَّهَا رَحْمَةُ رَبِّكُمْ , وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ وَمَوْتُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ , فَاجْتَمِعُوا لَهُ , وَلَا تَفَرَّقُوا عَلَيْهِ " فَقَالَ عَمْرٌو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " صَدَقَ "
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا أَبُو الْوَلِيدِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حُمَيْدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ شُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ ، يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : إِنَّ الطَّاعُونَ وَقَعَ بِالشَّامِ فَقَالَ عَمْرٌو : تَفَرَّقُوا عَنْهُ فَإِنَّهُ رِجْزٌ . فَبَلَغَ ذَلِكَ شُرَحْبِيلَ ابْنَ حَسَنَةَ فَقَالَ : قَدْ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : إِنَّهَا رَحْمَةُ رَبِّكُمْ , وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ وَمَوْتُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ , فَاجْتَمِعُوا لَهُ , وَلَا تَفَرَّقُوا عَلَيْهِ فَقَالَ عَمْرٌو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : صَدَقَ قَالُوا : فَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنْ لَا يُقْدَمَ عَلَى الطَّاعُونِ , وَذَلِكَ لِلْخَوْفِ مِنْهُ . قِيلَ لَهُمْ : مَا فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرْتُمْ , لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَمَرَهُ بِتَرْكِ الْقُدُومِ لِلْخَوْفِ مِنْهُ , لَكَانَ يُطْلِقُ لِأَهْلِ الْمَوْضِعِ . الَّذِي . وَقَعَ فِيهِ أَيْضًا الْخُرُوجَ مِنْهُ , لِأَنَّ الْخَوْفَ عَلَيْهِمْ مِنْهُ , كَالْخَوْفِ عَلَى غَيْرِهِمْ . فَلَمَّا مَنَعَ أَهْلَ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّاعُونُ مِنَ الْخُرُوجِ مِنْهُ , ثَبَتَ أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ مَنَعَهُمْ مِنَ الْقُدُومِ , غَيْرُ الْمَعْنَى الَّذِي ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَمَا مَعْنَى ذَلِكَ الْمَعْنَى ؟ . قِيلَ لَهُ : هُوَ عِنْدَنَا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنْ لَا يَقْدُمَ عَلَيْهِ رَجُلٌ , فَيُصِيبَهُ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ أَنْ يُصِيبَهُ فَيَقُولَ لَوْلَا أَنِّي قَدُمْتُ هَذِهِ الْأَرْضَ , مَا أَصَابَنِي هَذَا الْوَجَعُ وَلَعَلَّهُ لَوْ أَقَامَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ لَأَصَابَهُ فَأُمِرَ أَنْ لَا يَقْدُمَهَا , خَوْفًا مِنْ هَذَا الْقَوْلِ . وَكَذَلِكَ أُمِرَ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا , لِئَلَّا يَسْلَمَ فَيَقُولَ لَوْ أَقَمْتُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ , لَأَصَابَنِي مَا أَصَابَ أَهْلَهَا وَلَعَلَّهُ لَوْ كَانَ أَقَامَ بِهَا , مَا أَصَابَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ . فَأُمِرَ بِتَرْكِ الْقُدُومِ عَلَى الطَّاعُونِ , لِلْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْنَا , وَبِتَرْكِ الْخُرُوجِ عَنْهُ , لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا . وَكَذَلِكَ مَا رَوَيْنَا عَنْهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ , مِنْ قَوْلِهِ لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ فَيُصِيبُ الْمُصِحَّ ذَلِكَ الْمَرَضُ , فَيَقُولُ الَّذِي أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ لَوْ أَنِّي لَمْ أُورِدْهُ عَلَيْهِ , لَمْ يُصِبْهُ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ شَيْءٌ وَلَعَلَّهُ لَوْ لَمْ يُورِدْهُ أَيْضًا لَأَصَابَهُ كَمَا أَصَابَهُ لَمَّا أَوْرَدَهُ . فَأُمِرَ بِتَرْكِ إِيرَادِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ , عَلَى مَا هُوَ مَرِيضٌ , لِهَذِهِ الْعِلَّةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ عَلَى النَّاسِ وُقُوعُهَا فِي قُلُوبِهِمْ وَقَوْلِهِمْ , مَا ذَكَرْنَا بِأَلْسِنَتِهِمْ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي نَفْيِ الْإِعْدَاءِ