رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَاعِدًا , قَدْ وَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى "
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : ثنا أَبُو عَامِرٍ قَالَ : ثنا سُفْيَانُ , عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ , قَالَ : رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَاعِدًا , قَدْ وَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى فَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ هَؤُلَاءِ الْجِلَّةِ , مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهَذَا مِمَّا لَا يَصِلُ إِلَى تَبْيِينِهِ , مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ فَنَسْتَعْمِلَ فِيهِ , مَا اسْتَعْمَلْنَاهُ فِي غَيْرِهِ مِنْ أَبْوَابِ هَذَا الْكِتَابِ . وَلَكِنْ لِمَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا وَصَفْنَا فِي الْفَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ , وَرُوِيَ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ ، فَكَانَ مَعْنَى هَذَا , عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ , أَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِبَشَرٍ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْهَا , ; لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يُخَالِفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . ثُمَّ قَدْ جَاءَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ إِبَاحَتِهَا , بِاسْتِعْمَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِيَّاهَا . فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ قَدْ نَسَخَ الْآخَرَ , فَلَمَّا وَجَدْنَا أَبَا بَكْرٍ , وَعُمَرَ , وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , وَهُمُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ , عَلَى قُرْبِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَعِلْمِهِمْ بِأَمْرِهِ , قَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ بَعْدَهُ , بِحَضْرَةِ أَصْحَابِهِ جَمِيعًا , وَفِيهِمِ الَّذِي حَدَّثَ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْكَرَاهَةِ , فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ , ثُمَّ فَعَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ , وَابْنُ عُمَرَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ , وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ مُنْكِرٌ . ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ هَذَا , هُوَ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ , مِنْ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ الْمَرْفُوعَيْنِ , وَبَطَلَ بِذَلِكَ مَا خَالَفَهُ ; لِمَا ذَكَرْنَا وَبَيَّنَّا . وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ فِي ذَلِكَ , مَا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى