عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : " كَانَ يَكْرَهُ الشُّرْبَ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ , وَعُرْوَةِ الْكُوزِ , وَقَالَ : هُمَا مَقْعَدَا الشَّيْطَانِ "
وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , قَالَ : ثنا حَجَّاجٌ قَالَ : ثنا حَمَّادٌ , عَنْ لَيْثٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : كَانَ يَكْرَهُ الشُّرْبَ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ , وَعُرْوَةِ الْكُوزِ , وَقَالَ : هُمَا مَقْعَدَا الشَّيْطَانِ فَلَمْ يَكُنْ هَذَا النَّهْيُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى طَرِيقِ التَّحْرِيمِ , بَلْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الْإِشْفَاقِ مِنْهُ عَلَى أُمَّتِهِ وَالرَّأْفَةِ بِهِمْ , وَالنَّظَرِ لَهُمْ . وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ : إِنَّمَا نَهَى عَنْ ذَلِكَ , ; لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَقْصِدُهُ الْهَوَامُّ , فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ خَوْفَ أَذَاهَا . فَكَذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ , مِنْ نَهْيِهِ عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا , لَيْسَ عَلَى التَّحْرِيمِ الَّذِي يَكُونُ فَاعِلُهُ عَاصِيًا , وَلَكِنْ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ . وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيمَا تَقَدَّمَ , مِنْ هَذَا الْبَابِ , أَنَّهُ أَتَى بَيْتَ أُمِّ سُلَيْمٍ , فَشَرِبَ مِنْ قِرْبَةٍ وَهُوَ قَائِمٌ مِنْ فِيهَا . فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ نَهْيَهُ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ , لَيْسَ عَلَى النَّهْيِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى مُنْتَهِكِهِ أَنْ يَكُونَ عَاصِيًا . وَلَكِنَّهُ عَلَى النَّهْيِ مِنْ أَجْلِ الْخَوْفِ , فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ , ارْتَفَعَ النَّهْيُ فَهَذَا عِنْدَنَا مَعْنَى هَذِهِ الْآثَارِ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَيْضًا , أَنَّهُ نَهَى عَنِ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ وَهُوَ : أَنْ يُكْسَرَ , فَيُشْرَبَ مِنْ أَفْوَاهِهَا