أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةٍ , فَلَقِيَهُ رَسُولُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ يَدْعُوهُ إِلَى طَعَامٍ , فَجَلَسْنَا مَجَالِسَ الْغِلْمَانِ مِنْ آبَائِهِمْ فَفَطِنَ آبَاؤُنَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي يَدِهِ أَكْلَةٌ فَقَالَ : " إِنَّ هَذَا لَحْمُ شَاةٍ " , يُخْبِرُنِي أَنَّهَا أُخِذَتْ بِغَيْرِ حِلِّهَا . فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ , فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , لَمْ تَزَلْ تُعْجِبُنِي أَنْ تَأْكُلَ فِي بَيْتِي , وَإِنِّي أَرْسَلْتُ إِلَى الْبَقِيعِ , فَلَمْ تُوجَدْ فِيهِ شَاةٌ , وَكَانَ أَخِي اشْتَرَى شَاةً بِالْأَمْسِ , فَأَرْسَلْتُ بِهَا إِلَى أَهْلِهِ بِالثَّمَنِ , فَقَالَ " أَطْعِمُوهَا الْأَسَارَى "
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا النُّفَيْلِيُّ ، قَالَ : ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : ثنا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ رَجُلٍ ، قَالَ : حَسِبْتُهُ مِنَ الْأَنْصَارِ , أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي جِنَازَةٍ , فَلَقِيَهُ رَسُولُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ يَدْعُوهُ إِلَى طَعَامٍ , فَجَلَسْنَا مَجَالِسَ الْغِلْمَانِ مِنْ آبَائِهِمْ فَفَطِنَ آبَاؤُنَا لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَفِي يَدِهِ أَكْلَةٌ فَقَالَ : إِنَّ هَذَا لَحْمُ شَاةٍ , يُخْبِرُنِي أَنَّهَا أُخِذَتْ بِغَيْرِ حِلِّهَا . فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ , فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , لَمْ تَزَلْ تُعْجِبُنِي أَنْ تَأْكُلَ فِي بَيْتِي , وَإِنِّي أَرْسَلْتُ إِلَى الْبَقِيعِ , فَلَمْ تُوجَدْ فِيهِ شَاةٌ , وَكَانَ أَخِي اشْتَرَى شَاةً بِالْأَمْسِ , فَأَرْسَلْتُ بِهَا إِلَى أَهْلِهِ بِالثَّمَنِ , فَقَالَ أَطْعِمُوهَا الْأَسَارَى فَتَنَزَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ أَكْلِهَا , وَلَمْ يَأْمُرْ بِطَرْحِهَا , بَلْ أَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ بِهَا , إِذْ أَمَرَهُمْ أَنْ يُطْعِمُوهَا الْأَسَارَى . فَهَذَا حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي اللَّحْمِ الْحَلَالِ , إِذَا غُصِبَ فَاسْتُهْلِكَ . فَلَوْ كَانَتْ لُحُومُ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ حَلَالًا عِنْدَهُ , لَأَمَرَ فِيهَا لَمَّا انْتُهِبَتْ , بِمِثْلِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي هَذِهِ الشَّاةِ لَمَّا غُصِبَتْ . وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَ فِي لَحْمِ تِلْكَ الْحُمُرِ لَمَّا أَمَرَ بِهِ , لِمَعْنًى خِلَافِ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَمَرَ فِي لَحْمِ هَذِهِ الشَّاةِ بِمَا أَمَرَ بِهِ . أَلَا يَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ غَصَبَ رَجُلًا شَاةً فَذَبَحَهَا , وَطَبَخَ لَحْمَهَا , أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِطَرْحِ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فَكَذَلِكَ لَحْمُ الْأَهْلِيَّةِ الْمَذْبُوحَةِ بِخَيْبَرَ , لَوْ كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا مِنْ أَجْلِ النُّهْبَةِ الَّتِي حُكْمُهَا حُكْمُ الْغَصْبِ إِذًا لَمَا أَمَرَهُمْ بِطَرْحِ ذَلِكَ اللَّحْمِ , وَلَأَمَرَهُمْ فِيهِ بِمِثْلِ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مَنْ غَصَبَ شَاةً , فَذَبَحَهَا , وَطَبَخَ لَحْمَهَا . فَلَمَّا انْتَفَى أَنْ يَكُونَ نَهْيُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ , لِمَعْنًى مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي ادَّعَاهَا الَّذِينَ أَبَاحُوا لَحْمَهَا , ثَبَتَ أَنَّ نَهْيَهُ ذَلِكَ عَنْهَا , كَانَ لَهَا فِي نَفْسِهَا , كَالنَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ , فَكَانَ ذَلِكَ النَّهْيُ لَهُ فِي نَفْسِهِ , فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ خِلَافُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ