عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : أَفَاءَ اللَّهُ خَيْبَرَ فَأَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كَانُوا وَجَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَبَعَثَ ابْنَ رَوَاحَةَ فَخَرَصَهَا عَلَيْهِمْ
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا أَبُو عَوْنٍ الزِّيَادِيُّ وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ ، قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، قَالَ : ثنا أَبُو الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : أَفَاءَ اللَّهُ خَيْبَرَ فَأَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَمَا كَانُوا وَجَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَبَعَثَ ابْنَ رَوَاحَةَ فَخَرَصَهَا عَلَيْهِمْ وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَهُ فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ دَفَعَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَيْبَرَ بِالنِّصْفِ مِنْ ثَمَرِهَا وَزَرْعِهَا . فَقَدْ ثَبَتَ بِذَلِكَ جَوَازُ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَلَمْ يُضَادَّ ذَلِكَ مَا قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرَافِعٍ وَثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَقَائِقِهَا . فَاحْتَجَّ مُحْتَجٌّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ : قَدْ عُورِضَتْ هَذِهِ الْآثَارُ أَيْضًا بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ مِمَّا قَدْ وَصَفْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا . قَالَ : فَإِذَا نَهَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ الِابْتِيَاعِ بِالثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الِاسْتِئْجَارُ بِهَا قَبْلَ أَنْ تَكُونَ فَكَمَا كَانَ الْبَيْعُ بِهَا قَبْلَ كَوْنِهَا بَاطِلًا كَانَ الِاسْتِئْجَارُ بِهَا قَبْلَ كَوْنِهَا أَيْضًا كَذَلِكَ . أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ ؟ فَكَانَ الِاسْتِئْجَارُ بِذَلِكَ غَيْرَ جَائِزٍ إِذْ كَانَ الِابْتِيَاعُ بِهِ غَيْرَ جَائِزٍ فَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَ الِابْتِيَاعُ بِمَا لَمْ يَكُنْ غَيْرَ جَائِزٍ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ بِهِ أَيْضًا غَيْرَ جَائِزٍ . قِيلَ لَهُ : إِنَّهُ لَوْ لَمْ يَرْوِ فِي هَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي إِجَارَةِ الْمُزَارَعَةِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ لَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرْتَ . وَلَكِنْ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِبَاحَتُهَا وَعَمِلَ بِهَا الْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ ، احْتَمَلَ أَنْ لَا يَكُونَ الِاسْتِئْجَارُ بِمَا لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي الِابْتِيَاعِ بِمَا لَمْ يَكُنْ وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فِي الْحَدِيثِ . كَمَا أُبِيحَ السَّلَمُ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَإِنَّمَا وَقَعَ النَّهْيُ فِي ذَلِكَ عَلَى بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ غَيْرَ السَّلَمِ . فَكَذَلِكَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ ذَلِكَ عَلَى مَا سِوَى الْمُزَارَعَةِ بِهَا وَالْمُسَاقَاةِ عَلَيْهَا . وَقَدْ عَمِلَ بِالْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ بَعْدِهِ