عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ أَوْ فَضْلُ أَرْضٍ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ يُزْرِعْهَا وَلَا تَبِيعُوهَا "
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ ثنا أَبُو دَاوُدَ ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ حَيَّانَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَنْ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ أَوْ فَضْلُ أَرْضٍ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ يُزْرِعْهَا وَلَا تَبِيعُوهَا . قَالَ سُلَيْمٌ : فَقُلْتُ لَهُ : يَعْنِي الْكِرَاءَ ؟ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذِهِ الْآثَارِ وَكَرِهُوا بِهَا إِجَارَةَ أَرْضٍ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا وَهَذِهِ الْآثَارُ فَقَدْ جَاءَتْ عَلَى مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ . فَأَمَّا ثَابِتُ بْنُ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمُزَارَعَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيَّ مُزَارَعَةٍ . فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُزَارَعَةَ عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ مِمَّا تُخْرِجُ الْأَرْضُ فَهَذَا الَّذِي يَخْتَلِفُ فِيهِ هَؤُلَاءِ الْمُحْتَجُّونَ بِهَذِهِ الْآثَارِ وَمُخَالِفُوهُمْ . فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْمُزَارَعَةُ الَّتِي نَهَى عَنْهَا هِيَ الْمُزَارَعَةَ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَشَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ مِثْلَ مَا يَخْرُجُ مِمَّا يُزْرَعُ فِي مَوْضِعٍ مِنَ الْأَرْضِ بِعَيْنِهِ فَهَذَا مِمَّا يَجْتَمِعُ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا عَلَى فَسَادِ الْمُزَارَعَةِ عَلَيْهِ . وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ ثَابِتٍ هَذَا مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَرَادَ مَعْنًى مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ بِعَيْنِهِ دُونَ الْمَعْنَى الْآخَرِ . وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ : كَانَ لِرِجَالٍ مِنَّا فُضُولُ أَرَضِينَ فَكَانُوا يُؤَاجِرُونَهَا عَلَى النِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا وَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ . فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ إِلَّا أَنْ يَزْرَعُوهَا بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ يَمْنَحُوهَا مَنْ أَحَبُّوا وَلَمْ يُبِحْ لَهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ ذَلِكَ . فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ النَّهْيُ كَانَ عَلَى أَنْ لَا تُؤَاجَرَ بِثُلُثٍ وَلَا بِرُبُعٍ وَلَا بِدَرَاهِمَ وَلَا بِدَنَانِيرَ وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ . فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ إِلَيْهِ بِذَلِكَ النَّهْيِ هُوَ إِجَارَةُ الْأَرْضِ . وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى كَرَاهَةِ إِجَارَةِ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ