سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ، يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ كُنْتُ أَشْتَرِي التَّمْرَ , فَأَبِيعُهُ بِرِبْحِ الْآصُعِ , فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا اشْتَرَيْتَ فَاكْتَلْ , وَإِذَا بِعْتَ فَكِلْ "
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ ، ح وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو الْأَسْوَدِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدٍ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ، يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ كُنْتُ أَشْتَرِي التَّمْرَ , فَأَبِيعُهُ بِرِبْحِ الْآصُعِ , فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا اشْتَرَيْتَ فَاكْتَلْ , وَإِذَا بِعْتَ فَكِلْ فَكَانَ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا مُكَايَلَةً , فَبَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَكْتَالَهُ , لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ , فَإِذَا ابْتَاعَهُ , فَاكْتَالَهُ وَقَبَضَهُ , ثُمَّ فَارَقَ بَيِّعَهُ , فَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ , أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ إِلَى إِعَادَةِ الْكَيْلِ وَخُولِفَ بَيْنَ اكْتِيَالِهِ إِيَّاهُ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ , وَبَيْنَ اكْتِيَالِهِ إِيَّاهُ قَبْلَ الْبَيْعِ . فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا اكْتَالَهُ اكْتِيَالًا , يَحِلُّ لَهُ بَيْعُهُ , فَقَدْ كَانَ ذَلِكَ الِاكْتِيَالُ مِنْهُ , وَهُوَ لَهُ مَالِكٌ . وَإِذَا اكْتَالَهُ اكْتِيَالًا , لَا يَحِلُّ لَهُ بَيْعُهُ , فَقَدْ كَالَهُ وَهُوَ غَيْرُ مَالِكٍ لَهُ . فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا , وُقُوعُ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ بِابْتِيَاعِهِ إِيَّاهُ , قَبْلَ فُرْقَةٍ تَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ . فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ , مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ . وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْأَمْوَالَ تُمْلَكُ بِعُقُودٍ , فِي أَبْدَانٍ , وَفِي أَمْوَالٍ , وَفِي مَنَافِعَ , وَفِي أَبْضَاعٍ . فَكَانَ مَا يُمْلَكُ مِنَ الْأَبْضَاعِ , هُوَ النِّكَاحُ , فَكَانَ ذَلِكَ يَتِمُّ بِالْعَقْدِ , لَا بِفُرْقَةٍ بَعْدَهُ . وَكَانَ مَا يُمْلَكُ بِهِ الْمَنَافِعُ , هُوَ الْإِجَارَاتِ , فَكَانَ ذَلِكَ مَمْلُوكًا بِالْعَقْدِ , لَا بِالْفُرْقَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ . فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ , أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ الْأَمْوَالُ الْمَمْلُوكَةُ , بِسَائِرِ الْعُقُودِ , مِنَ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهِمَا , تَكُونُ مَمْلُوكَةً بِالْأَقْوَالِ , لَا بِالْفُرْقَةِ بَعْدَهَا قِيَاسًا وَنَظَرًا , عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ . وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ