عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : " لَقَدْ كَانَ فِيهَا رَاشِدًا تَابِعًا لِلْحَقِّ " .
وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ مَالِكٍ , وَغَيْرِ وَاحِدٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : لَقَدْ كَانَ فِيهَا رَاشِدًا تَابِعًا لِلْحَقِّ . ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَيُّوبَ : فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَلِيتُهَا بَعْدَهُ , فَقَوِيتُ عَلَيْهَا فَأَدَّيْتَ فِيهَا الْأَمَانَةَ , وَزَعَمَ هَذَا أَنِّي خُنْتُ , وَلَا فَجَرْتُ , وَلَا تِيكَ الْكَلِمَةُ وَفِي حَدِيثِ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِيِّ : وَلَقَدْ كُنْتَ فِيهَا رَاشِدًا تَابِعًا لِلْحَقِّ , ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ عِكْرِمَةَ : ثُمَّ أَتَيَانِي فَقَالَا : ادْفَعْ إِلَيْنَا صَدَقَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا , فَقَالَ هَذَا لِهَذَا : أَعْطِنِي نَصِيبِي مِنَ ابْنِ أَخِي , وَقَالَ هَذَا لِهَذَا : أَعْطِنِي نَصِيبِي مِنَ امْرَأَتِي مِنْ أَبِيهَا , وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَا يُورَثُ ، مَا تَرَكَ صَدَقَةٌ , وَفِي حَدِيثِ عَمْرٍو , عَنِ الزُّهْرِيِّ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّا لَا نُورَثُ ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ عِكْرِمَةَ , ثُمَّ تَلَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : {{ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا }} الْآيَةَ , فَهَذِهِ لِهَؤُلَاءِ , ثُمَّ تَلَا : {{ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى }} إِلَى آخَرِ الْآيَةِ , ثُمَّ قَالَ : وَهَذِهِ لِهَؤُلَاءِ , وَفِي حَدِيثِ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : {{ وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ }} إِلَى آخَرِ الْآيَةِ فَكَانَتْ هَذِهِ خَاصَّةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ فِيهِ خَيْلًا وَلَا رِكَابًا , فَكَانَ يَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ قُوتَهُ وَقُوتَ أَهْلِهِ , وَيَجْعَلُ بَقِيَّةَ الْمَالِ لِأَهْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَيُّوبَ , ثُمَّ تَلَا {{ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى }} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ , ثُمَّ {{ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ }} حَتَّى بَلَغَ {{ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ }} فَهَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ , ثُمَّ قَرَأَ : {{ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ }} حَتَّى بَلَغَ : {{ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }} قَالَ : فَهَؤُلَاءِ الْأَنْصَارُ , قَالَ : ثُمَّ قَرَأَ : {{ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ }} حَتَّى بَلَغَ {{ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }} , فَهَذِهِ الْآيَةُ اسْتَوْعَبَتِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا لَهُ حَقٌّ , إِلَّا مَا يَمْلِكُونَ مِنْ رَقِيقِكُمْ , فَإِنْ أَعِشْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا سَآتِيهِ حَقَّهُ , حَتَّى رَاعِي الثُّلَّةِ يَأْتِيهِ حَظُّهُ , أَوْ قَالَ : حَقُّهُ . قَالَ : فَهَذَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ تَلَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ : {{ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى }} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ , ثُمَّ قَالَ : وَهَذِهِ لِهَؤُلَاءِ , فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى قَدْ كَانَ ثَابِتًا عِنْدَهُ لَهُمْ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَمَا كَانَ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِ قِيلَ لَهُ : لَيْسَ فِيمَا ذَكَرْتَ , عَلَى مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ , وَكَيْفَ يَكُونُ لَكَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ , وَقَدْ كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِلَى نَجْدَةَ حِينَ كَتَبَ , يَسْأَلُهُ عَنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى : قَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ دَعَانَا إِلَى أَنْ يُنْكَحَ مِنْهُ أَيِّمُنَا وَيَكْسُو مِنْهُ عَارِينَا , فَأَبَيْنَا عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَهُ لَنَا كُلَّهُ , فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا , فَهَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُخْبِرُ أَنَّ عُمَرَ أَبَى عَلَيْهِمْ دَفْعَ السَّهْمِ إِلَيْهِمْ , لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ لَهُمْ , فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ عَلَيْهِ فِيمَا رَوَى عَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ غَيْرَ ذَلِكَ ؟ وَلَكِنْ مَعْنَى مَا رَوَى عَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ : فَهَذِهِ لِهَؤُلَاءِ , أَيْ : فَهِيَ لَهُمْ عَلَى مَعْنَى مَا جَعَلَهَا اللَّهُ لَهُمْ فِي وَقْتِ إِنْزَالِهِ الْآيَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهِمْ , وَعَلَى مِثْلِ مَا عَنَى بِهِ عَزَّ وَجَلَّ , مَا جَعَلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهَا مِنَ السَّهْمِ الَّذِي أَضَافَهُ إِلَيْهِ , فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ السَّهْمُ جَارِيًا لَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ غَيْرَ مُنْقَطِعٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ , بَلْ كَانَ جَارِيًا لَهُ فِي حَيَاتِهِ مُنْقَطِعًا عَنْهُ بِمَوْتِهِ , وَكَذَلِكَ مَا أَضَافَهُ فِيهَا إِلَى ذَوِي قُرْبَاهُ كَذَلِكَ أَيْضًا وَاجِبًا لَهُمْ فِي حَيَاتِهِ , يَضَعُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ , مُرْتَفِعًا بِوَفَاتِهِ , كَمَا لَمْ يَكُنْ قَوْلَ عُمَرَ فَهَذِهِ لِهَؤُلَاءِ , لَا يَجِبُ بِهِ بَقَاءُ سَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي قَالَ فِيهِ مَا قَالَ كَانَ ذَلِكَ قَوْلُهُ , فَهِيَ لِهَؤُلَاءِ لَا يَجِبُ بِهِ بَقَاءُ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي قَالَ فِيهِ مَا قَالَ , مُعَارَضَةً صَحِيحَةً بَاقِيَةً , أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ هَذَا عَنْ عُمَرَ مُخَالِفًا لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى