عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَهُ , فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَسَأَلَهُ عَنِ السَّلَبِ , فَقَالَ " السَّلَبُ مِنَ النَّفْلِ , وَفِي النَّفْلِ الْخُمُسُ
حَدَّثَنَا يُونُسُ , وَرَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ , قَالَا : ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ , قَالَ : أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ , عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَهُ , فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَسَأَلَهُ عَنِ السَّلَبِ , فَقَالَ السَّلَبُ مِنَ النَّفْلِ , وَفِي النَّفْلِ الْخُمُسُ فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَدْ جَعَلَ فِي السَّلَبِ الْخُمُسَ , وَجَعَلَهُ مِنَ الْأَنْفَالِ , وَقَدْ كَانَ عَلِمَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ , مِنْ تَسْلِيمِهِ إِلَى الزُّبَيْرِ سَلَبَ الْقَتِيلِ الَّذِي كَانَ قَتَلَهُ , فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ , لَمْ يَكُنْ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَنْسُوخًا , وَأَنْ مَا قَضَى بِهِ مِنْ سَلَبِ الْقَتِيلِ الَّذِي قَتَلَهُ الزُّبَيْرُ , إِنَّمَا كَانَ لِقَوْلٍ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُ , أَوْ لِمَعْنًى غَيْرِ ذَلِكَ فَهَذَا حُكْمُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ تَصْحِيحِ مَعَانِي الْآثَارِ , وَأَمَّا وَجْهُ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ , فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْإِمَامَ لَوْ بَعَثَ سَرِيَّةً , وَهُوَ فِي دَارِ الْحَرْبِ , وَتَخَلَّفَ هُوَ وَسَائِرُ الْعَسْكَرِ عَنِ الْمُضِيِّ مَعَهَا , فَغَنِمَتْ تِلْكَ السَّرِيَّةُ غَنِيمَةً , كَانَتْ تِلْكَ الْغَنِيمَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ سَائِرِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ , وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا تَوَلَّوْا مَعَهُمْ قِتَالًا , وَلَا تَكُونُ هَذِهِ السَّرِيَّةُ أَوْلَى بِمَا غَنِمَتْ , مِنْ سَائِرِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ , وَإِنْ كَانَتْ قَاتَلَتْ حَتَّى كَانَ عَنْ قِتَالِهَا مَا غَنِمَتْ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ نَفَّلَ تِلْكَ السَّرِيَّةَ , لَمَّا بَعَثَهَا , الْخُمُسَ مِمَّا غَنِمَتْ , كَانَ ذَلِكَ لَهَا عَلَى مَا نَفَّلَهَا إِيَّاهُ الْإِمَامُ , وَكَانَ مَا بَقِيَ مِمَّا غَنِمَتْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَائِرِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ فَكَانَتِ السَّرِيَّةُ الْمَبْعُوثَةُ لَا تَسْتَحِقُّ مِمَّا غَنِمَتْ دُونَ سَائِرِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ إِلَّا مَا خَصَّهَا بِهِ الْإِمَامُ دُونَهُمْ فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ , أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ كُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ فِي دَارِ الْحَرْبِ , لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ شَيْئًا مِمَّا تَوَلَّى أَخْذَهُ مِنْ أَسْلَابِ الْقَتْلَى وَغَيْرِهَا , إِلَّا كَمَا يَسْتَحِقُّ مِنْهُ سَائِرُ أَهْلِ الْعَسْكَرِ , إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ نَفَّلَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا , فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ بِتَنْفِيلِ الْإِمَامِ لَا بِغَيْرِ ذَلِكَ فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ , وَقَدْ