عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : عَرَضَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ ، فَاسْتَصْغَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَجَازَنَا يَوْمَ أُحُدٍ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ : ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : عَرَضَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ ، فَاسْتَصْغَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ثُمَّ أَجَازَنَا يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَجَازَ ابْنَ عُمَرَ يَوْمَ أُحُدٍ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً ، فَخَالَفَ ذَلِكَ مَا رَوَيْنَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَلَمَّا انْتَفَى أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ ، الْتَمَسْنَا حُكْمَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ ، لِنَسْتَخْرِجَ مِنَ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَحَدِهِمَا ، وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى الْآخَرِ مِنْهُمَا , قَوْلًا صَحِيحًا , فَاعْتَبَرْنَا ذَلِكَ , فَرَأَيْنَا اللَّهَ قَدْ جَعَلَ عِدَّةَ الْمَرْأَةِ , إِذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ , ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ، وَجَعَلَ عِدَّتَهَا إِذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ , مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ , ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ، فَجَعَلَ بَدَلًا مِنْ حَيْضَةٍ شَهْرًا , وَقَدْ تَكُونُ الْمَرْأَةُ تَحِيضُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ , وَفِي آخِرِهِ فَيَجْتَمِعُ لَهَا فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ حَيْضَتَانِ , وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَ حَيْضَتَيْهَا شَهْرَانِ أَوْ أَكْثَرُ ، فَجَعَلَ الْخَلَفَ فِي الْحَيْضَةِ عَنْ أَغْلَبِ أُمُورِ النِّسَاءِ , لِأَنَّ أَكْثَرَهُنَّ تَحِيضُ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةً وَاحِدَةً , فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَرَأَيْنَا الِاحْتِلَامَ يَجِبُ بِهِ لِلصَّبِيِّ حُكْمُ الْبَالِغِينَ , فَإِذَا عُدِمَ الِاحْتِلَامُ , وَأُجْمِعَ أَنَّ هُنَاكَ خَلَفًا مِنْهُ , فَقَالَ قَوْمٌ : هُوَ بُلُوغُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً , وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ مِنَ السِّنِينَ , جُعِلَ ذَلِكَ الْخَلَفُ عَلَى أَغْلَبِ مَا يَكُونُ فِيهِ الِاحْتِلَامُ , فَهُوَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً , لِأَنَّ أَكْثَرَ الِاحْتِلَامِ احْتِلَامُ الصِّبْيَانِ , وَحَيْضُ النِّسَاءِ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ , يَكُونُ , وَلَا يُجْعَلُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ , وَلَا عَلَى أَكْثَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْخَاصِّ , وَلَا نَعْتَبِرُ حُكْمَ الْخَاصِّ فِي ذَلِكَ , وَلَكِنْ نَعْتَبِرُ أَمْرَ الْعَامِّ , كَمَا لَمْ نَعْتَبِرْ أَمْرَ الْخَاصِّ فِيمَا جُعِلَ خَلَفًا فِي الْحَيْضِ , وَاعْتُبِرَ أَمْرُ الْعَامِّ , فَثَبَتَ بِالنَّظَرِ الصَّحِيحِ فِي هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ , مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ , بِالنَّظَرِ لَا بِالْأَثَرِ , وَانْتَفَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا , وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي هَذَا نَحْوٌ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ الَّذِي رَوَاهُ , أَبُو يُوسُفَ عَنْهُ