سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ دُعَاءِ الدَّيْلَمِ فَقَالَ : قَدْ عَلِمُوا مَا الدُّعَاءُ
وَإِذَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ , عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ , قَالَ : سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ دُعَاءِ الدَّيْلَمِ فَقَالَ : قَدْ عَلِمُوا مَا الدُّعَاءُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَبَيَّنَ مَا رَوَيْنَا مِنْ هَذَا , أَنَّ الدُّعَاءَ إِنَّمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ , لِأَنَّ النَّاسَ حِينَئِذٍ , لَمْ تَكُنِ الدَّعْوَةُ بَلَغَتْهُمْ , وَلَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ عَلَى مَا يُقَاتَلُونَ عَلَيْهِ , فَأَمَرَ بِالدُّعَاءِ , لِيَكُونَ ذَلِكَ تَبْلِيغًا لَهُمْ , وَإِعْلَامًا لَهُمْ مَا يُقَاتَلُونَ عَلَيْهِ , ثُمَّ أَمَرَ بِالْغَارَةِ عَلَى آخَرِينَ , فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا لِمَعْنًى لَمْ يَحْتَاجُوا مَعَهُ إِلَى الدُّعَاءِ , لِأَنَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا مَا يُدْعَوْنَ إِلَيْهِ لَوْ دُعُوا وَمَا لَوْ أَجَابُوا إِلَيْهِ لَمْ يُقَاتَلُوا , فَلَا مَعْنًى لِلدُّعَاءِ . وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٌ , رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ يَقُولُونَ كُلُّ قَوْمٍ قَدْ بَلَغَتْهُمُ الدَّعْوَةُ , فَأَرَادَ الْإِمَامُ قِتَالَهُمْ , فَلَهُ أَنْ يُغِيرَ عَلَيْهِمْ , وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْعُوَهُمْ , وَكُلُّ قَوْمٍ لَمْ تَبْلُغْهُمُ الدَّعْوَةُ , فَلَا يَنْبَغِي قِتَالُهُمْ , حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمُ الْمَعْنَى الَّذِي عَلَيْهِ يُقَاتَلُونَ , وَالْمَعْنَى الَّذِي إِلَيْهِ يُدْعَوْنَ . وَقَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي الْمُرْتَدِّ عَنِ الْإِسْلَامِ , أَيُسْتَتَابُ أَمْ لَا ؟ فَقَالَ قَوْمٌ : إِنِ اسْتَتَابَ الْإِمَامُ الْمُرْتَدَّ , فَهُوَ أَحْسَنُ , فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ . وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ , رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . وَقَالَ الْآخَرُونَ : لَا يُسْتَتَابُ , وَجَعَلُوا حُكْمَهُ كَحُكْمِ الْحَرْبِيِّينَ - عَلَى مَا ذَكَرْنَا - مِنْ بُلُوغِ الدَّعْوَةِ إِيَّاهُمْ , وَمِنْ تَقْصِيرِهَا عَنْهُمْ . وَقَالُوا : إِنَّمَا تَجِبُ الِاسْتِتَابَةُ لِمَنْ خَرَجَ عَنِ الْإِسْلَامِ , لَا عَنْ بَصِيرَةٍ مِنْهُ بِهِ , فَأَمَّا مَنْ خَرَجَ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ , فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ . وَهَذَا قَوْلٌ , قَالَ بِهِ أَبُو يُوسُفَ , فِي كِتَابِ الْإِمْلَاءِ قَالَ أَقْتُلُهُ وَلَا أَسْتَتِيبُهُ , إِلَّا أَنَّهُ إِنْ بِدَرَنِي بِالتَّوْبَةِ , خَلَّيْتُ سَبِيلَهُ , وَوَكَلْتُ أَمْرَهُ إِلَى اللَّهِ وَقَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي يُوسُفَ بِذَلِكَ أَيْضًا . وَقَدْ رُوِيَ فِي اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّ وَفِي تَرْكِهَا , اخْتِلَافٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ