عَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ : مَا وَصَلْتُ إِلَيْكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَّا بِغُنْيَةٍ لِي أَوْ بِقُنْيَةٍ أَعْزِلُ عَنْهَا أُرِيدُ بِهَا السُّوقَ فَقَالَ : " جَاءَهَا مَا قُدِّرَ "
حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : ثنا أَبُو غَسَّانَ قَالَ : ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ , عَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ : مَا وَصَلْتُ إِلَيْكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَّا بِغُنْيَةٍ لِي أَوْ بِقُنْيَةٍ أَعْزِلُ عَنْهَا أُرِيدُ بِهَا السُّوقَ فَقَالَ : جَاءَهَا مَا قُدِّرَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَيْضًا , مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَزْلَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ ; لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمَّا أَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَهُ , لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , وَلَمْ يَنْهَهُمْ عَنْهُ وَقَالَ : لَا عَلَيْكُمْ أَلَّا تَفْعَلُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ الْقَدَرُ . أَيْ : فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا كَانَ قَدْ قَدَّرَ أَنَّهُ يَكُونُ ذَلِكَ , كَانَ ذَلِكَ الْوَلَدُ , وَلَمْ يَمْنَعْهُ عَزْلٌ وَلَا غَيْرُهُ , لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَعَ الْعَزْلِ إِفْضَاءٌ بِقَلِيلِ الْمَاءِ الَّذِي قَدْ قَدَّرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ وَلَدٌ , فَيَكُونُ مِنْهُ وَلَدٌ , وَيَكُونُ مَا بَقِيَ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي قَدْ يَمْتَنِعُونَ مِنَ الْإِفْضَاءِ بِهِ بِالْعَزْلِ , فَضْلًا . وَقَدْ يَكُونُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَدَّرَ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ مَاءٍ وَلَدٌ , فَيَكُونُ الْإِفْضَاءُ بِذَلِكَ الْمَاءِ وَالْعَزْلُ سَوَاءً فِي أَنْ لَا يَكُونَ مِنْهُ وَلَدٌ . فَكَانَ الْإِفْضَاءُ بِالْمَاءِ لَا يَكُونُ مِنْهُ وَلَدٌ إِلَّا بِأَنْ يَكُونَ فِي تَقْدِيرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ وَلَدٌ , فَيَكُونُ كَمَا قَدَّرَ . وَكَانَ الْعَزْلُ إِذَا كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ فِي تَقْدِيرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ الَّذِي يُعْزَلُ وَلَدٌ ، وَصَّلَ اللَّهُ إِلَى الرَّحِمِ مِنْهُ شَيْئًا , وَإِنْ قَلَّ , فَيَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ فَأَعْلَمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ الْإِفْضَاءَ لَا يَكُونُ بِهِ وَلَدٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ سَبَقَ ذَلِكَ فِي تَقْدِيرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَّ الْعَزْلَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ وَلَدٌ , إِذَا كَانَ قَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ كَائِنٌ , وَلَمْ يَنْهَهُمْ فِي جُمْلَةِ ذَلِكَ عَزْلٌ ثُمَّ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي إِبَاحَتِهِ أَيْضًا