أَعْتَقَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ : ثنا حَمَّادٌ قَالَ : أَعْتَقَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَيُّوبَ فَقَالَ : لَوْ كَانَ أَبَتَّ عِتْقَهَا ؟ فَقُلْتُ : أَلَيْسَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ , وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا ؟ فَقَالَ : لَوْ أَنَّ امْرَأَةً وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ . فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ هِشَامًا , فَأَبَتَّ عِتْقَهَا وَتَزَوَّجَهَا , وَأَصْدَقَهَا أَرْبَعَمِائَةٍ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : قَدْ رَأَيْتُ الرَّجُلَ يُعْتِقُ أَمَتَهُ عَلَى مَالٍ , وَتَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ , فَتَكُونُ حُرَّةً , وَيَجِبُ لَهُ عَلَيْهَا ذَلِكَ الْمَالُ , فَمَا تُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ إِذَا أَعْتَقَهَا عَلَى أَنَّ عِتْقَهَا صَدَاقُهَا , فَقَبِلَتْ ذَلِكَ مِنْهُ أَنْ تَكُونَ حُرَّةً , وَيَجِبُ لَهُ ذَلِكَ الْمَالُ عَلَيْهَا ؟ قِيلَ لَهُ : إِذَا أَعْتَقَهَا عَلَى مَالٍ , فَقَبِلَتْ ذَلِكَ مِنْهُ , وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ الْعَتَاقُ , وَوَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا الْمَالُ , فَوَجَبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِذَلِكَ الْعَقْدِ الَّذِي تَعَاقَدَا بَيْنَهُمَا شَيْءٌ أَوْجَبَهُ لَهُ ذَلِكَ الْعَقْدُ , لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ . وَإِذَا أَعْتَقَهَا عَلَى أَنَّ عِتْقَهَا صَدَاقُهَا , فَقَدْ مَلَّكَهَا رَقَبَتَهَا , عَلَى أَنْ مَلَّكَتْهُ بُضْعَهَا , فَمَلَّكَهَا رَقَبَةً هُوَ لَهَا مَالِكٌ , وَلَمْ تَكُنْ هِيَ مَالِكَةً لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ مَلَّكَتْهُ بُضْعَهَا هُوَ لَهُ مَالِكٌ قَبْلَ ذَلِكَ , فَلَمْ تُمَلِّكْهُ بِذَلِكَ الْعَتَاقِ شَيْئًا , لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ قَبْلَهُ إِنَّمَا مَلَّكَتْهُ بَعْضَ مَا قَدْ كَانَ لَهُ . فَكَذَلِكَ لَمْ يَجِبْ لَهُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ الْعَتَاقِ شَيْءٌ , وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْعَتَاقُ لَهَا صَدَاقًا . هَذِهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ يَقُولُ تَكُونُ زَوْجَةً لَهُ بِالْعَتَاقِ الَّذِي هُوَ لَهَا صَدَاقٌ . فَأَمَّا مَنْ يَقُولُ : لَا تَكُونُ زَوْجَتَهُ إِلَّا بِنِكَاحٍ مُسْتَأْنَفٍ بَعْدَ الْعَتَاقِ , وَالصَّدَاقُ لَهُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا بِالْعَتَاقِ , وَيَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهِ مَتَى أَحَبَّ , فَإِنَّ الْحُجَّةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ لَهُ : فَلِمُعْتِقِهَا أَنْ يَأْخُذَهَا بِغُرْمِ ذَلِكَ الصَّدَاقِ الَّذِي قَدْ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا بِالْعَتَاقِ . فَإِنْ قَالَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِهِ , خَرَجَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا . وَإِنْ قَالَ : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِهِ , قِيلَ لَهُ : فَمَا الصَّدَاقُ الَّذِي أَوْجَبَ لَهُ عَلَيْهَا الْعَتَاقَ ؟ أَمَالٌ هُوَ أَمْ غَيْرُ مَالٍ ؟ فَإِنْ كَانَ مَالًا , فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِمَا لَهُ عَلَيْهَا مِنَ الْمَالِ مَتَى أَحَبَّ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَالٍ , فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِ مَالٍ . فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا , وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ