عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنَّا مَعَ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا , قُرِّبَ إِلَيْهِمْ طَعَامٌ قَالَ : " فَرَأَيْتُ جَفْنَةً كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرَاقِيبِ الْيَعَاقِيبِ , فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَامَ , فَقَامَ مَعَهُ نَاسٌ قَالَ فَقِيلَ : وَاللَّهِ مَا أَشَرْنَا , وَلَا أَمَرْنَا , وَلَا صِدْنَا فَقِيلَ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا قَامَ هَذَا وَمَنْ مَعَهُ إِلَّا كَرَاهِيَةً لِطَعَامِكَ فَدَعَاهُ فَقَالَ : مَا كَرِهْتَ مِنْ هَذَا ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {{ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ , وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا " }}
وَقَدِ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ الْمُخَالِفُونَ لِهَذَا الْقَوْلِ , بِمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ : ثنا حَجَّاجٌ قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنَّا مَعَ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا , قُرِّبَ إِلَيْهِمْ طَعَامٌ قَالَ : فَرَأَيْتُ جَفْنَةً كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرَاقِيبِ الْيَعَاقِيبِ , فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَامَ , فَقَامَ مَعَهُ نَاسٌ قَالَ فَقِيلَ : وَاللَّهِ مَا أَشَرْنَا , وَلَا أَمَرْنَا , وَلَا صِدْنَا فَقِيلَ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا قَامَ هَذَا وَمَنْ مَعَهُ إِلَّا كَرَاهِيَةً لِطَعَامِكَ فَدَعَاهُ فَقَالَ : مَا كَرِهْتَ مِنْ هَذَا ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {{ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ , وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا }} ثُمَّ انْطَلَقَ قَالَ : فَذَهَبَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى أَنَّ الصَّيْدَ وَلَحْمَهُ حَرَامٌ عَلَى الْمُحْرِمِ قِيلَ لَهُمْ : فَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ , وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمَا يُوَافِقُ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا }} يَحْتَمِلُ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنْهُ , هُوَ أَنْ يَصِيدُوهُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ }} فَنَهَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَنْ قَتْلِ الصَّيْدِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِمُ الْجَزَاءَ فِي قَتْلِهِمْ إِيَّاهُ فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الَّذِي حُرِّمَ عَلَى الْمُحْرِمِينَ مِنَ الصَّيْدِ , هُوَ قَتْلُهُ وَقَدْ رَأَيْنَا النَّظَرَ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى هَذَا , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّ الصَّيْدَ يُحَرِّمُهُ الْإِحْرَامُ عَلَى الْمُحْرِمِ , وَيُحَرِّمُهُ الْحَرَمُ عَلَى الْحَلَالِ وَكَانَ مَنْ صَادَ صَيْدًا فِي الْحِلِّ فَذَبَحَهُ فِي الْحِلِّ , ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ , فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ إِيَّاهُ فِي الْحَرَمِ وَلَمْ يَكُنْ إِدْخَالُهُ لَحْمَ الصَّيْدِ الْحَرَمَ كَإِدْخَالِهِ الصَّيْدَ نَفْسَهُ وَهُوَ حَيُّ الْحَرَمِ , لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ , لَنَهَى عَنْ إِدْخَالِهِ وَلَصَنَعَ مِنْ أَكْلِهِ إِيَّاهُ فِيهِ كَمَا يُمْنَعُ مِنَ الصَّيْدِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ , وَلَكَانَ إِذَا أَكَلَهُ فِي الْحَرَمِ , وَجَبَ عَلَيْهِ مَا وَجَبَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ فَلَمَّا كَانَ الْحَرَمُ لَا يَمْنَعُ مِنْ لَحْمِ الصَّيْدِ الَّذِي صِيدَ فِي الْحِلِّ , كَمَا يَمْنَعُ مِنَ الصَّيْدِ الْحَيِّ , كَانَ النَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ الْإِحْرَامُ أَيْضًا , يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ الصَّيْدُ الْحَيُّ , وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لَحْمُهُ إِذَا تَوَلَّى الْحَلَالُ ذَبْحَهُ , قِيَاسًا , وَنَظَرًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ حُكْمِ الْمُحْرِمِ فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى