" عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رُكُوبِ الْهَدْيِ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيْهَا , حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا "
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ , قَالَ : ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , قَالَا : ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رُكُوبِ الْهَدْيِ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيْهَا , حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا فَأَبَاحَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رُكُوبَهَا فِي حَالِ الضَّرُورَةِ , وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ إِذَا ارْتَفَعَتِ الضَّرُورَةُ وَوُجِدَ غَيْرُهَا فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ هَذَا حُكْمُ الْهَدْيِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ , تُرْكَبُ لِلضَّرُورَاتِ , وَتُتْرَكُ لِارْتِفَاعِ الضَّرُورَاتِ ثُمَّ اعْتَبَرْنَا حُكْمَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , كَيْفَ هُوَ ؟ فَرَأَيْنَا الْأَشْيَاءَ عَلَى ضَرْبَيْنِ فَمِنْهَا مَا الْمِلْكُ فِيهِ مُتَكَامِلٌ , لَمْ يَدْخُلْهُ شَيْءٌ يُزِيلُ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الْمِلْكِ , كَالْعَبْدِ الَّذِي لَمْ يُدَبِّرْهُ مَوْلَاهُ , وَكَالْأَمَةِ الَّتِي لَمْ تَلِدْ مِنْ مَوْلَاهَا , وَكَالْبَدَنَةِ الَّتِي لَمْ يُوجِبْهَا صَاحِبُهَا فَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ بَيْعُهُ , وَجَائِزٌ الِانْتِفَاعُ بِهِ , وَجَائِزٌ تَمْلِيكُ مَنَافِعِهِ بِإِبْدَالٍ , وَبِلَا إِبْدَالٍ وَمِنْهَا مَا قَدْ دَخَلَهُ شَيْءٌ مَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ وَلَمْ يَزُلْ عَنْهُ حُكْمُ الِانْتِفَاعِ بِهِ , مِنْ ذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ الَّتِي لَا يَجُوزُ لِمَوْلَاهَا بَيْعُهَا , وَالْمُدَبَّرُ فِي قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى بَيْعَهُ فَذَلِكَ لَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ وَبِتَمْلِيكِ مَنَافِعِهِ لِلَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا بِبَدَلٍ , أَوْ بِلَا بَدَلٍ فَكَانَ مَالُهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ , فَلَهُ أَنْ يَمْلِكَ مَنَافِعَهُ مَنْ شَاءَ بِإِبْدَالٍ , وَبِلَا إِبْدَالٍ ثُمَّ رَأَيْنَا الْبَدَنَةَ إِذَا أَوْجَبَهَا رَبُّهَا , فَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا وَلَا يَتَعَوَّضَ بِمَنَافِعِهَا بَدَلًا فَلَمَّا كَانَ لَيْسَ لَهُ تَمْلِيكُ مَنَافِعِهَا بِبَدَلٍ , كَانَ كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا , وَلَا يَكُونُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِشَيْءٍ إِلَّا شَيْءٍ لَهُ التَّعَوُّضُ بِمَنَافِعِهِ إِبْدَالًا مِنْهَا فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ أَيْضًا , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ