عَنْ أَنَسٍ , قَالَ : " إِنْ شِئْتَ فَصُمْ , وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ , وَالصَّوْمُ أَفْضَلُ "
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ , قَالَ : ثنا رَوْحٌ , قَالَ : ثنا شُعْبَةُ , قَالَ : سَمِعْتُ عَاصِمًا , يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ , قَالَ : إِنْ شِئْتَ فَصُمْ , وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ , وَالصَّوْمُ أَفْضَلُ وَكَانَ مِمَّا احْتَجَّ بِهِ أَيْضًا أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى فِي دَفْعِهِمُ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ , مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ , مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصِّيَامَ . قَالُوا : فَلَمَّا كَانَ الصِّيَامُ مَوْضُوعًا عَنْهُ , كَانَ إِذَا صَامَهُ , فَقَدْ صَامَهُ , وَهُوَ غَيْرُ مَفْرُوضٍ عَلَيْهِ , فَلَا يُجْزِيهِ . فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لِلْآخَرِينَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الصِّيَامُ الَّذِي وَضَعَهُ عَنْهُ , هُوَ الصِّيَامُ الَّذِي لَا يَكُونُ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ , كَمَا لَا بُدَّ لِلْمُقِيمِ مِنْ ذَلِكَ , وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى . أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ وَعَنِ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ . أَفَلَا تَرَى أَنَّ الْحَامِلَ وَالْمُرْضِعَ إِذَا صَامَتَا رَمَضَانَ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِيهِمَا أَوْ أَنَّهُمَا لَا تَكُونَانِ , كَمَنْ صَامَ قَبْلَ وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ بَلْ جَعَلَ مَا يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَيْهِمَا بِدُخُولِ الشَّهْرِ , فَجَعَلَ لَهُمَا , تَأْخِيرَهُ لِلضَّرُورَةِ وَالْمُسَافِرُ فِي ذَلِكَ مِثْلُهُمَا . وَهَذَا أُولَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ هَذَا الْأَثَرُ , حَتَّى لَا يُضَادَّ غَيْرَهُ مِنَ الْآثَارِ الَّتِي قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ . وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَى أَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى الَّتِي قَدْ ذَكَرْنَاهَا لِأَهْلِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ , الَّتِي وَصَفْنَاهَا ، أَنَّا قَدْ رَأَيْنَاهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ أَبَاحَ لَهُمُ الْإِفْطَارَ فِي السَّفَرِ يَصُومُونَ فِيهِ . فَمِمَّا رُوِيَ فِي ذَلِكَ