عَنْ عَتَّابِ بْنِ أُسَيْدٍ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَخْرُصَ الْعِنَبَ زَبِيبًا , كَمَا يَخْرُصَ الرُّطَبَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ , قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ , قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ , قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , عَنْ عَتَّابِ بْنِ أُسَيْدٍ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَخْرُصَ الْعِنَبَ زَبِيبًا , كَمَا يَخْرُصَ الرُّطَبَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ , أَنَّ الثَّمَرَةَ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ , هَكَذَا حُكْمُهَا , تُخْرَصُ وَهِيَ رُطَبٌ تَمْرًا , فَيُعْلَمُ مِقْدَارُهَا , فَتُسَلَّمُ إِلَى رَبِّهَا , وَيُمْلَكُ بِذَلِكَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا , وَيَكُونُ عَلَيْهِ مِثْلُهَا مَكِيلَةً ذَلِكَ تَمْرًا , وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ فِي الْعِنَبِ , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآثَارِ . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا : لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ التَّمْرَةَ كَانَتْ رُطَبًا فِي وَقْتِ مَا خُرِصَتْ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا . وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَانَتْ رُطَبًا حِينَئِذٍ , فَتُجْعَلُ لِصَاحِبِهَا حَقَّ اللَّهِ فِيهَا بِمَكِيلَةِ ذَلِكَ تَمْرًا يَكُونُ عَلَيْهِ نَسِيئَةً . وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا , وَنَهَى عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ نَسِيئَةً , وَجَاءَتْ بِذَلِكَ عَنْهُ الْآثَارُ الْمَرْوِيَّةُ الصَّحِيحَةُ , قَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا , وَلَمْ يَسْتَثْنِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا . فَلَيْسَ وَجْهُ مَا رَوَيْنَا فِي الْخَرْصِ عِنْدَنَا , عَلَى مَا ذَكَرْتُمْ , وَلَكِنَّ وَجْهَ ذَلِكَ عِنْدَنَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنَّهُ إِنَّمَا أُرِيدَ بِخَرْصِ ابْنِ رَوَاحَةَ , لِيَعْلَمَ بِهِ مِقْدَارَ مَا فِي أَيْدِي كُلِّ قَوْمٍ مِنَ الثِّمَارِ , فَيُؤْخَذُ مِثْلُهُ بِقَدْرِهِ فِي وَقْتِ الصِّرَامِ , لَا أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ مِنْهُ شَيْئًا مِمَّا يَجِبُ لِلَّهِ فِيهِ بِبَدَلٍ لَا يَزُولُ ذَلِكَ الْبَدَلُ عَنْهُمْ . وَكَيْفَ يَجُوزُ ذَلِكَ ؟ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تُصِيبَ بَعْدَ ذَلِكَ آفَةٌ فَتُتْلِفَهَا , أَوْ نَارٌ فَتُحْرِقَهَا , فَتَكُونُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ صَاحِبِهَا بَدَلًا مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا مَأْخُوذًا مِنْهُ , بَدَلًا مِمَّا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ . وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا أُرِيدَ بِذَلِكَ الْخَرْصِ مَا ذَكَرْنَا , وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَتَّابِ بْنِ أُسَيْدٍ , فَهُوَ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا