سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَذْكُرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " فِيمَا سَقَتِ الْأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشُورُ , وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشُورِ "
حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ , أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَذْكُرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : فِيمَا سَقَتِ الْأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشُورُ , وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشُورِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَعَلَ فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ مَا ذُكِرَ فِيهَا , وَلَمْ يُقَدِّرْ فِي ذَلِكَ مِقْدَارًا . فَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ مَا خَرَجَ مِنَ الْأَرْضِ , قَلَّ أَوْ كَثُرَ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مِمَّنْ يَذْهَبُ إِلَى قَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ : إِنَّ هَذِهِ الْآثَارَ الَّتِي رَوَيْتَهَا فِي هَذَا الْفَصْلِ , غَيْرُ مُضَادَّةٍ لِلْآثَارِ الَّتِي رَوَيْتَهَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ , إِلَّا أَنَّ الْأُولَى مُفَسَّرَةٌ , وَهَذِهِ مُجْمَلَةٌ , فَالْمُفَسَّرُ مِنْ ذَلِكَ أَوْلَى مِنَ الْمُجْمَلِ قِيلَ لَهُ : هَذَا مُحَالٌ , لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَخْبَرَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ , أَنَّ ذَلِكَ الْوَاجِبَ مِنَ الْعُشْرِ , أَوْ نِصْفِ الْعُشْرِ , فِيمَا يُسْقَى بِالْأَنْهَارِ أَوْ بِالْعُيُونِ أَوْ بِالرِّشَاءِ أَوْ بِالدَّالِيَةِ , فَكَانَ وَجْهُ الْكَلَامِ عَلَى كُلِّ مَا خَرَجَ مِمَّا سُقِيَ بِذَلِكَ . وَقَدْ رَوَيْتُمْ أَنْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ رَدَّ مَاعِزًا عِنْدَمَا جَاءَ , فَأَقَرَّ عِنْدَهُ بِالزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ , ثُمَّ رَجَمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ . وَرَوَيْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ لِأُنَيْسٍ : اغْدُهْ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا , فَإِنِ اعْتَرَفَتْ , فَارْجُمْهَا . فَجَعَلْتُمْ هَذَا دَلِيلًا , عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْإِقْرَارِ بِالزِّنَا مَرَّةً وَاحِدَةً , لِأَنَّ ذَلِكَ ظَاهِرُ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا . وَلَمْ تَجْعَلُوا حَدِيثَ مَاعِزٍ الْمُفَسَّرَ , قَاضِيًا عَلَى حَدِيثِ أُنَيْسٍ الْمُجْمَلِ , فَيَكُونُ الِاعْتِرَافُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ أُنَيْسٍ الْمُجْمَلِ , هُوَ الِاعْتِرَافَ الْمَذْكُورَ فِي حَدِيثِ مَاعِزٍ الْمُفَسَّرِ . فَإِذْ كُنْتُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ هَذَا فِيمَا ذَكَرْنَا , فَمَا تُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ فَعَلَ فِي أَحَادِيثِ الزَّكَوَاتِ مَا وَصَفْنَا , بَلْ حَدِيثُ أُنَيْسٍ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى حَدِيثِ مَاعِزٍ , لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ الِاعْتِرَافَ . وَإِقْرَارُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً لَيْسَ هُوَ اعْتِرَافًا بِالزِّنَا الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مُخَالِفِكُمْ . وَحَدِيثُ مُعَاذٍ وَابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي الزَّكَاةِ , إِنَّمَا فِيهِ ذِكْرُ إِيجَابِهَا فِيمَا سُقِيَ بِكَذَا , وَفِيمَا سُقِيَ بِكَذَا . فَذَلِكَ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مُضَادًّا لِمَا فِيهِ ذِكْرُ الْأَوْسَاقِ , مِنْ حَدِيثِ أُنَيْسٍ , لِحَدِيثِ مَاعِزٍ . وَقَدْ حُمِلَ حَدِيثُ مُعَاذٍ وَجَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , عَلَى مَا ذَكَرْنَا , وَذَهَبَ فِي مَعْنَاهُ إِلَى مَا وَصَفْنَا , إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ , وَمُجَاهِدٌ