خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَأَنَا مَعَهُ عَلَى جِنَازَةٍ فَرَأَى مَعَهَا نِسَاءً , فَوَقَفَ ثُمَّ قَالَ : " رُدَّهُنَّ , فَإِنَّهُنَّ فِتْنَةُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ " ثُمَّ مَضَى , فَمَشَى خَلْفَهَا . فَقُلْتُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , كَيْفَ الْمَشْيُ فِي الْجِنَازَةِ ؟ . أَمَامَهَا أَمْ خَلْفَهَا ؟ . فَقَالَ : " أَمَا تَرَانِي أَمْشِي خَلْفَهَا "
وَقَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ : ثنا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ الْبَهْرَانِيُّ , فَقَالَ : ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ , عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ , عَنْ نَافِعٍ , قَالَ : خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَأَنَا مَعَهُ عَلَى جِنَازَةٍ فَرَأَى مَعَهَا نِسَاءً , فَوَقَفَ ثُمَّ قَالَ : رُدَّهُنَّ , فَإِنَّهُنَّ فِتْنَةُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ ثُمَّ مَضَى , فَمَشَى خَلْفَهَا . فَقُلْتُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , كَيْفَ الْمَشْيُ فِي الْجِنَازَةِ ؟ . أَمَامَهَا أَمْ خَلْفَهَا ؟ . فَقَالَ : أَمَا تَرَانِي أَمْشِي خَلْفَهَا فَهَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْمَشْيِ فِي الْجِنَازَةِ , أَجَابَ سَائِلَهُ , إِنَّهُ خَلْفَهَا , وَهُوَ الَّذِي رَوَيْنَا عَنْهُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يَمْشِي أَمَامَهَا . فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ التَّخْفِيفِ عَلَى النَّاسِ , لِيُعَلِّمَهُمْ أَنَّ الْمَشْيَ خَلَفَ الْجِنَازَةِ , وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمَشْيِ أَمَامَهَا , لَيْسَ هُوَ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ , وَلَا مِمَّا يُحْرَجُ تَارِكُهُ , وَلَكِنَّهُ مِمَّا لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ , وَيَفْعَلَ غَيْرَهُ . وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ ذَلِكَ , , فَرَوَى عَنْهُ سَالِمٌ أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ . فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى إِبَاحَةِ الْمَشْيِ أَمَامَهَا , لَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنَ الْمَشْيِ خَلْفَهَا , ثُمَّ رَوَى عَنْهُ نَافِعٌ أَنَّهُ مَشَى خَلْفَهَا . فَدَلَّ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى إِبَاحَتِهِ الْمَشْيَ خَلْفَهَا , لَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ . فَلَمَّا سَأَلَهُ , أَخْبَرَهُ بِالْمَشْيِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِي الْجِنَازَةِ خَلْفَهَا , عَلَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ . وَقَدْ رَوَيْنَا فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَهُمْ بِاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ , وَالْأَغْلَبُ مِنْ مَعْنَى ذَلِكَ , هُوَ الْمَشْيُ خَلْفَهَا أَيْضًا . فَصَارَ بِذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْجِنَازَةِ , اتِّبَاعُهَا وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهَا يَكُونُ فِي صَلَاتِهِ عَلَيْهَا مُتَأَخِّرًا عَنْهَا . فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمُتَّبِعُ لَهَا فِي اتِّبَاعِهِ لَهَا , مُتَأَخِّرًا عَنْهَا , فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ مَعَ مَا قَدْ وَافَقَهُ مِنَ الْآثَارِ